مي الحبشي – على الرغم من وجود كم هائل من المنشورات والرسائل الخاصة باليوغا وفوائدها على موقع التواصل الاجتماعي إنستغرام، قد يخطئ المرء بالاعتقاد أن دورات اليوغا متوافرة بقدر كبير في أماكن كثيرة. ولكن، استطاعت عهود سعد، التي بدأت في ممارسة اليوغا خلال دراستها في الجامعة، أن تقدم الكثير والكثير لعُشاق اليوغا ومُحبيها في مصر. عقدت عهود سعد- متخصصة التسويق البالغة من العمر 27 عاماً- العزم على توفير منصة تجعل ممارسة اليوغا أمرا متاحاً للجميع. لم تكتفِ عهود بمجرد الحصول على وظيفة في إحدى الشركات، وقررت أن تطلق تجمُعاً خاص باليوغا وكل ما يتعلق بها، وأن تعمل على إدارته من خلال شبكة الإنترنت. وأصبحت تلك المنصة التي دشنتها في عام 2016 تحت اسم «بيندو باي عهود»، بمنزلة متجر متكامل لخدمة مجتمع مُمارسي اليوغا وعُشاقها المتزايد في مصر، حيث يقدم الموقع إرشادات ونصائح للصحة البدنية، بالإضافة إلى مستلزمات ممارسة رياضة اليوغا ودليلا متكاملا للتدريبات. وعلاوة على الجانب التجاري في الأمر، فإن عهود تمارس رياضة اليوغا. إن ممارسة عهود لليوغا وهي ترتدي الحجاب يفتح الباب أمام أخريات قد يشعرن بالتردد من ممارسة أي نوع من الرياضة الخاصة باللياقة البدنية بسبب ارتدائهن للحجاب. كيف يمكن أن تساعد اليوغا على الشفاء؟ تقول عهود «لقد بدأت في ممارسة اليوغا عندما كنت في السنة الأخيرة من دراستي الجامعية. وكنت أواجه الكثير من المشكلات العاطفية في ذلك الوقت. لم أكن أتوقع أن تساعد اليوغا في التغلب على هذه الأمور وتجاوزها، ولكن هذا ما حدث بالفعل، ومنذ ذلك الوقت أصبحت مُغرمة باليوغا وأُعجبت بها أيما إعجاب. بعد أشهر قليلة من ممارستي لليوغا، بدأت أدرك التأثير الإيجابي لهذه الرياضة في حياتي». وتضيف عهود «توقفت عن ممارسة اليوغا لبضعة أشهر خلال فترة الصيف، ولكن سرعان ما شعرت بأن كل الأمور التي كانت تؤرقني وتزعجني نفسياً تطل برأسها من جديد في حياتي. ثم، بدأت أفكر فيما كنت أقوم به من أمور اختلفت معها حياتي للأفضل في الفترة السابقة وجعلتني أتخلص من تلك المشاعر المؤرقة، وكان الفارق الوحيد هو ممارستي لليوغا». وبمرور السنين، أصبح عشق عهود لليوغا أقوى، وقررت متابعة دراسة اليوغا في الهند، واستطاعت الحصول على شهادة أشتانجا يوغا في عام 2014. وبعد ذلك بوقت قصير، بدأت عهود في تدريس اليوغا إلى جانب عملها في إحدى الشركات بدوام كامل. مغزى الاسم؟ وعلى الرغم من تلك التغييرات الإيجابية، تشير عهود إلى أنها كانت لا تزال تشعر بأن هناك شيئاً ما مفقوداً في حياتها. وهنا تتحدث عهود عما شعرت به خلال رحلة قامت بها إلى جبل كليمنجارو في مارس 2016، حيث تقول: «أثناء رحلة نزولي من أعلى الجبل، شعرت بطاقة هائلة في داخلي، ولم أدرِ ما الذي يمكنني القيام به لاستغلال تلك الطاقة. واستمر شعوري بهذه الطاقة الداخلية بعد عودتي من تلك الرحلة، وكذلك عودتي إلى العمل. وأحسست بأنه يتعين علي القيام بشيء مختلف، ولكني لم أكن أعرف ما الذي يمكن أن أفعله لاستغلال تلك الطاقة الهائلة التي استشعرتها في داخلي». وبعد مرور أسابيع قليلة، عثرت عهود على ضالتها المنشودة أثناء تصفحها بعض منتجات اليوغا على هاتفها. وتتابع عهود الحديث «فجأة طرأت على ذهني فكرة بيع مستلزمات ممارسة رياضة اليوغا وإنشاء منصة لتسويق هذه المنتجات على شبكة الإنترنت. كان هدفي هو سد الفجوة في السوق فيما يتعلق بتوافر تلك المستلزمات والوصول إلى مجتمع مُمارسي اليوغا وعُشاقها المتزايد في مصر». بالنسبة لاسم «بيندو»، هي في الأساس كلمة باللغة السنسكريتية تعني «نقطة». وعلى الرغم من أن صديقات عهود هن من أطلقن عليها اسم «بيندو» عندما سافرت إلى الهند للحصول على شهادة في اليوغا، إلا أنها لم تدرك المعنى الحقيقي لهذه الكلمة الا بعد أن أصبحت مُدربة لليوغا. وعن مغزى هذا اللقب توضح عهود «لم يكن ذلك الاسم في بداية الأمر يعني أي شيء بالنسبة لي سوى المعنى المعروف لكلمة نقطة، ولكن فطنت بعد ذلك إلى أنها كلمة تعني النقطة الكونية التي انطلقت منها الحياة، ومن ثم أصبح للاسم معنى منطقي بالنسبة لي. قد أكون نقطة صغيرة، ولكن باستطاعتي أن أحدث فارقاً وتأثيراً كبيراً في حياة الآخرين، وهذا بالفعل ما أتمنى تحقيقه». واعتمدت عهود على نفسها في القيام بكل الترتيبات الخاصة بمشروعها، بداية من محتوى الموقع الإلكتروني على شبكة الإنترنت، وصولاً إلى التقاط صور المنتجات وتوفير التمويل، وأنجزت كل هذه الأمور وهي لا تزال تعمل في إحدى الشركات من الساعة التاسعة صباحاً إلى الخامسة مساءً. وعلاوة على ذلك، كانت عهود تجد الوقت لتعليم اليوغا للآخرين في فترة المساء. وتضيف عهود «بعد أن أدركت ما أحب، تفجرت داخلي طاقة هائلة للعمل وتدريب الآخرين وإنشاء متجر بيندو. ما وصلت إليه الآن هو مُلخص رحلتي الشخصية في الحياة». الطريق للنجاح ليس مفروشاً بالورود. تؤكد عهود، التي اعتمدت فقط على قدراتها الذاتية في إرساء مشروعها، أنها كانت على دراية وخبرة بريادة الأعمال من خلال بعض أفراد عائلتها وأصدقائها، ومع ذلك صادفت بعض الصعاب فيما يتعلق بإدارة الأمور المالية. وتابعت عهود الحديث عن الجانب التجاري في المشروع «كان لزاماً علي أن أفكر في الأمر بصورة شاملة، وليس فقط مجرد أن يغطي المشروع تكلفته من دون تحقيق أرباح. وكانت مسألة وضع الرؤية المناسبة لذلك صعبة بالنسبة لي. ربما كان بإمكاني أن أوفر الكثير من الوقت والجهد، إذا أخذت بنصيحة وآراء كثيرين من حولي، لكنني تركت الأمور تمضي بصورة طبيعية. ربما أكون قد اخترت الطريق الأطول، ولكن ما وصلت إليه اليوم هو نتاج ما استقيته من خبرات تحصلت عليها من التغلب على صعاب صادفتني في تلك الرحلة». يوجد اليوم عدد كبير من المتابعين لموقع «بيندو باي عهود» على وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبح يحظى بشعبية بين مجتمع محبي اليوغا وعشاقها في مصر، على الرغم من قلة عددهم فانهم في زيادة مستمرة. وتسعى عهود إلى الوصول إلى عدد أكبر من الناس، وأن تقوم بتنظيم المزيد من الفاعليات الخاصة باليوغا. وتختتم عهود حديثها قائلة «لا أريد أن أكون صاحبة علامة تجارية كبرى، ولكن أفضل أن أكون صاحبة شركة صغيرة أو متوسطة للحفاظ على جودة تلك العلامة التجارية واسمها. وأتطلع حالياً إلى إيجاد وسائل جديدة ومختلفة لإبراز أهمية اليوغا وارتباطها بالمجتمع. أيا كان ما سأفعله ستكون اليوغا دوماً معي، فهي البوصلة التي ترشدني في كل ما أفكر فيه وأقوم به من خطوات».
مشاركة :