انطلقت قافلة «حق الليلة»، التي تنظمها وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، من إمارة الفجيرة في رحلة تشمل جميع إمارات الدولة خلال 3 أيام، وذلك إسهاماً من الوزارة في إبراز القيم المجتمعية، واعتزازاً بالموروث الإماراتي، في إطار رؤيتها للحفاظ على الهوية الثقافية الوطنية، وتعزيز ثقة وفخر المواطنين الإماراتيين بهويتهم الوطنية وتراثهم، والحفاظ على مكوّنات التراث الثقافي، وإشراك المجتمع الإماراتي في التعبير الثقافي المتفاعل. وقالت معالي نورة بنت محمد الكعبي، وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة: «تأتي احتفالية حق الليلة لتضفي علينا أجواء المحبة الإنسانية والتآخي والتسامح استعداداً لحلول شهر رمضان المبارك، مع ما تعنيه ليلة النصف من شعبان من مناسبة غالية توارثنا الاحتفال بها عن الأجداد، كونها تقرّب بين أفراد الأسرة والمجتمع من مختلف الفئات العمرية وخاصةً الأطفال الذين تملؤهم فرحة العطاء والبذل بما يعزز تكاتف الأسرة وتلاحم المجتمع». وأشارت معاليها إلى أهمية الحفاظ على الموروث الشعبي والتراث الثقافي ونقله إلى الأجيال القادمة، كأحد عناصر الاستدامة المعرفية والنهضة الثقافية للدولة، قائلةً: «نسعى إلى الحفاظ على تراثنا الثقافي وتعريف العالم به في صورته الحضارية وأبعاده الإنسانية المتسامحة والمنفتحة، كما نعمل على ترجمة رؤية الإمارات في بناء مجتمع متلاحم محافظ على هويته». وفعالية قافلة حق الليلة التي تنظمها وزارة الثقافة وتنمية المعرفة عبارة عن قافلة سيارة تجوب المناطق المختلفة عبر إمارات الدولة، مع بث الأغاني الخاصة بالمناسبة، كما تحفل بالتصاميم والديكورات التزيينية المستمدة من عراقة الموروث الشعبي الإماراتي، بمشاركة كبار المواطنين الذين يقومون بتوزيع الحلويات التقليدية على الأطفال والجمهور، وذلك طوال مسير القافلة في الإمارات السبع، خلال ثلاثة أيام متواصلة. وتعتبر احتفالية حق الليلة أو «ليلة النصف من شهر شعبان» من العادات الشعبية التي توارثتها الأجيال في الإمارات احتفالاً بقرب حلول شهر رمضان المبارك، وتأكيداً للروابط الأسرية والمجتمعية المتينة التي يقويها الشعور الديني والانتماء الإنساني في مجتمع الإمارات قديماً وحديثاً. ويمثّل جزءاً عريقاً من التراث الإماراتي الأصيل، الذي توارثته الأجيال، من الأجداد إلى الأبناء مروراً بالآباء، ويحرص الأطفال كل سنة على إحياء مناسبتها بالطواف على البيوت حاملين أكياساً خاصة مصنوعة من القماش، ينشدون أغاني الأجداد. «شاركونا فرحتنا» دعم للهوية الوطنية تحت شعار «شاركونا فرحتنا لنحافظ على تراثنا القيم»، نظمت دائرة الأراضي والأملاك في دبي فعاليات النصف من شعبان المعروفة باسم «حق الليلة». ووجهت الدائرة أمس الدعوات لجميع موظفيها وأفسحت المجال أمام متعامليها من المراجعين، للمشاركة في مجموعة من الأنشطة، من التاسعة صباحاً حتى الثانية عشرة. وقال محمد البدواوي، المدير التنفيذي لقطاع الدعم في دائرة الأراضي والأملاك في دبي: «نظمنا هذه الاحتفالية لإدخال البهجة والسعادة على قلوب الزملاء والمتعاملين في هذه المناسبة التي تحمل أبعادًا دينية وأخرى اجتماعية وتراثية مهمة، إضافة إلى مشاركة كافة شرائح المجتمع في دولة الإمارات في هذا اليوم، لاسيما وأنها تسهم أيضاً في دعم الهوية الوطنية، وإحياء الفعاليات التراثية، وصون عادات وتقاليد المجتمع. ترسيخ القيم والتقاليد العريقة احتفلت دائرة التسجيل العقاري بالشارقة بـ«حق الليلة»، عبر توزيع الهدايا وتقديم الحلوى والأكلات الشعبية القديمة على الموظفين وعملاء الدائرة، بالإضافة إلى ذلك زار وفد من الدائرة مستشفى جامعة الشارقة، لإضفاء جو من الفرحة والسعادة والسرور على الأطفال المرضى والموظفين بمناسبة هذه الفعالية التراثية. وأشار عبد العزيز آل صالح مدير دائرة التسجيل العقاري بالشارقة، إلى حرص الدائرة سنوياً على إحياء النصف من شعبان، مساهمة منها في ترسيخ القيم والتقاليد الإماراتية العريقة، وإدخال الفرح في نفوس الموظفين والمتعاملين والمجتمع ككل، من خلال توزيع الحلوى والهدايا عليهم، وتعريفهم بالمناسبة التي تحتفل بها الأسر الإماراتية، مضيفاً أن الاحتفال بـ «حق الليلة» يعتبر تحضيراً لشهر رمضان المبارك. أهازيج شعبية تستعيد جمال الماضي كان الأطفال قديماً في الإمارات في ليلة النصف من شعبان يجوبون الحارات والأزقة ويدورون على البيوت من فترة العصر وحتى المغرب، حاملين أكياسهم التي تسمى «الخرايط»، لجمع ما يوزع عليهم من حلوى من الجيران، وهم يرددون الأهازيج الشعبية قبل أن يتجمعوا في ختام هذه المناسبة للاستمتاع بما تجمع لديهم من حلويات وعصائر يقدمها الأهالي المبتهجون بفرحة الصغار، فالاحتفال بـ«حق الليلة» يعد جزءاً أصيلاً من الموروث الشعبي الإماراتي الذي يحمل عبقاً خاصاً، حيث يحرص الأطفال على الطواف على بيوت «الفريج» وهم يرددون الأناشيد التراثية، مثل «عطونا.. الله يعطيكم بيت مكة يوديكم»، ومثل هذه العادات المتوارثة تعزز الهوية الوطنية، وتعمق الموروث الشعبي في نفوس الأطفال الذين يمثلون جوهر هذه الاحتفالات. طابع شعبي يقول الباحث التراثي الدكتورة راشد المزروعي: «تشكل ليلة النصف من شعبان، احتفالاً خاصاً، لكونها تعد تهيئة لاستقبال شهر رمضان المبارك. وفي هذا اليوم يتم الاحتفال (بحق الليلة) لرسم البسمة على وجوه الأطفال، وتعزيز العلاقات الاجتماعية في الحي الواحد، وقد درج الناس في الماضي على تجهيز الحلوى والمكسرات، ووضعها في (الجفير) عند فناء المنزل، وانتظار قدوم الأطفال الذين يبدأون بجمع المكسرات، وترديد المقطع المشهور (عطونا الله يعطيكم)، وتعتبر احتفالات (حق الليلة) من المظاهر التراثية المهمة التي تبث البهجة في قلوب الصغار، وتحرك مشاعر الود والألفة في قلوب الكبار، كما تعطي انطباعاً عن حسن الجوار والكرم ومن ثم التنبيه إلى قرب حلول رمضان الكريم»، لافتاً إلى أن مثل هذه الاحتفالات اتسمت بطابعها الشعبي، ورسخت للقيم والتقاليد. تسامح ومحبة وتبين مستشارة البحوث في الأرشيف الوطني الدكتورة عائشة بالخير أن «حق الليلة» له دلالة خاصة في الموروث الشعبي الإماراتي، وقد ارتبط بالأطفال الذين اعتادوا أن يمروا على بيوت «الفريج» وفي أيديهم أكياس مصنوعة من القماش، يضع فيها الكبار الحلوى والمكسرات، وغيرها من الهدايا، وأن هذا التقليد يخلق أجواء التراحم والعطاء، كما أن الأهل اعتادوا أيضاً تهنئة أنفسهم في هذه المناسبة التي تعبر عن قرب بداية شهر رمضان المبارك، وتعبر أيضاً عن مدى تفاعل الأطفال مع هذه المناسبة والاحتفال من خلال العادات والتقاليد الشعبية الأصيلة، موضحة أن هذه المناسبة أيضاً كانت فرصة لنبذ الخصام والصلح بين أبناء «الفريج»، وهو ما يعبر عن التسامح والمحبة. تقليد شعبي ويوضح رئيس معهد الشارقة للتراث، الدكتور عبد العزيز المسلم، أن هذا الاحتفال البسيط الذي محوره الأطفال هو جزء من الذاكرة الشعبية، بخاصة أن قوامه الأطفال الذين كان الأهل يهيئون لهم أكياساً من القماش، مخصصة لجمع الحلوى والهدايا، وأنه تقليد شعبي يعبر عن قيمة العطاء، وأن العادة جرت أن يكون الاحتفال به في منتصف شعبان، وأنه من الأشياء المحببة في الحياة القديمة التي كانت تقام بشكل شعبي، يجلب الفرح للأطفال في الفريج بأكلمه.
مشاركة :