أخلت الشرطة ساحة موريس أودان قلب الحراك الشعبي وسط العاصمة الجزائرية من المتظاهرين، مستخدمة القوة والغاز المسيّل للدموع، في وقت أعلنت عن أنها أوقفت مجموعة إرهابية مدججة بالأسلحة والذخيرة، كانت تهدف لضرب الحراك الشعبي". ونددت الرابطة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بـ" قمع المتظاهرين في مسيراتهم اليوم بالجزائر العاصمة، وذلك باستعمال الغاز المسيّل للدموع، و خاصة في النفق الجامعي (المحاذي لساحة أودان)". واستعملت الشرطة في وقت سابق خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين ثم استعملت الغاز المسيل للدموع والقوة لدحر المتظاهرين الذين حاولوا الدخول في اشتباكات مع أفرادها. وقررت الشرطة مع حلول الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي، استخدام القوة لإنهاء تواجد المتظاهرين وفض مسيراتهم في وسط العاصمة. وتحدثت مصادر إعلامية عن إحراق سيارة للشرطة في خضم أحداث العنف. وهذه هي المرة الأولى منذ انطلاق الحراك الشعبي في 22 فبراير الماضي التي تستخدم فيها الشرطة القوة بهذا الشكل ضد المتظاهرين. وكانت الشرطة الجزائرية قالت في بيان لها، إنها أحبطت مشاريع إجرامية واسعة النطاق، على غرار قيامها إلى جانب مصالح الجيش، باعتقال مجموعة إرهابية مدججة بالأسلحة والذخيرة، والتي كانت تخطط للقيام بأعمال إجرامية وسط المتظاهرين، فضلاً عن اعتقال أجانب قدموا خصيصاً لإذكاء العنف والتوترات. كشفت المديرية العام للأمن الوطني الجزائرية، أنها "أوقفت مجموعة إرهابية مدججة بالأسلحة والذخيرة، كانت تهدف لضرب الحراك الشعبي". وأضافت في بيان أن "هذه الأطراف كانت تخطط للقيام بأعمال إجرامية ضد المواطنين، مستغلة الكثافة البشرية الناجمة عن التعبئة"، مشيرة إلى أن "التحريات المنجزة سمحت بالتوصل إلى أن بعض الأسلحة التي كانت بحوزة هؤلاء المجرمين، تم استعمالها في جرائم اغتيال في حق بعض منتسبي الأمن خلال العشرية السوداء". واحتشد آلاف المحتجين في الجزائر العاصمة للجمعة الثامنة على التوالي للمطالبة برحيل النخبة الحاكمة، مع استعداد البلاد لإجراء انتخابات رئاسية في يوليو. وقدم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة استقالته قبل 10 أيام بعدما قضى 20 عاماً في السلطة، وبعد ضغوط من الجيش ومظاهرات استمرت لأسابيع نظمها شبان يطالبون بالتغيير. لكن الاحتجاجات استمرت، إذ يريد كثيرون الإطاحة بنخبة تحكم الجزائر منذ استقلالها عن فرنسا عام 1962، ومحاكمة من يصفونهم بأنهم شخصيات فاسدة. وعيّن البرلمان رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح رئيسا مؤقتاً لمدة 90 يوماً لحين إجراء انتخابات رئاسية في الرابع من يوليو. وهتف المحتجون "لا لبن صالح" في وسط العاصمة حيث اندلعت الاحتجاجات الحاشدة يوم 22 فبراير. وحاولت الشرطة صباح اليوم الجمعة، إخلاء ساحة البريد المركزي التي تحوّلت خلال الأسابيع القليلة الماضية إلى نقطة تجمع تقليدية للمحتجين في الجزائر العاصمة، لكنها فشلت في ذلك وفق مراسلة "فرانس برس". وللمرة الأولى خلال ثمانية أيام جمعة من الاحتجاجات، اصطف عشرات من رجال الشرطة يرتدون الخوذات ويحملون الدروع منذ الصباح، لمنع المحتجين من الوصول إلى ساحة البريد في قلب العاصمة. ووصلت عناصر الشرطة عند حوالى الثامنة صباحاً (السابعة بتوقيت جرينيتش) فاستقبلهم بضع مئات من المتظاهرين بالصفير، وقد تجمعوا منذ الفجر على السلم الكبير للمبنى حيث أمضى بعضهم الليل. وبعد ساعات قليلة، أحاطت الشرطة بهؤلاء المتظاهرين وحاولت إبعادهم عن درجات السلم، لكن المتظاهرين وهم أكبر عدداً، أحاطوا بهم وراحوا يهتفون "سلمية سلمية". وأخيراً تنحى المحتجون للسماح للشرطيين بالانسحاب من الساحة من دون عنف، فيما انطلقت حناجر النساء بالزغاريد. وقال بعضهم للشرطيين: "انتم أولادنا نحن ضد نظام المافيا"، وصاح البعض باتجاه عناصر الشرطة "يا بوليس، أخلع خوذتك وتظاهر معنا". وقالت كريمة بورنان (36 عاماً) وقد جاءت برفقة ابنتها: "نشعر أن هناك بعض التوتر، الشرطيون منتشرون بأعداد كبيرة. نتمنى أن تظل التظاهرة سلمية". والخميس، وللمرة الأولى منذ بدء الاحتجاجات التي كانت في الإجمال هادئة، طوّقت عربات الشرطة الساحة ومنعت المتظاهرين من الوصول إلى ساحة البريد.
مشاركة :