بناء الإنسان وبناء الأوطان

  • 4/5/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

علي العواديتتحكم بمسيرتنا الحياتية وطريقة تعاملنا مع الآخرين الكثير من المفاهيم الأخلاقية ، والتي بنيت منذ أن أصبحت الأرض للإنسان مقرا ومستقاما بإرادة خالقه جل وعلا ، فبعد أن هجر الإنسان حياة الغاب واتجه إلى سلوك الطريق الذي يوصله إلى تحقيق الهدف من استضافته على هذه الأرض ليعمرها بما حباه الله من قوى عقلية وجسدية ، تكونت التجمعات القبلية لتصبح تجمعات اكبر واكبر لتتحول إلى مجتمعات ترتبط بعدة روابط منها اللغة والتاريخ المشترك تتحكم بتسيير شؤونها أنظمة وقوانين  -اختيارية أو قسرية - للحفاظ على الهيكلية الاجتماعية والتنظيمية الجديدة ، ومع هذا التحول من نطاق الحياة الفردية الانعزالية إلى مستويات حياتية أكثر تعقيدا  والذي تولد بفعل تطور التفكير الذاتي لبني البشر وبما يتناسب مع ازدياد متطلبات الحياة الجديدة  بقيت  معادلة الصراع الأزلي فيما بين إرادة الخير وإرادة الشر مرخية سدولها ، فاختلف الناس وتعددت مذاهبهم في التعامل الأمثل مع هذه الإرادة أو تلك ، فمنهم من ينزل  الخير من  لسانه كنزول جلمود حطه السيل من علِ أما قلبه فمربوط بأمراس كتان إلى صم جندل ! ، وآخر اختلط لديه الحابل بالنابل فهو من ألمتذبذبين (لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء) !، والأدهى من هذا وذاك أن البعض شمروا عن سواعدهم ليمسكوا مبادئ تلك المعادلة بكافة معطياتها ، فان كان الأمر خيرا كانوا من أهله وان كان شرا كشروا عن أنيابهم ، فلا يقتنعوا بما ملكت أيمانهم من خير ونعمة بل يستكثروا أن يصيب الخير غيرهم حتى  ولو كان بمقدار قطمير ! ، ولم يبق للخير إلا( ثلة من الأولين وقليل من الآخرين .( الإنسان أكرم مخلوق خلقه الله تعالى فهو قيمة عليا ، ومادامت مبادئ السلوك الإنساني القويم  - السماوية أو الوضعية - موجودة مع وجود الإنسان فما علينا إلا القناعة في الاختيار وإعادة تقويم الأنفس بما يجعلها مؤهلة لتسهم في بناء الحياة الإنسانية وبالتالي ضمان استمرار مسيرة الحياة البشرية على هذه الأرض ، وان كانت ) بيريسترويكا( الأنفس تعتمد المنهج الحياتي القويم فأنها ستكون أساسا لبناء المجتمعات والأوطان، فعمليات البناء المادية أو الفكرية الإصلاحية سيكون مصيرها التعثر وبالتالي الفشل إذا لم تعتمد على بناء الإنسان وإعطائه دوره الحقيقي وبما يشعره بأنه جزء مهم يتأثر ويؤثر في كافة مجريات الحياة في المجتمع الذي ينتمي إليه ،  يقال أن طفلا عرقل أباه عن قراءة صحيفة فما كان من الأب إلا أن يمزق جزءا منها يحمل خارطة للعالم وطلب منه أن يعيد ترتيب الخارطة -  ليلتهي به  - فأعاد الطفل وبسرعة ترتيب الخارطة الممزقة وأمام ذهول الوالد أجاب الطفل بأنه أعاد ترتيب صورة إنسان على الوجه الآخر من الورقة وعندما أعاد بناء الإنسان أعاد بناء العالم .

مشاركة :