المريء هو ذلك الأنبوب العضلي الواصل بين البلعوم والمعدة. طوله 25 سنتيمترا والحركة فيه تكون في اتجاه واحد، من الفم إلى المعدة. وعند حدوث الحركة في الاتجاه المضاد وتدفق المحتويات من المعدة بالعكس إلى الأعلى يحدث الارتجاع. إن عدم السماح بعودة العصارة أو الأكل من المعدة إلى المريء مهمة الصمام الموجود أسفل المريء، والذي يحرس فم المعدة، وأي خلل في عمل هذا الصمام يؤدي إلى حدوث الارتجاع. يقدر أن أكثر من ثلثي الأطفال حديثي الولادة يعانون من الارتجاع، ولكن الغالبية الساحقة منهم تتعافى منه خلال السنة الأولى من الحياة، والأقلية تستمر معها أعراض القيء ومشاكل الأكل وضعف النمو والكحة وتكرر الالتهابات إلى أن يتم علاجها. أما عند البالغين فهناك شخصان من كل عشرة أشخاص يحسون بأعراض الارتجاع مرة في الأسبوع على الأقل، وواحد منهم تعاوده الأعراض يوميا. والأعراض الشائعة هي الحرقة أو الإحساس بطعم عودة الأكل أو الحموضة في الفم وآلام الصدر وصعوبة البلع، وقد يكون هناك بعض الأعراض غير التقليدية كالكحة المزعجة وتغير الصوت وتكرار التهابات الحلق وغيرها. في الغالب تسوء الأعراض عند الإكثار من الأكل، خاصة عند النوم بعد الأكل. إن ارتخاء صمام المريء السفلي قد يكون نتيجة خلل فيه أو بسبب وجود فتق في الحجاب الحاجز، ولكن هناك عوامل أخرى غير مساعدة، أهمها السمنة وكذلك الحمل والتدخين والإفراط في تناول المشروبات الغازية والمنبهات وبعض الأدوية والتوتر. وعلاج الارتجاع لا يهدف فقط إلى تحسين الأعراض التي قد تتحول إلى إعاقة ولكن أيضا لمنع المضاعفات الخطيرة المحتملة كتقرحات المريء وتضيقه أو التغيرات التي تحدث في الطبقة الداخلية الرقيقة منه، والمعروفة باسم تحول أو التهاب (باريت) على اسم مكتشفها، والتي قد تتحول في حالة إهمالها إلى خلايا سرطانية لا قدر الله. والعلاج يكون باتباع خطة متدرجة، تبدأ بتغير أنماط الحياة كالحمية وإنقاص الوزن والإقلاع عن التدخين وتجنب المأكولات والمشروبات التي تزيد الارتجاع كالشوكولاته والنعناع والمشروبات الغازية والمنبهة وتجنب العشاء المتأخر والوجبات الثقيلة وأيضا البدء بالعلاج بالأدوية. أما العلاج الجراحي فهو فعال وله اشتراطات، أهمها ثبوت التشخيص بالاختبارات والأشعات الخاصة والمنظار واستبعاد أي خلل في وظائف المريء. والعلاج الجراحي أفضل ما يكون لأولئك الذين يستجيبون للعلاج بالأدوية لكن تعاودهم الأعراض عند الانقطاع عنها، وليس كما يظن البعض أنه لمن لا يستجيبون للأدوية، وهو أشد ضرورة لمن يشير المنظار إلى وجود التهابات في أسفل المريء وبداية تحول (باريت)، وينصح به لمن يعاني من أعراض مزمنة، خاصة من هم أصغر سنا. والجراحة تكون بالمنظار الجراحي وتتم بإعادة أسفل المريء من الصدر إلى البطن وإصلاح أي فتق في الحجاب الحاجز وطي أعلى المعدة حول أسفل المريء لصنع صمام يمنع محتويات المعدة من الدوران للخلف. ما هو ارتجاع المريء؟ ما أعراضه؟ وما أسبابه؟ كيف نعالجه؟ متى نلجأ إلى الجراحة؟
مشاركة :