عمار علي حسن: حان الوقت لتجديد الخطاب الديني

  • 4/12/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أبوظبي: محمد علاء استضاف اتحاد كتاب الإمارات في أبوظبي مساء أمس الأول، الروائي والمفكر السياسي عمار علي حسن في محاضرة عن «دور الثقافة في مواجهة التطرف والتعصب»، قدمه فيها الشاعر والكاتب الصحفي حبيب الصايغ، الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، رئيس مجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات. استهل الصايغ المحاضرة بمداخلة قال فيها: «إن الثقافة في مواجهة الإرهاب والتطرف والتعصب مسألة مهمة ويقال فيها الكثير»، مشيراً إلى أن دولة الإمارات انتبهت إلى هذا الأمر قبل غيرها وعالجت موضوع الإرهاب بالقانون وبالعدل وبالفكر، حيث أقامت الدولة مؤتمرات عدة حول الإرهاب والتطرف والثقافة والمواجهة، إضافة إلى إعلان 2019 عاماً للتسامح، لافتاً إلى أن الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب عقد 5 جلسات تتناول هذه المسألة. وأضاف أن عام التسامح جاء صرخة ضد الإرهاب، فالإرهاب ليس قضية موسمية، ولفت إلى أهمية المرسوم رقم 2 لعام 2016 الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في موضوع مكافحة ازدراء الأديان والتمييز والتعصب، داعياً إلى تفعيله عن طريق عدم سكوت أي مواطن أو مقيم عن حقه. وأشار الصايغ إلى أن عمار علي حسن روائي مصري صدرت له عشرات الروايات منها: «شجرة العابد» و«جبل الطير».. فهو يجمع بين الكتابة الروائية والإبداعية والفكر السياسي، وهذا من النادر هذه الأيام. وبدأ عمار علي حسن المحاضرة بالإشارة إلى استخدام الجماعات الإسلامية لوسائل التواصل الحديثة، لافتاً إلى قدرتها على التجنيد وبث الأفكار عبر الشبكات الاجتماعية، ومحاولتها الاستفادة من أخطاء الماضي وترميم الشروخ. ولو اطلعنا على بعض الموسوعات التي تتحدث عن الجماعات المتطرفة التي وجدت في العالم الإسلامي منذ الفتنة الكبرى وحتى الآن، سنجد أنها بالآلاف. وقال: «المعالجة الأمنية لمن يرفع السلاح مهمة، لكن على المدى البعيد هناك ضرورة للمعالجة الفكرية والمواجهة الثقافية، وأقصد بالثقافة ليست فقط الأفكار والآداب والفنون؛ إنما أقصد أيضاً طرائق العيش والطقوس العديدة الموجودة في المجتمعات الإنسانية، وربما نجد أن الموروث الشعبي لديه قدرة كبيرة على إمدادنا بأفكار وقدرات على التخيل أكثر من الثقافة التي تنتجها النخبة». وأوضح: «من الطبيعي أن يكره المتطرفون الثقافة وتحديداً الفنون والآداب لعدة أسباب؛ أولها أن الثقافة تزاحم الخطاب الديني المتطرف في مسألة امتلاك الوجدان، وأقول دائماً: لا يمكن أن يتطرف إنسان بقلبه قدر من الفنون». وتابع: «في تاريخ الكنيسة الغربية كان الفن هو بداية التنوير وبداية مواجهة التعصب الديني، فالفن في نزوعه إلى التعدد وإطلاق الخيال، لديه القدرة على مواجهة التطرف من هذه الزاوية، فالتطرف يريد للدين أن يكون مساراً واحداً يسميه الطريق المستقيم، أو صحيح الدين أو الالتزام بالثوابت، لكنه لا يؤمن بالتعددية. أما نزوع الفن للتعددية فيجعل المتطرفين يكرهونه، وهناك كراهية أخرى للطريقة التي يتحدث بها المثقفون عن الدين؛ لأن المثقف يستطيع دائماً أن يفرق بين الدين وبين اتباعه؛ بين الإسلام وتاريخ المسلمين». وأشار حسن إلى مظاهر كراهية المتطرفين والمتعصبين للثقافة والتي باتت واضحة للعيان، فنحن قرأنا كثيراً عن كتب تحرم الموسيقي والنحت والرسم، وتنسب ذلك إلى الدين، وقال: «الثقافة يمكنها أن تواجه التطرف من عدة زوايا، عبر تعزيز تصورنا عن المشترك الإنساني». وأضاف: «علينا أن نفكر في وضع أسس لمواجهة ثقافة الكراهية؛ أولها أن ننظر إلى أي مجتمع باعتباره يتشكل من جماعات ثقافية متعددة، وثانيها أنه لابد أن نخرج من سجن التاريخ، وثالثها تكريس فكرة التعايش المشترك.. لقد آن الأوان لكي يشتبك المثقفون في قضية الإصلاح وتجديد الخطاب الديني». وأكد أن الإصلاح الديني يجب أن يقوم على خمسة أسس؛ أولها الإيمان بأن العقل يكمل مسيرة الوحي، والثاني أن نؤمن بأن الإيمان مسألة فردية، والثالث الالتفات إلى الوعي الأخلاقي، والرابع التمييز الواضح والصريح بين الدين والسلطة السياسية، والخامس الاهتمام بالإصلاح الاجتماعي. وأضاف: «الأديان كلها شهدت صراعاً على السلطة، فإذا كان فصل الدين عن المجتمع جريمة، فإن فصل الدين عن السلطة السياسية ضرورة. هذه مسألة يجب أن تكون واضحة، وإقحام الأديان في الصراع على السلطة يضر بجلال الدين مثلما يضر بالسلطة ذاتها». واختتم المحاضرة قائلاً: «إذا كنا نتحدث عن الثقافة فيجب أن نتناول دور التعليم، وقد خصص عميد الأدب العربي طه حسين في كتابه مستقبل الثقافة في مصر جميع صفحاته للتعليم، فرأى أن الثقافة والتعليم متضافران لا انفكاك بينهما ولا انفصال». وأضاف: «أول طريقة لمواجهة التطرف من خلال التعليم، هو ألا نملأ رأس المتعلم بالمعلومات؛ إنما نعلمه كيف ينقد وكيف يفكر تفكيراً علمياً، وكيف يسأل ويراجع كل ما يقرأ ويسمع».

مشاركة :