أعرب الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن أمله في أن تأتي نتائج الانتخابات الإسرائيلية بـ«السلام»، وذلك تزامناً مع توافد الإسرائيليين على صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في انتخابات يمكن أن تمنح رئيس الوزراء اليميني بنيامين نتنياهو ولاية خامسة قياسية أو تشهد الإطاحة به على يدي جنرال سابق تعهد بالحكم النظيف ودعم الترابط الاجتماعي. وصرح الرئيس الفلسطيني للصحافيين خلال افتتاحه لقسم «أمراض الأورام» في أحد المستشفيات الفلسطينية بمدينة رام الله «نحن نتابع كل شيء في العالم، لأن كل حدث في العالم يهمنا وبالذات ما يجري عند جيراننا». وأضاف «كل ما نأمله أن يسيروا بالطريق العادل، الطريق الصحيح في الوصول إلى السلام». وتابع عباس في معرض رده على سؤال حول الانتخابات الإسرائيلية «أي حكومة تأتي لا تؤمن بالسلام فلا حاجة لنا بها ولا حاجة لمتابعتها من قبلنا». وأضاف «نرجو أن يهديهم الله ويفهموا أن السلام مصلحة لنا ولهم وللعالم أجمع، وبالتالي ليأتوا إلى طاولة المفاوضات». وقال الرئيس «أيدينا دائماً ممدودة للسلام ولكن لن نفرط بحقوقنا، ولن نقبل صفقة العصر مهما كانت، ولن نقبل بها لأنها تتجاوز حقوقنا». وتابع «إذا قبلوا أن نسير حسب الشرعية الدولية فأيدينا ستبقى ممدودة لهم من أجل الوصول إلى سلام». ويُتوقّع أن تكون نتيجة الانتخابات الإسرائيلية التي ستصدر اليوم الأربعاء متقاربة بين الطرفين، والأرجح أن تؤدّي بعد صدورها رسميّاً إلى مفاوضات محمومة لتشكيل حكومة ائتلافيّة، في وقت تُشير فيه استطلاعات الرأي إلى أنّ نتنياهو في موقع أفضل للقيام بهذه المهمة. وأدلى نتنياهو بصوته في لجنة انتخابية بالقدس المحتلة ورافقته زوجته سارة بعد زيارة عشية يوم الانتخابات لحائط البراق. وقال «هذه حقيقة هي روح الديمقراطية ويجب أن ننعم بها». وقال غانتس لدى إدلائه بصوته في لجنة في روش هاعين قرب تل أبيب «هذا يوم الأمل، يوم الوحدة، أنظر في أعين الجميع وأدرك أن بإمكاننا التواصل». وبعد الانتخابات، سيتشاور الرئيس الإسرائيلي ريئوفين ريفلين مع قادة كل حزب ممثل في الكنيست وسيختار من يعتقد أن لديه أفضل فرصة لتشكيل الحكومة. وستكون الانتخابات بمثابة استفتاء على نتنياهو البالغ من العمر 69 عاماً والذي اكتسب سمعة ضامن الأمن والنموّ الاقتصادي في البلاد، غير أنّ شعبويّته ومزاعم الفساد التي تحيط به جعلت الكثيرين على استعداد للتغيير. وانخرط نتنياهو في خطاب سياسي شعبوي طوال حملته اللاذعة التي يقول مراقبون إنّها بلغت حدّ شيطنة العرب الإسرائيليين وغيرهم. وكما هو متوقع، أصدر نتنياهو تعهّداً مثيراً للجدل قبل ثلاثة أيام فقط من الانتخابات حول اعتزامه ضمّ مستوطنات في الضفة الغربية في حال فوزه. ويُـمكن لتوسيع السيادة الإسرائيلية في الضفة الغربيّة أن يكون بمثابة رصاصة الرحمة على ما تبقّى من آمال متلاشية بحل الدولتين مع الفلسطينيين. وسلّط نتنياهو الضوء على اعتراف ترامب بالقدس عاصمةً لإسرائيل، واعترافه بالسيادة الإسرائيليّة على مرتفعات الجولان، وقال إنّ الرئيس الأميركي كان على دراية بمخططاته لضمّ الأراضي. أما غانتس، المظلّي السّابق البالغ 59 عاماً والذي شكّل تحالفاً وسطيّاً لتحدّي نتانياهو، فاستند إلى مزاعم الفساد ضدّ رئيس الوزراء لإثبات أنّ أوان رحيله قد آن. ووصف تعهّد نتنياهو بضمّ المستوطنات بأنه محاولة «غير مسؤولة» للحصول على أصوات الجناح اليميني. وبالنسبة إلى موقفه من هذه القضيّة، يقول غانتس إنّه يفضّل اتّفاق سلام مدعوماً دولياً واحتفاظ إسرائيل بكتل استيطانيّة كبيرة في الضفة الغربيّة وبالسيطرة الأمنية على المنطقة، لافتاً إلى معارضته أيّ خطوات أحاديّة. وسعى غانتس إلى تخطّي خبرة نتانياهو وإنجازاته، عبر التحالف مع رئيسي أركان سابقين للجيش إضافة إلى وزير المال السابق يائير لابيد لتشكيل تحالف «الأزرق والأبيض». ومنحت استطلاعات الرأي حزب نتانياهو «الليكود» وتحالف «الأزرق والأبيض» نفس عدد المقاعد في البرلمان المؤلف من 120 مقعداً. وبحسب هذه الاستطلاعات التي تُعطي كلّ طرف ثلاثين مقعداً، لن يكون بإمكان أيّ منهما تحقيق الغالبية المطلوبة لتشكيل حكومة، وسيحتاجان إلى تشكيل ائتلاف حكومي. ومن العوامل المؤثرة على مدى الإقبال على التصويت بين العرب الذين يشكلون 21 بالمئة من سكان إسرائيل، أن العديد منهم أغضبهم قانون الدولة القومية للشعب اليهودي الصادر في عام 2018 وينص على أن اليهود وحدهم لهم حق تقرير المصير في البلاد، وأيد نتنياهو القانون. وقال أيمن عودة العضو العربي بالكنيست وزعيم حزب «حداش» وهو يدلي بصوته في حي يغلب عليه العرب في مدينة حيفا، إن المشاركة أساسية لتحقيق التحول السياسي الذي يفيد عرب إسرائيل. وأضاف «علينا أن ندلي بأصواتنا، يجب أن نأتي أفواجاً بالقطارات والحافلات والسيارات وأي وسيلة أخرى للتصويت وتحقيق مساهمة حاسمة للإطاحة بالحكومة اليمينية وبخاصة بنيامين نتنياهو». وتابع «من المهم للغاية أن يصوت العرب للحزب الذي يمثل قيمهم بنسبة مئة بالمئة وليس 80 أو 40 بالمئة مثل الأحزاب الأخرى». وأشار بعض العرب إلى أنهم سيصوتون لصالح أحزاب إسرائيلية تمثل اليسار أو الوسط بدلاً من حزب يهيمن العرب على قائمة مرشحيه. وبعد يوم أو يومين من فرز الأصوات، سيبدأ الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين مشاوراته مع الأحزاب المنتخبة طالباً منهم التوصية حول من عليه أن يختار لتشكيل حكومة ائتلافية، وليس من الضروري أن يختار زعيم الحزب الفائز بأكبر عدد من الأصوات. وفي السياق ذاته، أعلن جيش الاحتلال أمس، أنه فرض إغلاقاً شاملاً على الأراضي الفلسطينية بالتزامن مع إجراء الانتخابات الإسرائيلية. وقال الجيش الإسرائيلي في بيان صحفي إن الإغلاق سيفرض حتى منتصف ليل الثلاثاء ويتم بعدها فتح المعابر ورفع الإغلاق وفقاً لتقييم الوضع الأمني وتوجيهات المستوى السياسي. وتشير تقديرات إلى أن نحو 6.39 مليون شخص يحق لهم التصويت في الانتخابات من بينهم نحو 11 بالمئة من المهاجرين أو المقيمين بشكل دائم خارج إسرائيل.
مشاركة :