هذه ثلاثة عناصر لا يمكنُ الاستغناءُ عنها إذا أردنا أن نبنيَ مجتمعًا راقيًا، بكل معنى الكلمة، وهي مثل الماء الذي يتكون من اتحاد ذرّة من الأوكسجين وذرتين من الهيدروجين، وصيغته الكيميائية تكتب على شكل (H2O) والذي لا يمكن الاستغناء عنه في حياتنا اليومية. كذلك عناصر “القيادة والبروتوكول والإتيكيت” هي مهمة جدًا لحياتنا اليومية، حالُها حال الطب والهندسة وبقية العلوم؛ وهذه العناصر تبدأ من العائلة أولًا، وليس بالمعنى المتعارف عليه فقط لكبار الشخصيات على مستوى الدولة من الملوك والسلاطين والأمراء، وهي أحد أقسام الدبلوماسية الحديثة وعلم الاجتماع التربوي الذي يهتمُ بدراسةِ التأثيرات التربوية على الحياة الاجتماعيّة، وهو متابعة الآثار الاجتماعيّة الإيجابية والسلبية على الواقع التربوي من خلال دراسة الطرق التربوية المُطبقة في المدارس والكليات على اختلاف مراحلها.هناك النظرية التفاعلية والنظرية المعرفية المعتمدة على العناصر الثلاثة “القيادة والبروتوكول والإتيكيت” وهما من أعمدة شخصية المدير أو رئيس القسم أو الموظف بمختلف درجاته وأنواع وظيفته. إن وسيلة الاتصال بين الموظف والمواطن هي من أهم بنود الدبلوماسية في القيادة والإتيكيت، وفي بداية القرن العشرين بدأت المدارس والمعاهد التربوية تضع هذه العناصرالدبلوماسية الثلاثة كأساس مهم في المجتمع والوظيفة والمنصب وهي (القيادة والبروتوكول والإتيكيت)، حتى يكون الموظف على مختلف مسمياته الوظيفية ومناصبه ودرجاته أهم أعمدة بناء مجتمع سامٍ مثقفٍ وراقٍ لكون الوظيفة والموظف غالبا ما تبنى على خدمة المقابل وكلما كان لديه هذه العناصر الثلاثة كلما عكس الصورة البراقة لأخلاقه أولًا وتربيته ثانيًا ودائرته ومديره ثالثًا. ولأن الموظف يمثل الإدارة والقيادة في نفس اللحظة لكونه يستلم الأوامر من مديره المباشر ويكون هو المسؤول الأول والأخير في تنفيذ ما أُوكل له من مهام؛ لذلك عليه الاستناد إلى بنود وفقرات الدبلوماسية الإدارية والتي تعكس التقدم الحضاري للبلد والدائرة والوزارة، لذلك ترى الدول الأوروبية الغربية تدخل موظفيها قبل تعيينهم المعاهد الدبلوماسية المتخصصة في كيفية التعامل مع المواطنين لإنجاز معاملاتهم بكل أريحية وطيبة قلب وسعة صدر وابتسامة عريضة وصدق بالنتائج وامتصاص للغضب والتشنج، إن وجد لدى المقابل. هذه المدارس أو المعاهد الدبلوماسية تركز على الإتيكيت أولًا ثم القيادة ثانياً وتضع البروتوكول وهو التنظيم ثالثاً وذلك حسب الأهمية في إنجاز ما يوكل للموظف أو المنصب. ومن أهم هذه الصفات والركائز التي تدرس في المعاهد الدبلوماسية: استقبل يومك برحابة صدر وتفاؤل كبير، ارمِ المشاكل الشخصية خلفك عندما تجلس على طاولة وظيفتك. ملابسك يجب أن تكون في غاية البساطة والألوان الفاتحة والأنيقة لأنك لست في حفل ليلي، ابتعد عن هاتفك الشخصي والمواعيد الشخصية أثناء العمل لأن هذا سرقة للوقت من الدائرة التي تعطيك راتباً على ساعات دوامك، عنوانك اليومي هو الابتسامة البسيطة الهادئة المرحبة بالجميع من أصغر موظف إلى أكبرهم درجة. كما عليك الابتعاد عن الكبرياء والغرور مع الجميع مهما بلغت من درجة وظيفية أو منصب أو خبرة، تجاوب مع الجميع بروح الأخوة والتواضع والمحبة، وابتعد عن انتقاد صديقك في الوظيفة في الأمور الصغيرة والكبيرة، أنجز ما يوكل اليك من مهام بكل تفهم وعقلانية. كما يجب أن تكون نبرة الصوت في غاية الهدوء مع الجميع وعدم رفع الصوت أو الانفعال مهما كانت العوائق لان ذلك يذهب ويطيح باحترامك، والابتعاد عن المزح والنكات والضحك بصوت عالٍ. تغيير الملابس مرتين بالأسبوع لكسر الروتين مع الاحتفاظ بالبساطة وهدوء الألوان والأناقة، ومن الضروري التنسيق في ألوان الملابس سواء للرجال أم للنساء، والابتعاد عن لبس الذهب أو الجواهر أو أية إكسسوارات والتباهي بها أمام الآخرين، إضافك إلى عدم الابتذال بالمكياج لأنك لستِ في حفلة خاصة أو ديسكو. أيضاً الالتزام بمواعيد الحضور والانصراف المحددة، الاهتمام ثم الاهتمام بالمراجعين والمواطنين في السلك الخدمي من الدوائر بأرقى أنواع الهدوء والاحترام مهما كان الشخص غنيا أو فقيرا عالي المنصب أو بدون، فالتواضع في التعامل أساس النجاح. التسابق في خدمة الجميع برحابة صدر وهدوء أعصاب، والتنافس في العزيمة والحماس لأداء الواجب، وأن يكون في غاية الأدب ويبتعد عن الصوت العالي والانفلات الخلقي والتهجم على المواطن بكلمات بذيئة مهما كان الخطأ أو الخلل. هذه أغلب نقاط القدوة في عناصر القيادة والبروتوكول والإتيكيت للموظف والمنصب ولا نريد أن نخوض في صفات القيادة الإدارية أو صفات القائد لأنها تنصب في باب آخر من الدبلوماسية المكتبية، لذلك على الموظف أن يكون قائدا بمعنى الكلمة من حيث الشخصية الرصينة والتصرف الصحيح والالتزام بهذه الصفات الثلاث، ولا يكون موظفا هزيلا ضعيف الشخصية من حيث التصرف وارتداء ملابس غير لائقة ولا ملائمة للدوام الصباحي أو المسائي، لذلك عليه أن يكون دبلوماسيا راقيا في التودد بكل عناية وصدق وحب للآخرين، حيث قال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: “لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ”. وتركز المدارس الدبلوماسية والتربوية الغربية بصورة كبيرة على دخول كل الموظفين في دورات للبروتوكول والإتيكيت ليكون قائداً وإدراياً ناجحاً في نفس الوقت؛ لأن الموظف والدائرة تعكس اسم البلد والحضارة المدنية، لذلك نحن في العالم الثالث ننبهر من طبيعة وأخلاق وتصرف الموظفين في أغلب دول أوروبا من حسن تعامل واحترام ومحبة وتساهل وإبداء روح المداعبة والابتسامة وهذه هي صفات القائد والمدير والموظف الناجح الحريص على سمعة مجتمعه وبلده. وكان القرآن الكريم سباقا في وضع هذه الأسس والقواعد لجميع شرائح المجتمع من أجل النهوض به إلى قمة الهرم الاجتماعي الأخلاقي، فقال تعالى: “وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا ” (37 الإسراء) وقال عز من قائل: “وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ” 18) لقمان) وقال تعالى: “وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ” (19 لقمان ) وفي الختام، على الموظف وإدارته وقيادته بصورة خاصة أن يكونوا دبلوماسيين بارعين مع الجميع في التقيد بصفات الدبلوماسية الناجحة والأخلاق الحميدة من حيث أسلوب البروتوكول والتحضير لإنجاز الواجب والاتفاق مع الإدارة بتوفير أنواع وسائل الاتصال الحديثة وأن يكونوا في غاية الإتيكيت في التعامل كما ورد آنفاً ليصلوا الى مستوى القيادة المرغوبة من قبل الجميع وخاصة الموطنين ولغرض النهوض بالمجتمع لأعلى درجاته.
مشاركة :