بين المسلم والإسلامي | أنس زاهد

  • 3/11/2015
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

ارتبط مصطلح (إسلامي) بالحركات والأحزاب والتيارات التي تطرح الإسلام كأيديولوجيا تحمل مشروعاً سياسياً.. أي مجرد نظرية خاصة في الحكم. هذا التسييس هو الذي أدى بالإسلاميين إلى تحويل الإسلام من رسالة هدى تنتشل الناس من الظلمات إلى النور، ومن منهج حياة يقوم على التقوى (العمل الصالح)، إلى حزب سياسي تنحصر غاياته في الوصول إلى الحكم والاستئثار بالسلطة، ومن ثم إقصاء جميع التيارات الأخرى. الخطير أن التيارات الإسلامية اعتادت على أن تطرح نفسها كممثلة للإرادة الإلهية على الأرض. وعندما يدعي حزب سياسي ما أن الإرادة الإلهية تتجسد في شعاراته وفي برنامجه الانتخابي وفي مجموعة المبادئ والأهداف التي يرفعها ويسعى للوصول إليها، فإن ذلك يستتبع بالضرورة شيطنة التيارات الأخرى، والتعامل معها بوصفها نقيضة للإسلام في أحسن الأحوال. وهذا بالتحديد هو المدخل الرئيس الذي انطلق منه المتطرفون والإقصائيون، لتكفير الأفراد والمجتمعات والتيارات والأحزاب.. وأحياناً مؤسسات الدولة وهيئاتها. مشكلتنا أننا لا ندرك الفارق الهائل الذي يفصل بين المسلم والإسلامي. فالمسلم الذي يتخذ من الإسلام خريطة حياة ومنهاج سلوك، هو شخص مختلف عن الإسلامي الذي يدعي أنه يمثل إرادة الله على الأرض، ويقدم نفسه بوصفه مالكاً للحقيقة المطلقة، وأنه مكلف بحمل البشر على طاعة الله سبحانه حتى ولو بالقوة، متجاهلاً التوجيه القرآني للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب)) الرعد. وهنا يجب التأكيد على أن كل تلك الأخطاء، وإن شئت الانحرافات، ليست سبباً لإخراج الإسلاميين من الملة. إن التعامل مع القرآن بوصفه إعلاناً دستورياً، يعني أننا نختزل الإسلام بكل آفاقه الروحية والفكرية والوجدانية في نمط للحكم.. وهو يعني أيضاً أننا نستخدم النص القرآني وبيوت الله نفسها، باعتبارها أداة من أدوات الدعاية الحزبية، رغم التحذير القرآني الصريح من استخدام المساجد لتحقيق مآرب دنيوية: (( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً )) الجن. لقد ابتلينا بقوم صغروا من شأن كتاب الله وادعوا أنه إعلان دستوري، وفي الجهة المقابلة فقد ابتلينا بقوم صغروا من شأن كتاب الله وقدموه للعالم باعتباره كتاباً في الفيزياء والكيمياء والطب والفلك والرياضيات, وراحوا يبحثون فيه عن جذور للحقائق العلمية التي توصل إليها غيرهم! الإسلام أكبر من كل ذلك بكثير. anaszahid@hotmail.com

مشاركة :