كان من المبرمج أن يُعقد، اليوم الأحد مؤتمر وطني يجمع كل الأطراف الليبية على طاولة واحدة في مدينة غدامس، لبحث تحقيق الاستقرار تحت سلطة حكومة واحدة، لكن هذه الخطة الأممية فقدت زخمها وألغيت، بعد العملية العسكرية التي أطلقت لتحرير العاصمة طرابلس من الإرهاب. وأعلن الجنرال خليفة حفتر، قائد الجيش الليبي، يوم 4 أبريل الحالي، إطلاق عملية عسكرية لتحرير العاصمة طرابلس وتخليصها من سطوة الميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية، بينما ردّت حكومة "الوفاق" بإطلاق عملية "بركان الغضب". وتأتي الحرب الجارية في طرابلس، في وقت تعيش فيه ليبيا وضعا سياسيا متعثرا، حيث عجزت الأطراف المتنازعة على السلطة منذ سقوط نظام القذافي عام 2011 عن الوصول إلى صيغة وفاق سياسي يضمن أمن واستقرار ليبيا ووحدة وسلامة أراضيها. "تعنت التيار الإسلامي" وفي هذا السياق، قال النائب في البرلمان صالح افحيمة في تصريح للعربية.نت، إن انسداد الأفق أمام كل المبادرات التي تم تقديمها واصطدامها بتعنّت تيار الإسلام السياسي، الذي يعدّ أساس المشكلة وسبب الانقسام السياسي الذي أوصل ليبيا إلى ما هي عليه اليوم، هو الوضع الذي دفع بالجيش الليبي إلى اللجوء للحرب، كآخر الحلول من أجل بسط نفوذ الدولة على "عاصمة الوطن" طرابلس. ويبدو افحيمة، متفائلاً بشأن قدرة الجيش على حسم المعركة لصالحه، مؤكداً أن نجاحه في الدخول إلى العاصمة طرابلس وتأمينها "سينعكس بشكل إيجابي على استقرار كامل البلاد، إذ ستتوحد المؤسسات وتنضوي جميعها تحت سلطة موحدّة، مؤكدا أن الجيش دخل طرابلس لحماية المواطنين وتحقيق أمنهم وتخليصهم من سلطة الميليشيات والإرهاب. تركيا وقطر تدعمان الإسلام المتطرف من جانبه، اعتبر المحلل السياسي زايد هدية في تصريح للعربية.نت، أنه في ظل سطوة الميليشيات المسلحة وسيطرتها على كل موارد الدولة، وعرقلتها لأي فرصة للتوصل إلى حل بين الطرفين المتنافسين، يبدو أن "الحل العسكري الذي لجأ إليه الجيش الليبي هو الملاذ الوحيد لإنقاذ البلاد وانتشالها من الهاوية، وحمايتها وحماية محيطها الإقليمي من خطر نشاطات الجماعات الإرهابية المتطرفة". وتحدّث هدية عن استحالة الخيارات السياسية في ليبيا، وتركيا وقطر تقودان تحالفا ثنائيا لدعم الإسلام الراديكالي، الأولى بالسلاح والثانية بالمال والإعلام، قائلا "كيف يمكن التفاوض مع إرهابي وإقناعه بمشروع دولة مدنية تسع الجميع، أو التحاور مع ميليشيات تتغذّى من الفوضى وتستفيد منها في جمع الثروة والبقاء في السلطة، يجب ألا نخدع أنفسنا بتخيّل عملية ديمقراطية وفرض القانون في ظل وجود ميليشيا مسلحة، بكل شارع في عاصمة البلاد ومركز السلطات". في المقابل، يرى بعض المراقبين، أنّ التطورات العسكرية في العاصمة طرابلس قد تشعل حرباً أهلية في ليبيا، خاصة إذا طالت المعركة، وهو احتمال قائم حسب الناشط السياسي محمد عبد الكريم، في ظل تعنّت الميليشيات وتوحدّها للدفاع عن مصالحها رغم اختلاف توجهاتها وولاءاتها، ولكنه يرى أن فرصة نجاح الجنرال خليفة حفتر، في مهمته كبيرة جدّا، من أجل تحقيق وعوده بتشكيل حكومة شباب توّحد كل الليبيين. وكان حفتر تعهدّ، خلال كلمة ألقاها في ملتقى مستقبل شباب ليبيا بمدينة بنغازي، نهاية الشهر الماضي، بتشكيل حكومة واحدة وموّحدة تجمع كل الليبيين، يكون للشباب دور قيادي فيها، وذلك بعد عودة العاصمة طرابلس إلى أحضان ليبيا. ولكن تبدو أنّ هذه الوعود صعبة التحقيق على المدى القريب، حسب الباحث في مركز ليبيا للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية إدريس القويضي، الذي توّقع في تصريح للعربية.نت، أن تدوم معركة السيطرة على العاصمة طرابلس فترة طويلة، خاصة أن "الميليشيات المسلحة تملك من العتاد والمال والموارد البشرية، ما يمّكنها من القتال لمدة طويلة"، لافتا إلى أن الحل السياسي للأزمة الليبية "أعدم نهائيا بعد هذا التصعيد العسكري والحملات العدائية بين الطرفين"، مؤكدا أنه لم يعد من حل أمام الليبيين إلا انتظار ما سيسفر عنه هذا النزاع المسلّح".
مشاركة :