طرابلس الغرب.. ساحة معارك ضارية

  • 4/7/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تواصلت المواجهات العسكرية جنوبي العاصمة الليبية (طرابلس)، أمس، بين القوات الموالية لفايز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليا، في طرابلس (غرب)، وقائد قوات «الجيش الوطني الليبي» المشير خليفة حفتر، المدعومة من مجلس النواب، المنعقد بمدينة طبرق (شرق) في الغرب، وسط تحذيرات دولية لحفتر إذا لم يوقف هجومه، وفي ما يلي أبرز التطورات: المطار القديم ¶ للمرة الثانية خلال 24 ساعة، أعلنت قوات حفتر بسط سيطرتها «الكاملة» على مطار طرابلس الدولي، حيث أفادت شعبة الإعلام الحربي: «القوات المسلّحة، وفي هذه اللحظة (ظهراً)، تبسط سيطرتها على كامل مطار طرابلس الدولي»، بعد انتزاع منطقتَي غريان وترهونة بالكامل. وأضافت: إن القوات «تقوم بعملية تأمينه كنقطة انطلاق للسيطرة على مواقع حيوية أخرى داخل العاصمة في الساعات القليلة المقبلة». ¶ سبق أن أعلن الناطق باسم قوات حفتر، أحمد المسماري، مساء الجمعة، أن قواته بسطت سيطرتها على مناطق جنوب العاصمة، بينها «مطار طرابلس الدولي» (القديم) الواقع على بعد 30 كلم جنوبي طرابلس، والموضوع خارج الخدمة منذ دُمّر في اشتباكات دارت فيه خلال عام 2014. ¶ عقب ذلك، أعلن فتحي باشاغا، وزير داخلية حكومة الوفاق (المعترف بها دولياً)، أن القوات الحكومية استعادت السيطرة على «مطار طرابلس الدولي»، بعد سيطرة قوات حفتر عليه لساعات. معارك طرابلس ¶ أعلنت القوات الموالية لحفتر أنها تعرّضت لغارة جوية في منطقة العزيزية (جنوبي طرابلس) من قبل طائرة تابعة لـ «الوفاق» أقلعت من مصراتة. وأفادت القوات بأنها ستضرب أي مطار تقلع منه طائرة. وأعلنت أن الغرب الليبي منطقة عسكرية يُحظر الطيران فيها. ¶ أكد المسماري أنّ المعارك الدائرة، منذ الخميس، أسفرت عن سقوط 14 قتيلاً في صفوف الجيش الوطني الليبي، مؤكّداً أنّ قتالاً يدور على جبهة أخرى قريبة من طرابلس هي منطقة العزيزية التي تبعد 50 كلم جنوب غربي طرابلس. ¶ أفاد المسماري بإحراز «تقدّم مهمّ» الجمعة، جنوبي طرابلس، معترفاً في الوقت نفسه بالانتكاسة التي تعرّضت لها قواته صبيحة اليوم نفسه حين خسرت الحاجز العسكري الذي كانت سيطرت عليه مساء الخميس، غربي طرابلس، في هزيمة، أُسر خلالها أيضاً وفق المتحدّث 128 من جنود «الجيش الوطني الليبي». جولة السراج ¶ كانت قوات حفتر حاولت السيطرة على حاجز كوبري 27 العسكري الواقع على بعد 27 كلم من البوابة الغربية لطرابلس، لكن قوات موالية لحكومة الوفاق طردتهم فجر، الجمعة، بعد «اشتباك قصير»، وفق ما أفاد مصدر أمني في طرابلس. وأوضح المصدر أنه تمّ أسر عشرات من مقاتلي حفتر ومصادرة آلياتهم. ¶ وفق صحافي في «فرانس برس» في المكان، زار السراج ــــ برفقة قادة المنطقة الغربية ــــ الحاجز الذي سيطرت عليه قواته، في موكب مؤلف من نحو عشرين آلية، بينها شاحنات مزودة بمضادات للطائرات. وتبادل السراج في شكل مقتضب أطراف الحديث مع المسلحين على الحاجز قبل أن ينطلق باتجاه طرابلس. ¶ في السياق ذاته، اجتمع السراج مع الفريق الركن محمد الشريف، رئيس أركان حكومة الوفاق، وتمت خلال الاجتماع مناقشة الوضع العسكري بشكل عام. المؤتمر الوطني ¶ يأتي التصعيد العسكري من جانب حفتر، مع تحضيرات الأمم المتحدة، لعقد مؤتمر للحوار في مدينة غدامس الليبية، بين 14 و16 الجاري، ضمن خريطة طريق أممية لحل النزاع في البلد العربي الغني بالنفط. ¶ قال غسان سلامة مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا إنه عازم على عقد المؤتمر في موعده، رغم القتال الجاري في البلاد. وأضاف للصحافيين في طرابلس إن الأمم المتحدة تعمل على منع تصعيد الأزمة في ليبيا. ¶ دعا وزراء خارجية الدول الصناعية السبع الكبرى إلى «وقف فوريّ لكلّ التحركات العسكرية نحو طرابلس»، مجددين دعمهم التامّ لسلامة. ¶ ذكر وزير الخارجية الإيطالي إنزو ميلانيزي أن «على حفتر وقف الزحف نحو طرابلس، وإلا فإن المجتمع الدولي سيرى ما يمكن عمله». (رويترز، أ.ف.ب). التغطية الإعلامية العربية.. انقسام بين حفتر والسراج بينما لا يزال هناك تضارب في شأن المواجهة العسكرية في العاصمة الليبية طرابلس ومطارها القديم، انقسمت وسائل الإعلام العربية الرئيسة في تغطيتها لتطورات التصعيد العسكري، ففي حين تبنّت «العربية» و«سكاي نيوز عربية» رواية «الجيش الوطني الليبي» بقيادة المشير خليفة حفتر، أيّدت «الجزيرة» وقنوات أخرى موقف رئيس حكومة الوفاق فايز السراج. وذكرت «العربية» في سياق تغطيتها أن «الجيش الوطني الليبي سيطر على مطار طرابلس الدولي بشكل كامل ودخل منطقة خلة الفرجان، أكبر أحياء طرابلس». كما عنونت «سكاي نيوز عربية» في موقعها الإلكتروني «الصور الأولى.. مطار طرابلس في قبضة الجيش الليبي». ميدانيا، أفادت الجزيرة بأن «أنباء عن سيطرة قوات حفتر على المطار»، مردفة أن ذلك الإعلان يأتي للمرة الثانية خلال 24 ساعة، بعد أن نفت قوات حكومة الوفاق سيطرة حفتر على المطار قبل ذلك. وأدلت «الجزيرة» أن «سلاح الجو التابع للمجلس الرئاسي شن غارات على مواقع تمركز قوات حفتر بمنطقة مزدة جنوب غريان». شكري: لا حل عسكرياً استبعد وزير الخارجية المصري سامح شكري حل الأزمة في ليبيا بالوسائل العسكرية. وخلال مؤتمر صحافي في القاهرة، أمس، مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: قال «الأزمة في ليبيا لن تحل بالوسائل العسكرية، بل من خلال الحوار.. مصر عززت منذ البداية الاتفاق السياسي». من جانبه، حذر لافروف من التدخل الخارجي في ليبيا، ودعا كل القوى السياسية الليبية إلى التوصل لاتفاق في ما بينها. هجوم حفتر .. مغامرة أم مناورة محسوبة؟ أخذ المشير خليفة حفتر خصومه والمجتمع الدولي على حين غرة حين شن هجومه ضد طرابلس. لكن هل سيكون في مقدوره السيطرة على العاصمة الليبية؟ رغم ذلك، فإن ليبيا كانت تتحضر لانعقاد مؤتمر وطني برعاية الأمم المتحدة في غدامس (حنوب غرب)، لوضع خريطة طريق جديدة لإخراج البلاد من الفوضى. لماذا الهجوم نحو طرابلس؟ يرى الباحث في معهد كلينغنديل في لاهاي جلال الحرشاوي أنّ حفتر المكلل بنجاحاته العسكرية في شرق ليبيا وجنوبها ويقول إنّه يسيطر على الجزء الأكبر من البلاد، يعتبر أنّ «المؤتمر الوطني (أو أي مسعى دبلوماسي آخر للأمم المتحدة أو لأطراف أخرى) بمنزلة منتدى يجب خلاله على كل الأطراف بصورة أو بأخرى إظهار استعدادها للقبول بسيادته المطلقة». ويقول «بما أنّ الحكومة الجديدة التي جرى التفاوض بخصوصها في أبو ظبي لم تُعلن، فإنّ حفتر شعر باقتراب المؤتمر من دون أن تكون أطراف إقليم طرابلس خاضعة له بما فيه الكفاية». ويضيف «من هنا الشعور بالحاجة إلى تعديل الوقائع في الميدان بطرابلس بالاستناد إلى القوة العسكرية». وتسيطر حكومة الوفاق الوطني وحلفاؤها على هذا الإقليم الذي يغطي الجزء الأكبر من غرب ليبيا وضمنه العاصمة. واكتسب المشير حفتر تشجيعاً غير مباشر في مسعاه من خلال «صمت المجتمع الدولي خلال عملياته السابقة، خصوصاً خلال توسعه في الجنوب»، وفق الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية طارق مجريسي. ويمكن في الواقع تفسير هجومه، الذي تزامن مع زيارة الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش إلى ليبيا، بمنزلة تحد. في المقابل، تعتبر المحللة الليبية كوثر حسن أنّ «حفتر ارتكب أخطاء كبيرة بتقليله من شأن ردود فعل القوى الأجنبية». هل يمكنه السيطرة على طرابلس؟ يعتبر خبراء أنّ المشير خليفة حفتر يغالي بقوته ويعوّل على انهيار سريع للمجوعات المسلحة في طرابلس قبل حصولها على تعزيزات. لكنّه تعرض الجمعة إلى انتكاسة بخسارته نقطة تبعد 27 كلم غرب طرابلس (بوابة 27) بعد ساعات قليلة من سيطرة قواته عليها. وتمّ أسر أكثر من مئة مقاتل من قواته من قبل مجموعة مسلحة وصلت من مدينة الزاوية (50 كلم غرب طرابلس). من جهته، يقول المحلل السياسي الليبي فرحات السعيد إنّ حفتر «ليس قادراً على الانتهاء سريعاً من معركة طرابلس. وقد تعرّض لانتكاسة معنوية حين قرر على عجل مهاجمة» تلك النقطة. هل يملك جيشاً حقيقياً؟ كما يعتقد مجريسي أنّ حفتر «لا يتحكم في جيش بالمعنى التقليدي للكلمة»، وذلك رغم آلته الدعائية الفعّالة. ويضيف أنّ «الجيش الوطني الليبي»، الذي أعلن عنه، هو بمنزلة «تحالف هش بين ميليشيات متنوعة ذات مصالح عشائرية، دينية ومحلية، حول نواة من قوى تقليدية تشكل عناصر سلفية خطرا عليها». كما يقول الحرشاوي في هذا السياق إنه «من وجهة نظر مؤسساتية وتاريخية وأيضاً من منظور الحياد القبلي، من المستحيل راهناً التأكيد أنّ حفتر محق في تقديم ائتلافه على أنّه جيش حقيقي منتظم بشكل نسبي وتراتبية قيادية واضحة». يسعى المشير حفتر الى اتفاقات مع قبائل ومجموعات مسلحة، جنوب العاصمة، حيث تتمركز قواته، تماماً كما فعل خلال هجومه في جنوب لييبا. بدوره، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الزاوية أحمد المسلاتي إنّ «حفتر سيكون قادراً على الإمساك بالعاصمة طرابلس بشرط واحد: عقد تحالفات قوية وفعّالة مع بعض الجماعات المسلحة داخلها»، مما سيسمح لقواته بالدخول «من دون اشتباكات». (أ ف ب)

مشاركة :