كابول - يبدو أن المؤتمر المزمع عقده بين ممثلي الحكومة الأفغانية وحركة طالبان قد تعثر حتى قبل أن يبدأ بعدما انتقدت الحركة المسلحة الأربعاء عزم كابول على إرسال 250 مبعوثا إلى المحادثات. والثلاثاء أعلنت حكومة الرئيس الأفغاني أشرف غني قائمة بشخصيات من مختلف المجالات بينهم مسؤولون حكوميون، ترغب في إرسالهم إلى ما يسمى الحوار الأفغاني الذي سيجري في الدوحة خلال عطلة نهاية الأسبوع الحالي بعد أشهر من الجهود التي تبذلها واشنطن للتوصل إلى السلام بعد نحو 18 عاما من الغزو الأميركي للبلاد. إلا أن طالبان وجهت انتقادا حادا لتلك القائمة وقالت إنها ليست "طبيعية" وإنها لا تنوي لقاء كل هذا العدد الكبير من الشخصيات. وصرح ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم طالبان في بيان الأربعاء أن "واضعي قائمة كابول يجب أن يدركوا أن هذا مؤتمر منظم ومرتب له مسبقا في بلد خليجي بعيد وليس دعوة إلى حفل زفاف أو حفلة في فندق في كابول". ولا تزال طالبان، التي تعتبر غني تابعا لواشنطن وحكومته لعبة في يدها، تصر على أنها لن تتفاوض مع كابول في المؤتمر، وأن أي مسؤولين حكوميين سيشاركون بـ"صفتهم الشخصية" فقط. وتزايدت الشكوك عندما أعلن عدد من الأشخاص المدرجين على القائمة، أنهم لن يشاركوا في المحادثات. وبين هؤلاء أمر الله صالح الرئيس السابق للاستخبارات الأفغانية والمنتقد الدائم لطالبان. وعطا محمد نور، الشخصية المعارضة البارزة والحاكم السابق لولاية بلخ، مدرج على القائمة التي هدفت الحكومة إلى أن تكون ممثلة بشكل شامل للمجتمع الأفغاني. إلا أنه أعلن أنه لن يشارك، ووصف الوفد بأنه منحاز سياسيا إلى غني. وكتب على تويتر الأربعاء "لن نشارك في المحادثات بهذا الشكل" مضيفا أنه يعتبر القائمة "خطوة متعمدة من غني لتخريب جهود السلام". كما أعلن متحدث باسم الرئيس السابق حامد كرزاي أنه لن يشارك. وصرح قائد بارز في طالبان يقيم في باكستان أن الوفد الهائل العدد يظهر أن "الأميركيين والحكومة الأفغانية التابعة لها ليسوا جادين بشأن التسوية السلمية لهذه المسألة". والتقى غني الوفد الأربعاء، ولم يشر إلى أي مشاكل، وقال "نحن والشعب الأفغاني نتوقع أن تعودوا إلى البلاد من الاجتماع مع طالبان في قطر تحملون النجاح والفخر". والمحادثات التي تستمر ثلاثة أيام في قطر ومن المقرر أن تبدأ الجمعة، تأتي في إطار أشهر من الجهود التي تبذلها واشنطن للتوصل إلى السلام بعد نحو 18 عاما من الغزو الأميركي للبلاد، ووسط موجة عنف جديدة تهز أفغانستان. وآخر مرة التقى فيها مسؤولو طالبان ممثلين للحكومة الأفغانية كانت ضمن محادثات سرية جرت في أفغانستان في 2015، لكنها انهارت بسرعة بعد أنباء مقتل زعيم طالبان الملا عمر. ويعد أي اتصال بين حكومة كابول وطالبان مهما للغاية لأن الحركة المسلحة تعتبر غني تابعا للولايات المتحدة، ورفضت لفترة طويلة التحدث معه مباشرة. ولا يتوقع أن تشارك الولايات المتحدة في اجتماعات الدوحة. وواجهت عملية السلام حتى الآن انتقادات واسعة بسبب ضعف التمثيل النسائي فيها، وسعى المبعوث الأميركي للسلام زلماي خليل زاد إلى إشراك عدد أكبر من النساء. واستُبعدت كابول من المحادثات بين طالبان وخليل زاد والوفد الأميركي ما أشاع مخاوف من تهميش الحكومة الأفغانية في عملية السلام. وصرح خبير شؤون طالبان رحيم الله يوسفزاي أنه رغم أن الحكومة الأفغانية تريد أن يكون الوفد جامعا لمختلف الأطياف "فإن هذا الأمر ليس واقعيا". وأضاف "لقد رأيت في القائمة أشخاصاً ليس لهم أي نفوذ. عليهم أن يجيدوا الاختيار. إرسال 250 شخصا ليس ممكنا". وأوضح أن "الحكومة الأفغانية تتعرض للضغوط. ومع اقتراب الانتخابات لا تريد أن تغضب أحداً. فهناك تحالفات يجب الحفاظ عليها". وتوقع يوسفزاي أن يتم تأجيل المؤتمر، علما بأن تحديد تاريخ جديد سيكون صعبا مع بدء شهر رمضان الشهر المقبل. وتأتي هذه التطورات فيما تشهد أفغانستان أعمال عنف جديدة بعدما أعلنت حركة طالبان بدء هجومها الربيعي. ويسيطر المسلحون على نحو نصف البلاد، والعام الماضي كان أكثر الأعوام دموية بالنسبة للمدنيين.
مشاركة :