الدستورية: لا يجوز إضافة 2% دمغة على الأدوية المستورد من قطاع الأعمال

  • 4/6/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

رفضت المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، دعوى بطلان نص الفقرة (3) من المادة (12) من القانون رقم 13 لسنة 1983 بشأن اتحاد نقابات المهن الطبية. وتنص على: "حُددت قيمة الدمغة الطبية طبقًا للجدول المرفق بهذا القانون" وقـد نص البند ثالثًا من الجـدول الملحق بالقانون بعد استبداله بالقانون رقم 24 لسنة 1994 تحت مسمى فئات الدمغة التى يتحملها المستورد، على استحقاق الاتحاد دمغة طبية بمقدار "اثنين فى المائة من ثمن بيع المستحضر من الأدوية البشرية والبيطرية ومستحضرات طب الأسنان والمبيدات الحشرية المنزلية ومستحضرات التجميل، وذلك فيما عدا ما يستورده قطاع الأعمال من أدوية مدعمة يصدر بتحديدها قرار من وزير الصحة".وأقامت المحكمة حكمها استنادًا إلى أن الدستور القائم قد اتخذ من تحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير سبل التكافل الاجتماعى، أحد أهم ركائزه الأساسية، قاصدا من ذلك، وعلى ما أفصحت عنه المادة (8) منه، ضمان الحياة الكريمة لجميع المواطنين، وقد ناط الدستور بالقانون تنظيم القواعد التى تحقق هذا الهدف. وألزمت المادة (17) منه الدولة بتوفير خدمات التأمين الاجتماعى، بما يضمن لكل مواطن حياة كريمــــة، هو وأسرته، كما عُنى الدستور فى المادة (18) منه بضمان توفير الرعاية الصحية لكل مواطن وفقًا لمعايير الجودة، بحسبانها العمود الفقري للحياة الكريمة للإنسان، فأقر ذلك حقا لكل مواطن يستوجب التزام الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى على الصحة لا يقل عن 3 % من إجمالى الناتج القومى، تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية. وإذ كان ذلك محور اهتمام الدستور ومبتغاه، فقد أفصح الدستور عن المفترض الرئيسى لضمان بلوغ هذا الهدف غايته، بإلقائه التزامًا على الدولة بتحسين أوضاع الأطباء وهيئات التمريض والعاملين فى القطاع الصحى قاصدًا من ذلك توفير الدعائم الأساسية لنجاح هذا الهدفـ، وهكذا فقد بات تحسين أوضاع الأطباء وهيئات التمريض ومعاونيهم أحد التزامات الدولة التى ألقاها الدستور على عاتق المشرع، وسائر أجهزة الدولة، كلٍ فى حدود اختصاصه. لما كان ذلك، وكان الدستور قد اتخذ من النظام الضريبى وسيلة لتحقيق أهدافه، فنص فى المادة (38) منه على تعيين تلك الأهداف بتنمية موارد الدولة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية، وكان تحسين أوضاع الأطباء وهيئات التمريض أحد الالتزامات الملقاة على الدولة بجميع مؤسساتها، والتى يدخل ضمنها توفير الرعاية الصحية لهم، والمعاشات التى تؤمن حياتهم فى حاضرها ومستقبلها، ومن ثم فإن هذا الواجب يعد من التكليفات الرئيسة التى يتعين على المشرع القيام عليها والوفاء بها. وحيث إنه لما كان ذلك، وكان المشرع قد خصص بموجب النص المطعون عليه والبند (ثالثًا) من الجدول المرفق بالقانون– فى حدود النطاق المحدد سلفًا- موردًا وقفه على صندوق إعانات ومعاشات اتحاد نقابات المهـــن الطبية، الذى يضــــم النقابــــات الطبية الأربــــع: نقابة الأطباء، وأطباء الأســــنان، والأطباء البيطريين، والصيادلة، وهو اتحاد أنشئ بموجب القانون المطعون عليه كاتحاد نقابى وفق أحكام المادة (76) من الدستور، والذى جعل الدستور من بين أهدافه الدفاع عن حقوق أعضائه وحماية مصالحهم. وقال إن هذه النقابات الأربع هى نقابات مهنية تقوم كل منها على مهنة من المهن الطبية، وتُعد من أشخاص القانون العام، وتتمتع بالحماية المقررة فى المادة (77) من الدستور، وكان وقف المشرع لحصيلة هذه الضريبة على هذا الاتحاد تلبية لهذا الغرض، بحيث لا تدخل حصيلتها خزانة الدولة، بقصد تحسين أوضاع أعضاء النقابات الأربع على اختلاف تخصصاتهم، ليكون معينا لهم على توفير الحياة الكريمة، والحفاظ على الحد الأدنى للرعاية الصحية اللائقة بهم، وتحقيقًا لمقتضيات التكافل والتضامن الاجتماعى من توفير الخدمات اللازمة من معاشات ورعاية اجتماعية فى أحوال العجز، وهم عماد القطاع الرئيس الذى يقوم على توفير الخدمات الصحية للمجتمع بأسره. وكان هذا التخصيص قد تم بالأداة التى عينها الدستور وهى القانون، وبهدف توفير مورد يكفل لهم هذه الخدمات، التى يُعد كفالتها واجبًا والتزامًا على الدولة، غايته تحقيق مصلحة جوهرية أولاها الدستور اهتمامه وعنايته، فإن هذا التخصيص على هذا النحو يكون قد وافق الغايات الصريحة للدستور، وتوافق وعموم أحكامه الضريبية جبايةً وتخصيصًا.وحيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن اختيار المشرع للمال محل الضريبة هو مما يخضع لسلطته التقديرية؛ وفق الشروط التى يقدر معها واقعية الضريبة وعدالتها بما لا مخالفة فيه لأحكام الدستور، وكان النص المطعون عليه قد تضمن تحديد وعاء الضريبة المفروضة على نحو قاطع لا لبس فيه ، متخذا من ثمن بيع الأدوية البيطرية المستوردة - فى حدود النطاق المتقدم – وعاء لها، وكان المشرع قد حدد سعر هذه الضريبة بنسبة 2% من ثمن بيع تلك الأدوية، وهى نسبة معتدلة لا تخل بقواعد العدالة الضريبية، ولا ترهق المكلفين بها، ومن ثم فإن هذه الضريبة تكون قد استوفت شرائطها الموضوعية من حيث اختيار المال الخاضع للضريبة، ووضوح التكليف بها وتحديده، وعدالة سعرها. وحيث إن المشرع قد نظَّم بموجب أحكام هذا القانون قواعد تحصيل هذه الأموال وجبايتها، كما فصَّل قواعد صرفها، ضمانًا لإنفاقها فى الأغراض التى خُصصت لها، إعمالًا لمقتضى نص المادة (126) من الدستور، فضلًا عن أنها تخضع لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات وفقا لأحكام قانون الجهاز المركزى للمحاسبات الصادر بالقانون رقم 144 لسنة 1988، ومن ثم فإن النص المطعون فيه يكون قد وافق أحكام الدستور الحاكمة لفرض الضرائب إجرائيًّا وموضوعيًّا، وحيث إن النص المطعون فيه لم يخالف أى حكم آخر فى الدستور، فمن ثم يتعين القضاء برفض هذه الدعوى.

مشاركة :