عبد اللطيف يكشف أبرز التغيرات التي لحقت بعمارة جامع عمرو بن العاص عبر التاريخ ..صور

  • 4/11/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

وصف د.محمد أحمد عبد اللطيف، أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية بجامعة المنصورة ومساعد وزير الآثار السابق جامع عمرو بن العاص بأنه أثر عظيم ومزار سياحى مهم، وتعود أهميته إلى أنه أول مسجد جامع فى مصر وأفريقيا، وثالث مسجد في الإسلام بعد مسجد الرسول"ص"فى المدينة المنورة ومسجد الكوفة بالعراق.وقال عبد اللطيف لصدي البلد:وقد شيده "عمرو بن العاص" بمدينة الفسطاط، وكان يحيط به مساكنها من جهاتها الثلاث الشمالية الشرقية والجنوبية الشرقية والجنوبية الغربية،أما الجهة الشمالية الغربية فلم يكن هناك أى بناء حيث كان الجامع مطلًا على النيل فى هذه الجهة آنذاك.وقد احتل جامع عمرو بن العاص مكانًا بارزًا فى مصر الإسلامية، فهو أول جامعة علمية سبقت الجامع الأزهر بنحو ثلاثمائة عام تقريبًا،حيث كانت تعقد به حلقات الدرس للشعب والطلبة والمتخصصين فى الفقه والحديث والقرآن واللغة العربية،وكان من بين من أعطى الدروس فيه الإمام الشافعى عند قدومه إلى مصر فى أواخر القرن الثانى الهجرى"الثامن الميلادى".ومن وصف الرحالة "ناصر خسرو" للمسجد أنه كان يقيم به المدرسون والمقرئون،وأنه مكان اجتماع سكان المدن الكبيرة ولا يقل عدد من فيه فى أى وقت من الأوقات عن خمسة آلاف من طلاب العلم والغرباء والكتاب،الذين يحرزون الصكوك "العقود" وغيرها.ومنذ أواخر العصر الفاطمى بدأ تقليدًا جديدًا،ألا وهو أداء شعائر صلاة الجمعة الأخيرة من شهر رمضان بالمسجد وهى التى تعرف باسم "الجمعة اليتيمة"،وقد ظل هذا التقليد جاريًا وتحرص عليه الجموع الغفيرة من المسلمين فى مصر على ذلك التقليد الرائع حتى الآن.وكان جامع عمرو بن العاص فى أول الأمر صغيرًا بنى بأسلوب بسيط على شكل المستطيل. وكانت هذه المساحة على هيئة ظله واحدة ترتكز على أعمدة من جزوع النخل والحجر والأجر واللبن كما كان السقف منخفضًا بسيطًا يتكون من مدادات من الخشب وسعف النخيل أما أرضيته فكانت مفروشة بالحصباء.وقد اجتمع لإقامة المحراب ثمانون من الصحابة كان فيهم "الزبير بن العوام" و "عبادة بن الصامت" ، ويقال أن عمرو بن العاص " هو الذى وضع قبلته بنفسه ولكنه انحرف بها نحو الشرق،وصححها بعد ذلك "قرة بن شريك" عندما بنى المسجد من جديد عام 93 هـ / 711م.وفي العصر الأمـوى قام الوالى مسلمة بن مخلد سنة 53 هـ/ 672م بهدم الجامع من أساسه وإعادة بنائه من جديد،على مساحة تزيد عن ضعف مساحته الأصلية وأضاف صحنًا مكشوفًا يتقدم القبلة الجديدة وفرش أرضيته بالحصير بدلًا من الحصباء،وعندما جاء قرة بن شريك قام بهدمه من أساسه ثم أعاد تشييده سنة 93 هـ / 711م،فأصبحت مساحته 750م أى نصف مساحته الحالية،وأقام به محرابًا غائرًا كما زوده بمنبر خشبى جديد وقام بعمل مقصورة بجوار المحراب. وفي العصر العباسى،عندما تولى "عبد الله بن طاهر" أمور مصر من قبل الخليفة "المأمون العباسى" قام فى سنة 212 هـ / 827م ، بإضافة مساحة جديدة للجامع من الجهة الجنوبية الغربية تعادل المساحة التى كان عليها بعد عمارة "قرة بن شريك" له حتى أصبحت مساحته حوالى ألف وخمسمائة مترًا مربعًا وهى تقريبًا نفس مساحة الجامع الحالية ، ولم تكن جدرانه متعامدة تمامًا فأصبح شكله مقاربًا لشبه المنحرف.وكان لجامع عمرو أيام "عبد الله بن طاهر" ثلاثة عشر بابًا منها ثلاثة فى الجدار الشمالى الغربى المواجه للميدان وأربعة فى الجدار الجنوبى الغربى أما فى الجدار الشمالى الشرقى ففيه خمسة أبواب فى حين أن جدار القبلة له باب واحد لخطيب المسجد.ولم يفقد جامع عمرو مكانته بعد دخول الفاطميين مصر سنة 969م،فقد حرصوا على سلامة عمارته وتزويده بالأثاث وبلغ أوجه ازدهاره فى خلافة العزيز بالله سنة 989م الذى شيد فيه فواره تحت قبة بيت المال،غير أن أهم أعمال التعمير التى أجريت فى هذا العصر تمت فى عصر"الحاكم بأمر الله سنة 998م،حيث قام بعمل رواق فى صحن المسجد على أعمدة من الحجر بدلًا من الخشب كما أمر بصنع تنور ضخم لإنارة الجامع وتزويده بمنبر كبير. وتخرب هذا الجامع فى نهاية العصر الفاطمى نتيجة لحريق الفسطاط الذى حدث فى سنة 1175م فقد أحرقه "شاور" وزير "العاضد" أخر خلفاء ذلك العصر لكى يحول دون دخول الصليبيين الفسطاط إلى أن جاء "صلاح الدين الأيوبى" فأمر بتجديده فى سنة 1179م وأعاد بناء القبلة بما فى ذلك المحراب الكبير الذى كُسى بالرخام ونقش عليه اسمه.ومن أهم ما تم فى عصر الممالك من أعمال فى هذا الجامع من وجهة النظر الأثرية والفنية،تلك التى تمت فى عهد السلطان "الناصر محـمد بن قلاوون" على يد الأمير "سلار" نائب السلطنة على أثر زلزال مدمر ساهم فى تدمير كثير من مبانى مصر وحدث ذلك فى عام 702 هـ/ 1302م.وفي العصر العثمانى نال جامع عمرو العناية والرعاية اللازمة لاسيما أن الفسطاط كانت قد تخربت وغادرها السكان،وقبيل دخول الفرنسيين مصر فطن "مراد بك" أحد حكام مصر فى ذلك الوقت إلى حالته فبدأ عمارته فى سنة 1796م،وأعاد بناء الجامع من جديد وجدد سقفه وفرشه بالحصر وعلق به القناديل،غير أن هذه العمارة قد غيرت معالمه كلها فيما عدا حدوده الخارجية فلم يراع فيها التصميم الأصلى،كذلك قام بتغير الإيوانات والصحن.وفى عصر الخديو "توفيق" أجريت بعض الترميمات بالجامع سنة 1882م،وفى سنة 1899م أجرى ديوان الأوقاف به عمارة جدد بها سقف الإيوان القبلى وبعض الإيوان البحرى وأقيمت جدرانه وغطيت أرضيته بالبلاط،وفى سنة 1906م تولت لجنة حفظ الآثار العربية ثم مصلحة الآثار بعد ذلك العناية به،فقد أصلح إيوان القبلة وأجريت فى صحن الجامع حفائر كشفت عن قواعد الأعمدة القديمة وعن أساس عمائر ترجع إلى عصور مختلفة.

مشاركة :