مكة المكرمة، المدينة المنورة الشرق شدَّد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس في خطبة الجمعة من المسجد الحرام اليوم، أنه من الواجب الوقوف بحزم وعزم في التعامل مع الأفَّاكين، الذين يشككون في الدين الإسلامي. مؤكداً أن الدين الإسلامي دين الجلال والكمال، لا يقبل التشكيك أو التقليل أو حتى المزايدة، ولا يصح بل ولا يُقبل من أحدٍ أن يتنقصه، أو يسيء إليه، فهو دين الله الذي ارتضاه للعباد، وشريعته إلى يوم المعاد (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً). وقال: لا يجوز أن نعطي آذاناً لكل من هَبَّ ودَبّ، أو تطاول بعنقه واشْرَأَبْ، فكيف بمن افترستهم أفكار الضلال، واستقطبتهم موجات الوبال، وضج العالم من جرائِمِهِمْ، وعانت الأمة من أحقادهم وجَرَائِرِهِمْ، ، يتوارى قادتهم خلف شعاراتٍ بَرَّاقة، فأقوالهم كَهَذَيَانِ المَحْمُوم، وأثقلُ من الجَنْدَل، وأَمَرُّ من الحَنْظَل، ومن شناعات أولئك؛ استغلالهم وسائل الإعلام الجديد في النَّيْل من الدين القويم، وبلاد الحرمين ومقدساتها، وقياداتها المخلصة، وعلمائها الربانيين، ورموزها الثقاة، في حرب إعلامية قذرة، تذكي الحروب والصراعات، وتعتمد الشائعات والمزايدات، مما يجب أن يُتَصَدَّى له بخطط إعلامية محكمة وقوية وعالمية لإحقاق الحق ودحر الضلال والباطل. وأضاف: أنه منذ بعثة النبي عليه السلام-، وأمة الإسلام المرهوبة تُعَاني ممن يتلوَّنون تَلَوُّن الحِرْبَاء، وينفثون سمومهم كالحَيَّة الرَّقْطَاء، ينتسبون إلى دِينِهَا، وهم خنجر مسموم في ظَهْرِهَا، وطعنات نجلاء في خاصرتها، وأخطر الأعداء وألدّ الأَلِدَّاء؛ من يَتَسَمَّى بالإسلام وهو منه بَرَاء. ودعا السديس إلى وجوب معرفة الضوابط والأصول والمقاصد الشرعية للتمسك بالثوابت في زمن المتغيرات، وللسلامة من عواصف الحيرة، والحفاظ على الهُوية الإسلامية الصحيحة، وحتى يسلم أبناء الأمة مِن نَفَثَاتِ مَنْ يتوشحون رِدَاء الدين وهم هَوَادِي الضالين، وانحرفوا عن أداء واجب الحَقْ، يتاجرون بالدين، ويخالفون سنة سيد المرسلين، يمتطون الإسلام لتحقيق مآرب سياسية وأطماع توسعية خفية. وتساءل: هَلْ يعي ذلك الزَّاعِمُون التَّحَقُّقَ بِالدِّين وهم طعَّانُونَ في فُضلاءِ الأُمَّةِ وأخْيَارِها، مُتَنَقِّصُون لسلفها ورموزها، والأدهى والأَمَرّ مُنَاصَرَتهم البُغَاة الطغاة الذين أحَالُوا شعوبَهم إلى البَوَار، واعْتسَفوهم بِالحديد والنَّار، وغير ذلك مِن مَظَاهِرَ تَخْفى وَرَاءها عُرَرٌ تقْشَعِرُّ لها الأبْدَان، وما أفعالهم في بلاد شتى بِخَافٍ على كل ذي عينين؛ في بَثِّ الفُرْقَة والخلافات والإرهاب والطائفية والعنف وسَفْك الدماء، والأطماع الخفية في المنطقة برمتها، وما المجزرة الوحشية في الغوطة الشرقية عنَّا ببعيد، ولا تسل عن حال إخواننا في الفلوجة الأبية. وقال السديس: إذا كان من سنن الله الكونية وجود بعض الفرق والمناهج الضالة، فلقد سخر الله لدينه من يحميه، ويذود عنه ويفديه، وإن اشتد الوطيس بنفسه وما مَلَكَ يفتديه، وإن من روائع الأمل وبديع التفاؤل ما سَطّرَته يراع بلاد الحرمين الشريفين في هذا المضمار الأَشَمّ من الحزم والعزم لرد عدوان عصابات البغي والطغيان، التي مَرَدَتْ على الظلم والعدوان، ثم التحالف الإسلامي العسكري أداءً لواجب حماية الأمة ممن يعيث في الأرض فسادًا، فكان بفضل الله تحالف خير وبركة على الأمة، وليعلن بجلاء براءة الإسلام من إلصاق تهمة الإرهاب به، لاسيما منهج أهل السنة والجماعة السائرين على عقيدة السلف الصالح رضي الله عنهم -، ومنهج الدعوة التجديدية الإصلاحية في هذه البلاد المباركة، وقد سَطَّرَت عاصفة الحزم ورعد الشمال أنموذجاً مُشَرِّفًا في رَدْعِ الظالم ونصر المظلوم ورد الإرهاب وفلوله، والتصدي لمحاولات نشر العنف والفوضى، والغلو والتطرف. وفي المدينة المنورة بيَّن إمام وخطيب المسجد النبوي، الشيخ الدكتور عبدالمحسن القاسم أن أكرم الخلق عند الله أتقاهم، وأنه سبحانه خلق الجنة دار كرامته، وأعدّها الله لعباده المؤمنين، مورداً قول النبي عليه الصلاة والسلام- ولموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها رواه البخاري، وأفضلها الفردوس، فإنه أعلى الجنة وأوسطها، ومنه تفجّر أنهار الجنة، وفوقه عرش الرحمن، وأفضل نعيم أهل الجنة رؤيته سبحانه، إذ قال -عليه الصلاة والسلام- فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئاً أحبّ إليهم من النظر إلى ربهم عزّ وجلّ رواه مسلم. وذكر أن الله خلق الأماكن وفاضل بينها، وخيرها ما وصل به العبد إلى ربه، وكان أٌرب لنيل رضاه وجنته، ومكة خير أرض الله وأحبّها عليه، بلد حرام، وفيها قبلة المسلمين، وأول مسجد وضع في الأرض، الصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما سواه، جعل الله فيها مناسك عباده، وإليها تهوي القلوب، ويأتيها الخلق من كلّ فجّ عميق، والمدينة مهاجر رسول الله، وبلد حرام، فيها من البركة ضعفاً ما بمكة، والصلاة في مسجدها خير من ألف صلاة فيما سواه، ومن تطهّر في بيته ثم أتى مسجد قباء كان له أجر عمرة، والمسجد الأٌقصى أول القبلتين ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم-، والصلاة فيه عن خمسمائة صلاة، ولا تشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجده -عليه الصلاة والسلام-، وخير البقاع مساجدها، وشرّها أسواقها، مضيفاً أن مجالس الذكر رياض الجنة. وقال القاسم إن الزمان مطية للدار الآخرة، واللبيب من اغتنم أنفسه، مذكّراً بأن أفضل الشهور رمضان، فرض الله صومه، وأنزل فيه القرآن، وأشهر الله الحرام عند الله معظّمة، والمعاصي فيها أشدّ قبحاً من غيرها، وخير الأيام يوم النحر ثم يوم عرفة، وما من أيام العمل الصالح فيها أحبّ إلى الله من أيام عشر ذي الحجة، ويوم الجمعة خير يوم طلعت فيه الشمس، وفيه ساعة لا يوافقها مسلم وهو قائم يصلّي يسأل الله خيراً إلا أعطاه، وليالي العشر من رمضان مباركة، وخير ليالي الدهر ليلة القدر فهي خير من ألف شهر. وبيّن أن الثلث الآخر من الليل أنفس ما في الليل، ينزل فيه الربّ إلى السماء الدنيا، ويتودد إلى عباده، فيقول من يدعوني فأستجب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له متفق عليه، وقال إن الله طيّب لا يقبل من الأقوال والأعمال إلا طيّبها.
مشاركة :