القرآن الكريم وفن الدبلوماسية.. بروتوكول وإتيكيت صفة التواضع

  • 3/13/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

يتفاخر الدبلوماسيون من مختلف المدارس الدبلوماسية الأجنبية حول طبيعة بروتوكول وإتيكيت صفة التواضع وكيفية التعامل مع كافة شرائح المجتمع بهذه الصفة ونستغرب، بل كلنا تعجب عندما نرى رئيس وزراء إحدى الدول الأوروبية وهو يتجول بمفرده في الأسواق العامة وكذلك وزراؤه. تحث هذه المدارس على صيغة التواضع والتعامل مع الناس بكل ليونة وابتسامة ورقة وإحساس وبعيدًا عن التكبر، حيث بدأت المدارس الأوروبية بنحو خاص بعد الحرب العالمية الأولى تدريس مادة (صفة التواضع) وهي التعامل مع الناس بلين ورقة وبأعلى درجات التواضع ومساعدة الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدة بكل رحابة صدر، وفعلا نجحت هذه المدارس بأن تكون أوروبا على وجه الخصوص وبالعصر الحديث قمة في التواضع وفي التعاملات الرسمية والاجتماعية وأي زائر لأوروبا يلاحظ ذلك. أصل كلمة تواضع مأخوذ من تواضعت الأرض، أي انخفضت عمّا يليها، فالتواضع يدل على خفض الشيء. أمّا التواضع عند علماء الأخلاق وعلم الاجتماع فهو لين الجانب والبُعد عن الاغترار بالنفس والخضوع للحق وخفض الجناح. التواضع دليل على طهارة النفس وسلامة القلب من أمراض التكبّر. إن أصل التواضع ومنبع مدرسته هو الدين الإسلامي الحنيف ورسولنا الكريم هو المدرس الأول لهذه الصفة الرائعة بالحياة، قال تعالى: (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) 18 لقمان. وكذلك في الآية رقم 19: (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ……). إن الله سبحانه وتعالى يحث البشرية في هذه الآية الكريمة على التواضع وعدم التكبر مهما كان في المنصب والمكان؛ حتى طبيعة المشي ألا يكون مغرورا ويرى نفسه أنه هو الأفضل والأحسن، قال تعالى في سورة الزمر72: (.. فَبِئْسَ مَثْوَى المُتكبِّرِينَ)، حيث حذر وتوعد المتكبرين وغطرستهم على الناس بالنظرة الفوقية التي يتباهون بها. وقال تعالى لهؤلاء المتكبرين والمتغطرسين على الناس في هذه الآية الكريمة سورة الإسراء الآية 37: (وَلا تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولا)، وعلى هؤلاء المتكبرين مراجعة ومحاسبة أنفسهم بماذا فعلوا في حياتهم ولماذا هذا الاستعلاء على الناس، حتى إن الأنبياء جمعيهم كانوا في غاية التواضع قال تعالى.. (وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا)، (سورة النساء 173) وهذا تحذير من رب العزة على ترك ونبذ صفة الغطرسة والتكبر التي لا تليق بالإنسان المؤمن المسلم الذي يرجو لقاء رب كريم، هناك آيات كثيرة تعتبر نصوصًا للمدارس الأوروبية لتعميق هذه الصفة الكريمة بالمجتمع. كان رسولنا الكريم يجالس الفقراء والبسطاء في أزقة الطرقات ويتبادل معهم أطراف الحديث ليكون قريبًا منهم وهو سيد وخاتم الأنبياء حيث قال رسول الله (ص): “ما تَواضع أحد لله إلاّ رفعه”. وأن التواضع هو السكينة والوقار ومحبة الجميع وعدم التكبر عليهم حتى جاءت الآية الكريمة لرسولنا الكريم على طبيعة تواضعه سورة القلم الآية 4: (وَإنّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيم) فقد كان (ص) المثل الأعلى للتواضع بأقواله وأفعاله، فكان (ص) يجيب دعوة العبد وينصت للأُمّة، فلا ينصرف عنها حتى تنصرف، ويجلس مع أصحابه كأحدهم، بل يشاركهم العمل ما قل أو كثر. وقد وَصف أبو سعيد الخدري (رض) رسول الله (ص)، فقال: “متواضعًا في غير مَذَلة” وعن عبد الله بن مسعود عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبْر، ولا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان)، لذلك علينا نحن أن نجعل من قرآننا الكريم قدوة لنا في التواضع ومن حياة رسولنا الكريم منهاج حياتنا اليومية ونبدأ من عوائلنا مرورًا بمدارسنا وجامعتنا ودوائرنا الرسمية ومن وزيرنا إلى أقل موظف أن يكون التواضع رداءنا وفكرنا ونخدم الجميع دون استثناء لأن القرآن الكريم يحثنا على ذلك وكذلك المدرسة النبوية الشريفة ولا نتكبر على أي شخص ونبتعد على النظرة الفوقية ونتعامل مع الجميع بكل ليونة ورحابة صدر وتواضع كما كان رسولنا الكريم وآل بيته الكرام وأصحابه الأطياب.

مشاركة :