أكد صندوق النقد الدولي أن المخاطر على النظام المالي العالمي زادت على مدى الأشهر الستة الأخيرة، وأنها قد تزيد أكثر مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بلا اتفاق أو في حالة تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين. وبحسب "رويترز"، أشار الصندوق، الذي بدأ اجتماعات الربيع مع البنك الدولي في واشنطن هذا الأسبوع، إلى أن نمو الاقتصاد العالمي يتباطأ، وأن حدوث تدهور مفاجئ قد يكون له أثر بعيد المدى، محذرا من التراجع عن قواعد تنظيمية احترازية قد تسهم في حماية النظام المالي في حالة حدوث تدهور. وأفاد الصندوق في تقرير الاستقرار المالي العالمي بأن "هناك خطرا من تدهور معنويات المستثمرين الإيجابية على نحو مفاجئ بما يؤدي إلى تأزم الأوضاع المالية على نحو حاد". وأضاف "سيكون لهذا أثر أكبر على الاقتصادات، التي تتسم بضعف في العوامل الأساسية، وقدر أكبر من عوامل الضعف المالي، ومجال مناورة أضيق أمام السياسات لمواجهة الصدمات". وقلص الصندوق توقعاته للنمو العالمي إلى أدنى مستوى منذ 2016، في ثالث خفض للتوقعات منذ تشرين الأول (أكتوبر). وحذر الصندوق من أن حدوث تباطؤ بوتيرة أشد من المتوقع قد يؤدي إلى تدهور الأوضاع المالية، وحث صناع السياسات على الإعلان عن أي تغييرات في مواقف سياساتهم النقدية بوضوح لتقليص تقلبات السوق. ولفت التقرير إلى أن معنويات المستثمرين تحسنت منذ علق مجلس الاحتياطي الاتحادي (المركزي الأمريكي) دورة رفع الفائدة، محذرا من أن حدوث تحول قوي في سياسة المركزي الأمريكي قد يطلق عمليات بيع في الأصول عالية المخاطر. ولفت الصندوق إلى أن التداولات في الأسواق الأوروبية والأمريكية ظلت تتسم بالانتظام في الوقت الذي كانت فيه السلطات تواجه صعوبات للتفاوض على صفقة تضمن خروجا منظما لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي. لكن الصندوق حذر من أن استمرار الجمود لفترة طويلة يهدد "بزعزعة استقرار الأسواق المالية، وتدمير ثقة المستثمرين، والتأثير سلبا على استثمارات الشركات". وقال الصندوق إن القطاعات المعتمدة على التجارة ارتفعت في أنحاء العالم بفعل التوقعات بنتيجة إيجابية للمحادثات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، لكن إذا تعثرت تلك المحادثات، فإن المنظمة تتوقع تجدد عمليات بيع. إلى ذلك، دعا صندوق النقد الدولي ألمانيا مجددا إلى الاستفادة بصورة أفضل من إمكانات الاستثمار الحكومي. وقال فيتور جاسبار، مدير قسم السياسة المالية بالصندوق، في واشنطن "نرى أن توسيع نطاق السياسة المالية في ألمانيا سيكون موضع ترحيب". وأوضح جاسبار أنه بالنسبة لألمانيا، من الحكمة التركيز على الإنفاق العام، وذلك في ظل استمرار تدني تكاليف التمويل، "وهناك عديد من الفرص لاستثمارات منتجة في البنية التحتية والشبكات في ألمانيا". وأضاف أن هذا سيكون بمنزلة فرصة لألمانيا لتأمين نموها وقدرتها التنافسية للمستقبل، وذلك نظرا للفوائد السلبية في الوقت الراهن على السندات الحكومية الألمانية. وأعرب جاسبار عن اعتقاده بأن زيادة النفقات الحكومية من شأنها الإسهام في تقليص الفائض التجاري لألمانيا، الذي يزيد حاليا على معايير الاتحاد الأوروبي. وتشير توقعات الصندوق إلى أن الاقتصاد الألماني سيحقق نموا ضعيفا هذا العام بنسبة 0.8 في المائة، على أن يعاود معدل النمو ارتفاعه في العام التالي ليصل إلى 1.4 في المائة. يذكر أن مطالبات صندوق النقد الدولي تقع منذ فترة على آذان صماء في برلين، وكان وزير المالية الألماني السابق فولفجانج شويبله دخل في صراعات مع مدير عام الصندوق كريستين لاجارد بسبب هذا الموضوع، كما لم يطرأ تغيير على التوجه الأساسي في عهد وزير المالية الحالي أولاف شولتس.
مشاركة :