رياح وأوتاد: معاملات تيريزا ماي وحكومتها

  • 6/12/2017
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

ما قامت به تيريزا ماي وقبلها ديفيد كاميرون الذي تحالف مع الليبراليين الأحرار هو نموذج لفكرة ناجحة تصلح لنقلها إلى الكويت لنحصل على حكومة ذات أغلبية برلمانية، وهي، كما هو معلوم، تختلف عن الحكومة البرلمانية المنتخبة التي تحتاج إلى تعديل الدستور. لم يحصل حزب المحافظين البريطاني العريق على الأغلبية المطلقة التي تؤهله لتشكيل الحكومة منفردا، وهي أي الأغلبية التي كانت الهدف الذي سعت إليه رئيسة الوزراء في الانتخابات الأخيرة، ولكنه لم يتحقق لها ولحزبها، فماذا فعلت تيريزا ماي حتى تضمن التصويت بالثقة لحكومتها المقبلة؟ هل قدمت هدايا لأعضاء مجلس العموم؟ هل قدمت مزارع وجواخير لهم؟ هل أنجزت معاملات النواب؟ هل وافقت على العلاج في الخارج بالملايين للمرضى والمتمارضين من ناخبي أعضاء البرلمان؟ الجواب: بالطبع لا "مع الاعتذار لعبدالوهاب". لأن تريزا ماي قررت أن تشرك حزبا صغيرا لا يملك إلا عشرة أعضاء ليكون مع حزبها ائتلافا حكوميا يحقق الأغلبية المطلقة في مجلس العموم، وبالتالي تستطيع هذه الأغلبية أن تنفذ برامجها وقوانينها وكل ما يلزم الموافقة والتصويت عليه في البرلمان. هذه أبجديات العمل البرلماني في الدول الديمقراطية ذات الممارسات العريقة، ولكن هل يمكن نقل هذا الأسلوب إلى الكويت دون تعديل الدستور؟ الجواب: بالطبع نعم "دون الاعتذار لأي أحد". لأن الدستور نص على أن تشكل الحكومة من داخل المجلس ومن خارجة مع التوسع قدر المستطاع في تعيين الوزراء من المجلس. كما نص الدستور على أن تقدم الحكومة برنامجها فور تشكيلها، وهذا يعني أن يضع رئيس الوزراء رؤيته لمسيرة البلاد للسنوات الأربع المقبلة، ويعرضها على الوزراء، ويطلب منهم الموافقة أو التعديل عليها قبل تقديمها إلى المجلس. فإذا كان هؤلاء النواب المرشحون للتوزير يمثلون كتلا في المجلس، وقاموا بإدخال ما يرونه من تعديلات على برنامج الحكومة فسوف يحصل هذا البرنامج على موافقة كتلهم، وبالتالي الأغلبية في البرلمان، علما أن الحكومة لا تحتاج إلا إلى 17 صوتا فقط مع أصواتها لكي تتحقق لها الأغلبية المطلوبة، وستتمكن بناء على ذلك من تمرير برامجها وقوانينها وسياستها المالية بشرط ألا ينفرط عقد هذه الأغلبية إذا اصطدم باستجوابات أو استحواذات أو قوانين شعبوية. لقد نص الدستور على التعاون بين السلطات، ولا شك أن تشكيل الحكومة ومشاركة الوزراء المنتخبين وكتلهم في تشكيلها وفي وضع برنامجها وسياستها هو أول درجات التعاون الذي سيؤدي إلى استقرار الحكومة والمجلس لفصل تشريعي كامل، وسترتاح الحكومة من التوقيع على المعاملات وغيرها من الأساليب لكسب الأغلبية في كل تصويت. إن تاريخنا السياسي يشهد أن أكثر الحكومات استقرارا كان أكثرها مشاركة من النواب الوزراء. ما قامت به تيريزا ماي وقبلها ديفيد كاميرون الذي تحالف مع الليبراليين الأحرار هو نموذج لفكرة ناجحة تصلح لنقلها إلى الكويت لنحصل على حكومة ذات أغلبية برلمانية، وهي كما هو معلوم تختلف عن الحكومة البرلمانية المنتخبة التي تحتاج إلى تعديل الدستور.

مشاركة :