كم من فكرة عظيمة أفرزها عقل شاب لا يملك سوى أفكاره الجميلة، بقيت محبوسة بين أوراق دفاتره حتى نسيها أو تناساها تحت تأثير الإحباط الكبير، فالمخترعون، وأصحاب الأفكار التجارية غير التقليدية والتي أنتجت رؤى غير مسبوقة لخدمة تجارية أو منتج استهلاكي لا يجدون دعماً حقيقياً مباشراً يمكنه أن يتلقى أفكارهم ويحيلها إلى واقع ملموس، على الرغم من وجود جهات مختلفة تعنى بشكل أو بآخر باحتضان الابتكارات والأفكار، إلا أن جل تلك الجهات تتبنى تلك الأفكار من خلال تقديم النصح والإرشاد أكثر من تبني الفكرة بحد ذاتها، كما أن المفاوضات مع التجار ورجال الأعمال تبدو تجربة غير مشجعة، فمن لديه استعداد لتبني فكرة شاب طموح من رجال الأعمال فإنما هو ينظر إليها من زاوية استثمارية قد تلتهم الفكرة وتبقي لصاحبها الفتات. ترى لماذا تتعامل الجهات المعنية باحتضان الأفكار والابتكارات برتابة وبيروقراطية مع أولئك المبدعين؟ وما هي أفضل السبل من أجل تشجيع الإنتاج الفكري والابتكاري في البلاد؟ وما هي الآثار الايجابية المتوقعة على أي بلد يبدع أبناؤه في إنتاج أفكار عظيمة تستحق التقدير؟ الدكتور عبدالله المفلح – المختص في علم اللغة النفسي والمدرب المهتم بالتنمية البشرية – أكد أن المجتمع يزخر بالقدرات البشرية الخلاقة التي تملك أفكاراً جديدة ومبتكرة، وأن لديها مشاريع غير مسبوقة كأفكار قابلة للتطبيق على أرض الواقع، وبين أن الخذلان الحقيقي لهذه العقول هو ألا يجد هؤلاء المبدعون من يتبنى أفكارهم الجميلة والمبدعة، مشيراً إلى أن ذلك يمثل أمراً محبطاً لهؤلاء المبدعين. وأكد أنه رغم وجود جهات تعنى بالمواهب وتشجيعها ك(موهبة)، إلا أن الحاجة ماسة إلى وجود مؤسسة متخصصة بدعم الأفكار المبدعة وتحويلها إلى مشاريع حقيقية وأن يكون لدى هذه المؤسسة تنوع في اهتماماتها وتبنيها للأفكار الخلاقة والمبدعة على اختلافها، وقال إن أحد أشكال ذلك التنوع أن يكون بعضه تربوياً، وآخر علمياً، ثم قانونياً ليحفظ للشباب أفكارهم وحقوقهم، وأن يكون الاتفاق مع جهات التمويل عن طريق تلك الجهة الحاضنة لتلك الأفكار وليس عن طريق الشابة أو الشاب صاحب الفكرة من أجل حماية حقوقهم. وشدد المفلح على أهمية تبني أفكار الشباب المبدعين، وتحويلها إلى واقع ملموس، مبيناً أنه يتعين على الجهة التي تحتضن مثل هذه الأفكار أن تدعم تحويل تلك الأفكار إلى واقع على الأقل بشكل أولي إلى أن يكون هناك نموذج ممثل للفكرة، ثم بعد ذلك يأتي الاتفاق مع المستثمرين المصنعين الذين يحولون تلك الفكرة إلى عمل استثماري. وأكد على أن دعم الأفكار المبدعة والاختراعات وتحويلها إلى واقع يثري العملية الاقتصادية ويساهم في تنوع الناتج الصناعي في البلاد، مبيناً على أن الجامعات تسجل غياباً كبيراً في مسألة دعم المخترعين وتبني الأفكار الجديدة.
مشاركة :