الغريب في تصريح الأمين العام لمجلس التخطيط أنه يخالف أبسط نتائج وأهداف ومؤشرات خطة البلاد التي صدرت بقانون، لأن من الثابت إحصائياً أنه في مقابل كل مولود كويتي جديد يدخل إلى البلاد أكثر من اثنين من الوافدين، وذلك إما لخدمته من الخدم، أو من العاملين في المهن التي لا يعمل بها الكويتي. خلال الأسبوع الماضي طالعتنا وسائل الإعلام بعدد من التصريحات التي يجب الوقوف عندها وتأملها والتعقيب عليها وهي: • التصريح الأول، كان لتيريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا قالت فيه: "لقد انتهى العصر الذي نترك فيه المجال لوسائل الاتصال الاجتماعي لأن تشرع ما هو صح وما هو خطأ، سنسن تشريعات لحماية أجيالنا من أضرارها فوراً". وتصريحها هذا ينم فعلاً عن فهم عميق لما يقوم به بعض المدونين في وسائل الاتصال من هدم لأركان مهمة في المجتمع، وتهديدها بسن عقوبات قانونية يدل على حرصها على سلامة بلدها من أن يتحكم فيه الرويبضات. وليت الإخوة في الحكومة ومجلس الأمة يحذون هذا الحذو بدلاً من مطالبتهم بإلغاء قانون الجرائم الإلكترونية أو تخفيف العقوبات الواردة فيه أو في قوانين المطبوعات. • التصريح الثاني هو ما امتلأت به وسائل الاتصال من سخرية على مقابلة أجرتها سيدة فاضلة طالبت فيها باستخدام السطل (أو التب) مكان الهوز في تنظيف الأرصفة الملاصقة للمنازل، رغم أن مطالبتها صحيحة وضرورية، وذلك لأن الماء سلعة غالية ومدعومة، وتكلف البلاد الكثير، وقد رأينا بعض الخدم يتابع حتى أوراق الشجر الساقطة على الرصيف بذَنوب من الماء حتى يسقط الورقة من الرصيف إلى الشارع، وأذكر أن معهد الأبحاث قد أجرى دراسة قبل سنوات قليلة أثبت فيها أن هذا الماء المتسرب يزيد نسبة المياه الجوفية في المناطق السكنية ويخرب البنية التحتية والشوارع. كما أن النبي، صلى الله عليه وسلم، نهى في الأحاديث الصحيحة عن الإسراف في صرف الماء ولو كان الإنسان على نهر جارٍ. لذلك فإن على الساخرين أن يتوبوا إلى الله عما سطرته أيديهم من مخالفة شرعية وضرر للوطن ولسيدة فاضلة. • التصريح الثالث هو للأخ الكريم الأمين العام لمجلس التخطيط، وهو إن صح كارثة حقيقية لمسؤول يفترض فيه البيان والدفاع عن خطط الدولة، حيث نقلت عنه إحدى الصحف قوله: "تكاثروا لتعديل التركيبة السكانية وتقليل الوافدين". والغريب في تصريح الأمين العام أنه يخالف أبسط نتائج وأهداف ومؤشرات خطة البلاد التي صدرت بقانون، لأن من الثابت إحصائياً أن في مقابل كل مولود كويتي جديد يدخل إلى البلاد أكثر من اثنين من الوافدين، وذلك إما لخدمته من الخدم، أو من العاملين في المهن التي لا يعمل بها الكويتي مثل المهن الدنيا والحرفية، وكذلك المهن التي لا يتوافر من الكويتيين العدد الكافي لشغلها مثل تدريس المواد العلمية والمهن الطبية المساعدة، ويكفي أن يراجع الأمين العام محاضر اللجنة الاقتصادية في مجلس التخطيط لكي يعلم حجم العمالة الأجنبية المطلوبة لتشغيل المستشفيات الجديدة وكذلك المتطلبات المالية المطلوبة لجلبها. لقد كان على الأمين العام أن يدعو في حديثه الأسرة الكويتية لتشجيع أبنائها للتخصص في الدراسات العلمية والمهن المطلوبة في سوق العمل لكي يتم إحلالهم مكان الوافدين، وبذلك فقط تتعدل التركيبة السكانية، وكان عليه أن يشير أن لدينا أكثر من 420 ألف طالب وطالبة في مراحل التعليم المختلفة يُنتظر تخرجهم خلال السنوات الخمس عشرة القادمة، ومعظمهم غير مؤهلين لشغل الأعمال التي يعمل بها الوافدون الذين سيستمر الطلب عليهم ما لم تتوافق مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل، وما لم تقم الأم بدورها في المنزل. • التصريح الرابع هو للأخ العزيز مبارك الدويلة الذي كتب مدافعاً عن تعيين أحد المحسوبين على الإخوان في مجلس التخطيط: "أن بعض التيارات ومنهم السلفيون متربعون في هذا المجلس منذ سنوات". ولا أدري كيف لا يعلم الأخ مبارك أنه لا أحد من السلفيين قد عُين في مجلس التخطيط الحالي الذي تم تشكيله قبل ثلاث سنوات، وأن المجالس السابقة التي عُين فيها السلفيون احتوت أيضاً على أعضاء معروفين من الإخوان أو الحركة الدستورية. وأن معظم الاعتراض على الشخص المذكور كان بسبب بعض كتاباته ومؤهلاته لا بسبب انتمائه. فيا أبا معاذ نرجو أن تتحرى الدقة فيما تكتب عنا حتى لا نضطر للرد عليك لأنك عزيز علينا. • التصريح الخامس هو إعلان إدارة الفتوى والتشريع نتائج القبول للمتقدمين للعمل فيها، حيث تكررت الفضيحة التي حدثت في قبول الدفعة السابقة قبل سنوات قليلة، حين تم قبول أصحاب الدرجات المتوسطة، ورفض قبول بعض الحاصلين على جيد جداً مع مرتبة الشرف ومن جامعة الكويت. في تلك السابقة نصحت كل من أعرفه من الذين لم يقبل أبناؤهم بسرعة الطعن أمام المحكمة الإدارية، وبالفعل نجحت الطعون وتم إلزام الهيئة بقبول جميع الطاعنين. وهذه المشكلة تتكرر سنوياً وفي هيئات كثيرة لأن هذه الهيئات تتمتع بكوادر مالية مجزية والقبول فيها مرهون بالمقابلات الشخصية مما يدفع الكثيرين إلى استخدام الواسطة والمحسوبية، أما حلها فهو في يد مجلس الأمة وذلك بسرعة إقرار اقتراح بقانون مقدم مني ومن العزيز عبدالله الرومي، والذي يحصر المفاضلة في المقابلة الشخصية بين المتساوين في الدرجة العلمية، فلا تجوز أن يتقدم الحاصل على مقبول أو جيد على الحاصل على امتياز أو جيد جداً ومن جامعات معترف بها، وهذا الاقتراح بالقانون معطل منذ مجلس 2006، فهل يقوم النواب بتحريكه منعاً للظلم ووقفاً للاستياء والتباغض بين المواطنين. • التصريح الأخير هو تصريحي أنا، فبعد رحلة استغرقت شهراً بدأتها في جنيف ثم مدينة ليدز على بعد ساعتين ونصف من لندن، ثم إلى جبال البرازيل، وبعدها إلى أربع مدن متباعدة في الأرجنتين، وكان آخرها بالقرب من القطب المتجمد الجنوبي، ثم العودة إلى لندن، ثم السفر إلى معظم مدن المغرب من الشمال إلى الوسط فالجنوب ثم لندن مرة أخرى، صرحت بالتالي: "لم أشاهد في جميع هذه البلاد والمدن التي زرتها شوارع تقذف الحصى على السيارات إلا في الكويت"، عمار يا الكويت.
مشاركة :