شيماء المرزوقي تنتشر بيننا البعض من المسلمات عن مواضيع نعتبرها محسومة وفق الاعتقاد العام، وننقل هذا الاعتقاد ونطبقه حقيقة مطلقة لا نقبل حولها النقاش. أسوق لكم مثالاً لتوضيح هذه الجزئية..يقولون أن «القراءة تأتي منذ الصغر ومنذ الطفولة، وأنه عندما تغرس حب القراءة في طفلك فإنه ينمو ويكبر ويستمر في ممارسة هذا النهم المعرفي وتصبح جزءاً من تكوينه الفكري والثقافي، وتصبح القراءة بمثابة وجبة يومية لا فكاك منها ولا عنها، وعندما لا يقرأ قد يصاب بالصداع أو يشعر بأن هناك ما ينقصه، لأنه تعود عليها منذ نعومة أظفاره». هذه الكلمات تحتمل الصواب والتسليم ولكن ليس على إطلاقها، لأننا نعرف أن هناك أطفالاً تم تنشئتهم على القراءة لكنهم ما إن شبوا عن الطوق وكبروا حتى وتخلوا عنها وابتعدوا تماماً عن فوائدها، ونعلم أن هناك أطفالاً باتت في الحياة اهتمامات أخرى لهم وسيطرت عليهم الألعاب الإلكترونية وأبعدتهم تماماً عن القراءة، لذا لا توجد قاعدة ثابتة قوية في هذا السياق. المشكلة في مثل هذا الظن والقول أنه يبعد الآخرين عن التوجه نحو القراءة، بمعنى يحبط كل من لم يقرأ في طفولته ويعتقد أن القطار قد فاتهأ لذا لا يلزم نفسه بمثل هذا التوجه المعرفي. الحقيقة الواضحة التي ثبتت علمياً أيضاً، أن العادات في مجملها سواء أكانت حميدة أو مضرة، تتكون لدى الإنسان في مختلف مراحل العمر، وليست محصورة بفترة عمرية محددة، وأن الوقت الذي يحتاجه الإنسان لممارسة فعل ما باستمرار وتكرار حتى يتحول إلى عادة مستمرة، يصل لنحو عشرين يوماً فقط وفق قول البعض من علماء النفس، وهذا قد يحدث في أي مرحلة عمرية، وهذا يشير إلى أن الإنسان يمكنه تدريب نفسه على ممارسات سرعان ما تتحول إلى عادات بعد بضعة أيام، والقراءة ليست استثناء من مثل هذه الحالة، حيث يمكن لكل واحد منا أن يعوّد نفسه على القراءة العامة قبل النوم بنحو نصف ساعة بشكل يومي، وسرعان ما تتحول هذه الممارسة إلى عادة يومية يجد بعد بضعة أيام أنه يحتاجها ولا يمكن أن يتخلى عنها. في مضمار القراءة تحديداً أعتبر أن معظم أسباب العزوف عنها هو عدم التوفيق في اختيار الكتاب المناسب، وعدم وجود معرفة بما نميل له وما نحب الاطلاع عليه، هو المطب الذي بسببه يبتعد القراء عن الكتب. Shaima.author@hotmail.com www.shaimaalmarzooqi.com
مشاركة :