كوادر بشرية مؤهلة

  • 4/13/2019
  • 00:00
  • 17
  • 0
  • 0
news-picture

ابن الديرة بناء الأوطان وتنمية ثرواتها، وتأمين قدراتها المستقبلية، وحماية منجزاتها التي حققتها بالدم والعرق والتضحيات الجسام، ليست استراتيجيات عابرة ولا مؤقتة، لكنها قواعد عمل أساسية وضرورية لكل بنيان لا يستطيع أن يصمد إلا بوجودها مجتمعة؛ تستمد قوتها وفاعليتها من انسجام أهدافها وقدرة الإنسان على إنجازها بما يكفل تحقيق مصالحه لخير الجميع، بعيداً عن الفئويات والمصالح الضيقة. مثل هذه المهام الكبرى تتطلب كوادر بشرية مؤمنة بالأهداف التي ستسعى لتحقيقها قبل أية خطوة، ولديها اليقين الكافي على امتلاكها قدرات الإنجاز المبعثرة، وتجميعها، وتطويعها لخدمة الأهداف الوطنية السامية، وهذه الكوادر لا تتشكل بالرغبات والأمنيات، ولكنها تُخلق عبر جهود مضنية تصب جميعها في خدمة إنسان جديد قادر على العطاء المتميز، بحب وإخلاص وعزيمة لا تتزعزع على الإطلاق. إن استراتيجية تطوير التعليم بعيدة المدى، تبنّتها دولة الإمارات العربية المتحدة منذ بدايات القرن الحالي، مع بشائر ومؤشرات الثورة الصناعية الرابعة، والتطور المذهل في وسائل الاتصال والمواصلات، والاستخدامات التي لا حصر لها للذكاء الاصطناعي، وغيره من مكونات العصر التي أرغمت الإنسان على مجاراة التطور، واعتبرت غير القادرين أمواتاً أحياء. هذه الاستراتيجية في تفاصيلها تعتمد على الكوادر الوطنية البشرية المتميزة، القادرة على استيعاب معطيات العصر بشمولياته، والحاضر بخصوصياته وتفاصيله بكفاءة عالية، وفي الوقت نفسه الاستعداد الواثق للمستقبل بكل احتمالاته وتوقعاته، والقدرة على التعامل مع التطور المذهل للتكنولوجيا وأدواتها ووسائلها، وسيطرتها الكاملة على أدق تفاصيل حياة البشر، والقادم أكثر قدرة على الإدهاش. وبناء على كل ذلك، فإن التركيز في التطبيق العملي لمراحل الاستراتيجية، يعتمد على ربط الدراسة الأكاديمية للطالب مع التدريب العملي وتنشيط القدرات العقلية، حتى يمكن الوصول بالكادر البشري إلى وضع من التحدي يُمكّنه من الأخذ بأسباب التميز والإبداع والابتكار، كسمة ملاصقة له في سنوات دراسته المتدرجة تصاعدياً، حتى التحاقه بسوق العمل الذي يتنامى هو أيضاً، ويتأثر بالتطور التكنولوجي على أوسع نطاق، ويتطلب المزيد من المواكبة الكمية والنوعية. إن النجاح في الوصول إلى هذه النتائج الضرورية التي لا بد منها، يفرض أن تتكامل مكونات المنظومة التعليمية، وترتقي نسبياً بمستويات متقاربة، تتكامل وتتصاعد إيجابياً، ولا تتعارض وتؤثر سلباً في معطيات كل مكوّن منها. الطالب والمعلم والمناهج الدراسية والمباني المدرسية وطرق التدريس وأساليب التقويم والاختبار؛ كلها يجب أن ترتبط بآخر ما أنتجت التكنولوجيا من وسائل ترتقي بالأداء والمخرجات معاً، بحيث يتم إعداد الطلاب والمؤسسات التعليمية، لتكون قادرة على المساهمة الفعلية المستمرة في تعزيز اقتصاد المعرفة المتنامي، بما ينعكس على حياة المجتمع، ومستوى تطور مؤسساته وأفراده. والنجاح التدريجي في تطبيق استراتيجية تطوير التعليم، يمكّن الدولة من إعداد قوى بشرية نوعية، تتميز بالمعرفة والقدرة على القيادة والابتكار. ebnaldeera@gmail.com

مشاركة :