قالت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري وبصفتها محافظًا لمصر بمجلس محافظي البنك الإسلامي للتنمية، إن مصر كما تعتز بكونها من الأعضاء المؤسسين للبنك الإسلامي للتنمية، فهي تعتز أيضًا بالشراكة التنموية المتميزة مع مجموعة البنك على مدار أربعة عقود ونصف، والتي أثمرت حتى الآن عن تمويل 258 مشروعًا بقيمة 11،64 مليار دولار منها 190 مشروعا اكتملت، و60 مشروعًا جاري تنفيذها تبلغ قيمتها 2،75 مليار دولار تغطي مختلف مجالات التنمية أهمها قطاعات الطاقة والبنية التحتية والصناعة والتمويل والزراعة والصحة والتعليم.وأشارت وزيرة التخطيط - في كلمتها خلال مشاركتها، بصفتها محافظًا لمصر بمجلس محافظي البنك الإسلامي للتنمية بافتتاح أعمال الدورة الـ 44 من اجتماعات مجلس محافظي البنك السنوية والتي تنعقد بمدينة مراكش بالمغرب على مدار يومي 5 و6 ابريل الحالي - إلى التعاون بين الجانبين على مواصلة هذا التعاون المثمر وهذه الشراكة الفاعلة من خلال تنفيذ اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين جمهورية مصر العربية والبنك الإسلامية للتنمية للفترة من عام 2019 إلى 2021 والتي تم التوقيع عليها في القاهرة في أكتوبر الماضي.ولفتت إلى تضمنها تقديم تمويلات بنحو 3 مليارات دولار لعدد من المشروعات في مجالات تنموية تحظى بأولوية لدى الحكومة المصرية خاصة في مجالات الطاقة والبنية التحتية، منوهة إلى توقيع الجانبان في أكتوبر الماضي كذلك اتفاق إنشاء مقر إقليمي لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية في القاهرة.وأشارت إلى أنه تم بالفعل اتخاذ الإجراءات التنفيذية لتفعيل هذا الاتفاق بما يعطي دفعة قوية لنشاط البنك ويعزز الدور التنموي للمؤسسات الأعضاء في مجموعة البنك ليس في مصر فقط بل في دول الجوار العربي والإفريقي. وأوضحت السعيد فى كلمتها أن العالم أجمع يشهد حاليًا العديد من المتغيرات السياسية والاقتصادية المتسارعة التي ألقت بظلالها على الاحتياجات والتحديات التنموية في مختلف دول العالم، وفي مقدمتها الدول الأعضاء في مجموعة البنك مشيرة إلي سعى العديد من تلك الدول في ظل هذه التحديات إلى بذل الجهود لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية الشاملة والمستدامة وفقًا لأجندة وطنية تتسق مع الأهداف الأممية التي تضمنتها خطة التنمية المستدامة 2030وأوضافت أن تلك الجهود والخطط الوطنية تواجه حاجة ملحة لمواكبة المتغيرات التنموية المتسارعة والتي تتمثل في تحولات تكنولوجية، والاتجاه إلى الدخول في الثورة الصناعية الرابعة، وما تفرضه من فرص وتحديات لعل أبرزها؛ التغير المستمر في أساليب الإنتاج والأهمية النسبية لعناصره، والاحتمالات المتزايدة لاختفاء وظهور أنماط جديدة من الوظائف.وتابعت أن هذا يقتضي من دولنا، والتي تتميز بكونها مجتمعات شابة ترتفع فيها نسبة الشباب أو من هم في الفئة العمرية بين 15 و30 عامًا العمل على استيعاب تلك التحولات وحسن التعامل معها، والسعي لخلق المزيد من فرص التشغيل المناسبة لأفواج المنضمين لأسواق العمل سنويًا والمقدرة أعدادهم بنحو 100 مليون نسمة بمعدل 10 ملايين نسمة سنويًا حتى عام 2030.وأكدت السعيد محافظ مصر بمجلس محافظي البنك الإسلامي للتنمية أن قضية تمويل التنمية تظل هي أحد أهم المحددات لمدى قدرة الدول على السير قدمًا في تنفيذ برامج ومشروعات التنمية المستدامة مشيرة إلي أن أهم ما يجمع خطط وبرامج تحقيق التنمية، سواء في إطارِ أممي من خلال خطة التنمية المستدامة 2030، أو في إطار وطني يتمثل في الحاجة الماسة لتلك الخطط والبرامج لتوفير التمويل وتعبئة الموارد اللازمة وما يقتضيه ذلك من عقد شراكات فاعلة بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني لتوفير الاحتياجات التمويلية المتزايدة، والتي تتفاوت التقديرات بشأنها، إلا أنها تُجمع على الانتقال من الحديث عن المليارات إلى تريليونات الدولارات لتمويل برامج تحقيق التنمية، موضحة أن التقديرات تشير إلى أن حجم الاحتياجات التمويلية لكافة دول العالم لتلبية أهداف التنمية المستدامة تتراوح بين 5 إلى 7 ترليونات دولار سنويًا حتى عام 2030، في حين قٌدرِت فجوة التمويل لبلوغ أهداف التنمية المستدامة في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي بنحو تريليون دولار.وأشادت بالنموذج التنموي الشامل الذي يتبناه البنك الإسلامي للتنمية في تنفيذ الاستراتيجية العشرية للبنك، والذي يضم كل الشركاء من الحكومة والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني ومراكز الأبحاث والجامعات، مؤكدة على أهمية دور البنك في تكوين سلاسل القيمة، وكذلك دوره الهام في تشجيع القطاعات التي تتمتع فيها الدول الأعضاء بميزة تنافسية.وأضافت أن هذا النهج التشاركي يعد هو الأنسب وطنيًا وإقليميًا وعالميًا لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وهو ما أكدته الأهداف الأممية لخطة التنمية المستدامة 2030 من خلال الهدف السابع عشر بضرورة "تعزيز وسائل التنفيذ وتفعيل الشراكة العالمية من أجل التنمية المستدامة".ودعت السعيد البنك الإسلامي للتنمية بمؤسساته الأعضاء متنوعة النشاط لمواصلة العمل على هذا النهج في تنفيذ الاستراتيجية العشرية للبنك، مع استمرار الشراكة التنموية الفاعلة مع المؤسسات المالية الأعضاء في مجموعة التنسيق العربية، وكذا الشراكة مع مؤسسات التمويل الإقليمية والدولية الأخرى لتوفير تمويلات مشتركة للاحتياجات التمويلية الضخمة التي تتطلبها مشروعات التنمية خاصة مشروعات البنية التحتية اللازمة لتحقيق الربط الإقليمي وتيسير التجارة البينية والاستثمار المشترك بين الدول الأعضاء وتحقيق النمو المستدام.ومن جانب آخر، أشارت السعيد إلى جهود الدولة المصرية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة من خلال الاستراتيجية الوطنية الطموحة متمثلة في رؤية مصر 2030 والتي تحظى بدعم ومساندة كاملة من القيادة السياسية، وتتسق مع الأبعاد التنموية الأممية الثلاثة الاقتصادي، والاجتماعي، والبيئي متابعه أن تلك الرؤية تمثل كذلك الإطار العام المنظم لخطط وبرامج العمل المرحلية خلال السنوات المقبلة، مؤكدة على حرص مصر على أن يكون إعداد وصياغة وتنفيذ تلك الرؤية من خلال شراكة مجتمعية شاملة تضم إلى جانب الحكومة كل من القطاع الخاص والمجتمع المدني وشركاء التنمية كافة.أوضحت أن تنفيذ البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، الذي بدأته مصر في نوفمبر 2016 إذ يتضمن إلى جانب سياسات التثبيت وتحرير سعر الصرف، إجراءات للإصلاح الهيكلي لبعض القطاعات وفي مقدمتها قطاع الطاقة متابعه أن البرنامج يتضمن كذلك اتخاذ العديد من الإصلاحات التشريعية والمؤسسية بإصدار حزمة من القوانين والتشريعات متضمنه قانون التراخيص الصناعية، وقانون الاستثمار الجديد، والتي تهدف جميعها إلى تبسيط إجراءات إقامة المشروعات، وتشجيع القطاع الخاص على المشاركة في تنفيذ مشروعات البنية الأساسيةوأضافت أن الدولة تعمل كذلك على تحفيز استثمارات القطاع الخاص وتحقيق النمو المستدام من خلال تكثيف الاستثمارات العامة في مشروعات البنية التحتية وتحسين جودتها بتنفيذ عدد من المشروعات القومية الكبرى متضمنة مشروع الشبكة القومية للطرق، ومشروعات قطاع الطاقة بالتوسع في مشروعات انتاج الطاقة الجديدة والمتجددة، بالإضافة إلى مشروع تنمية محور قناة السويس، والذي يعد أحد المشروعات الاستراتيجية لمصر والعالم، إلى جانب إقامة المناطق الصناعية، والمدن الجديدة؛ من بينها إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة وغيرها من المشروعات القومية الكبرى ذات الأثر الاقتصادي والاجتماعي.وأوضحت وزيرة التخطيط أن تطوير منظومة التخطيط في مصر جاء متوازيًا مع هذا العمل والتي تهدف إلى رفع كفاءة وفاعلية الإنفاق العام وتعظيم الاستفادة من الموارد المالية المتاحة، وذلك بالتوسع في تطبيق موازنة البرامج والأداء كأحد الأهداف الرئيسية للسياسة المالية والاقتصادية للدولة، مع تنفيذ خطة شاملة لحوكمة وإصلاح الجهاز الإداري للدولة المصرية، إلى جانب التحول إلى مجتمع رقمي، وتشجيع استخدام وسائل الدفع الالكترونية فضلًا عن تحقيق الشمول المالي بهدف زيادة كفاءة السياسات النقدية والمالية وتسهيل التسويات المالية، وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام، مع تهيئة البيئة والمناخ الداعم للمنافسة والاستثمار وخلق فرص العمل وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.وأشارت إلى النجاح الملموس التي حققته تلك الإصلاحات والجهود والتي حظيت بإشادة المؤسسات الدولية في ضوء النتائج والمؤشرات الإيجابية لهذه الإصلاحات لافته إلى تحقيق الاقتصاد المصري معدلات نمو تصاعدية وصلت في النصف الأول من العام الجاري 5،5% بما يمثل أعلى معدل نمو يحققه الاقتصاد المصري منذ عشر سنوات، وبما يفوق معدلات النمو المحققة في الدول النامية والاقتصادات الناشئة، بالإضافة إلى انخفاض معدل البطالة إلى 9.9% مقارنة بـ 13.2% في عام 2013/2014.
مشاركة :