الإعلان عن الخطة الوطنية لتعزيز الانتماء الوطني التي يرأس فريق إعدادها وتنفيذها الفريق أول الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية تعتبر خطوة متقدمة في إطار الجهود الوطنية التي بدأت منذ 2011 وإلى اليوم من أجل تعزيز الانتماء الوطني الذي تعرض إلى هزة كبيرة في أحداث عام 2011 المشؤومة والتي حاول البعض من خلالها التأثير سلبا على الوحدة الوطنية وعلى وحدة نسيجنا الوطني البحريني الأصيل. فهذه الخطة التي تم الإعلان عنها جاءت في الحقيقة لتؤكد ثلاثة أمور: الأول: أن موضوع الانتماء الوطني ليس مجرد درس علمي ندرسه في الكتاب أو نتعلمه في المدرسة وإنما هو عمل دؤوب وشامل ومتكامل ضمن الحياة اليومية للمواطنين بمختلف أعمارهم ولذلك استدعى هذه الجهد لتعزيز الانتماء الوطني تضافر جهود مختلف الجهات الوطنية الأساسية الفاعلة في مجال التوجيه والتربية والتثقيف والتوعية ومن هذا المنطلق شارك في هذه الخطة العديد من الوزارات التي تضطلع بمسؤوليات جوهرية في مجال التوجيه وتعزيز الانتماء الوطني مثل الداخلية والتربية والتعليم والإعلام والشباب والرياضة والعدل والثقافة إلى آخره وهي أول خطوة جماعية يتحمل من خلالها كل طرف جزءا من المسؤولية. فوزارة الداخلية عليها مسؤولية كبرى في مجال تعزيز الانتماء الوطني ونذكر هنا وليس من باب المدح بل من باب إحقاق الحق أن معالي وزير الداخلية قد أدرك في وقت مبكر من حدوث أزمة 2011 أن معالجة هذا الموضوع لا يكفي فيه الدور الأمني الذي كان ضروريا آنذاك نتيجة للتهديدات التي تعرض لها كيان الدولة والمجتمع معا بل يستدعي أيضا عملا توعويا جليا متكاملا تشارك فيه جميع الجهات الوطنية. كذلك الأمر بالنسبة إلى وزارة التربية والتعليم التي أدخلت مناهج جديدة هي تطوير مناهج التربية الوطنية وحقوق الإنسان بما يتناسب مع مختلف المراحل الدراسية، والشيء نفسه ينطبق على وزارة الشباب والرياضة التي لها دور كبير في استقطاب ورعاية الأطفال والشباب من خلال الأنشطة والفعاليات الوطنية والرياضية التي لها دور كبير في تعزيز هذا الانتماء وتقوية الاعتزاز بالوطن وقيادته وتاريخه وهويته. وكذلك ينطبق الأمر على الجانب الثقافي الذي تضطلع به حاليا هيئة البحرين للثقافة والآثار التي تنفذ العديد من البرامج المهمة التي تعزز الهوية الوطنية وتحافظ على تراثنا الوطني الذي هو جزء لا يتجزأ من الانتماء والاعتزاز الوطنيين. كما أن وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف لها دور أساسي وفاعل في تطوير التشريعات التي تتعلق بالانتماء الوطني واقتراح القوانين والقرارات اللازمة في هذا المجال. هذا طبعا إضافة إلى دور مؤسسات المجتمع المدني في تعزيز الانتماء الوطني ودور الأسرة البحرينية وأجهزة الإعلام المختلفة بما في ذلك الإذاعة والتلفزيون والصحافة التي تلعب دورا في تعزيز الهوية الوطنية. الثاني: إن هذه الخطة رغم أهميتها الكبرى والتي جاءت لترسيخ قيم المواطنة والتعايش والحوار والتسامح وغيرها من القيم تحتاج إلى جهد إضافي متواصل لتنفيذها حتى يتحول هذا الانتماء الوطني إلى سلوك لدى الناشئة وإلى منهج دائم حقيقي يبدأ من غرس معاني حب الوطن والانتماء لدى الأطفال منذ مرحلة الروضة وحتى سنوات متقدمة من العمر ويتطور بتبصير الأطفال والشباب في المدارس والجامعات بأهمية الدفاع عن الهوية الوطنية والاعتزاز بالتاريخ الوطني والدفاع عن إنجازات هذا الوطن وما تحقق للشعب البحريني عبر السنين من مكاسب حقيقية. الثالث: إن هذه الخطة الوطنية في تقديري لا يمكنها أن تنجح في تحقيق أهدافها في ظل وجود جماعات لا وطنية تعمل ليلا ونهارا عبر ما تمتلكه من وسائل إعلام ووسائل التأثير وربما حتى المال ومن خلال مواقعها في الخارج والمدعومة من قوى معادية للبحرين تعمل على تخريب الانتماء الوطني من خلال: - تضخيم وتكبير الهوية الطائفية على حساب الهوية الوطنية عبر إخضاع الأطفال والشباب لغسل أدمغة مستمر بعيدا عن القيم الجامعة للمجتمع البحريني المتعايش عبر القرون فهؤلاء الذين يضخمون من الهوية الطائفية يدمرون بقصد أو غير قصد ما يجمع بين البحرينيين من انتماء وطني في ظل التقدم والازدهار الاقتصادي والاجتماعي الذي تحقق لأبناء البحرين في ظل المشروع الإصلاحي لجلالة الملك أيده الله. - الاستمرار إلى يومنا هذا في استقطاب وجذب العديد من أبناء البحرين إلى العمل مع هذه الجماعات الإرهابية التي تلحق أفدح الضرر بأمن واستقرار البحرين وشعبها الوفي وقد أظهرت الأحداث في السنوات الماضية أن العديد من هؤلاء الشباب قد تم التغرير بهم ليعملوا ضد وطنهم وضد أمنه واستقراره كما تبين أن هذه الجماعات الإرهابية العميلة للخارج تشكل خطرا حقيقيا لا بد من التصدي له، بما في ذلك تلك الجماعات المستقرة في لندن وبيروت والعراق وإيران وتعيش على ما تنفقه عليهم أجهزة المخابرات الأجنبية من تمويل لسكنهم ومعاشهم وأعمالهم الإرهابية التي يمارسونها ضد البحرين وتسخير قنواتهم الفضائية الممولة من إيران وصحفهم الإلكترونية لبث الشكوى والأكاذيب واتهام الوطنيين المخلصين من أبناء البحرين والطعن في إخلاصهم ومحبتهم لوطنهم عبر ما يبثونه من سموم وأكاذيب بشكل يومي. إذن فإن هذه الخطة الوطنية لتعزيز الانتماء الوطني وترسيخ قيم المواطنة والانتماء تتطلب قبل كل شيء وضع خطة لمواجهة هؤلاء العملاء والمجرمين والمهرجين الذين باعوا ذممهم للخارج.
مشاركة :