كثير من الصخب قليل من الإرشاد من المصرف الفيدرالي الأميركي والشركات

  • 3/14/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

تعاني الأسواق من فائض في المعلومات، حيث يتلقى مستثمرون مؤشرات بشأن المستقبل، لكن دون توضيح كيف ينبغي عليهم التعامل معها. إن لتلك المؤشرات مصدرين مهمين؛ الأول مصرف الاحتياطي الفيدرالي، الذي يتحكم في سعر الفائدة قصيرة الأجل ويؤثر على سعر الفائدة طويلة الأجل أيضا؛ أما المصدر الثاني فهو مجموعة من الشركات الأميركية التي تطرح أسهمها للتداول، والتي تصدر تقارير عن عائداتها خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2014، وتعبّر عن آرائها بشأن العائدات المحتملة في المستقبل. ولأنه ينبغي على المستثمرين الاهتمام بما سيحدث لأموالهم في المستقبل، فقد تكون كل هذه المؤشرات مفيدة للغاية. مع ذلك لا يوجد ما يشير إلى تحقق ذلك باستثناء كونها تدريبا على نشر المؤشرات. فلننظر أولا في ما يقوله مصرف الاحتياطي الفيدرالي. أدلت جانيت يلين، رئيسة مصرف الاحتياطي الفيدرالي، بشهادتها أمام الكونغرس، يومي الثلاثاء والأربعاء، وأصدرت تقريرا شبه سنوي عن السياسة النقدية للمصرف. وكشفت عن تفاصيل كثيرة تتعلق بتحليل المصرف للاقتصاد، ونواياها في ما يتعلق بسعر الفائدة. مع ذلك ربما يحتاج المرء إلى فك شفرة تلك الآلاف من الكلمات والأرقام، إلا إذا كان واحدا من مراقبي المصرف الفيدرالي المخضرمين. وأهم ما تشير إليه هو أن المصرف الفيدرالي لن يزيد سعر الفائدة قصيرة الأجل خلال أي من الاجتماعين المقبلين، لكن ربما يفعل ذلك خلال شهر يونيو (حزيران)، وربما لا يفعل. وعبر إدوارد يارديني، باحث سوق مستقل، عن ذلك بقوله «لقد قالت إن المصرف الفيدرالي سوف يكون مصدرا للمؤشرات المسبقة، ويعني هذا بالأساس أنه بمجرد تحديد المصرف لما سيفعله فسيعلمنا به». وعندما يلتقي واضعو سياسات المصرف الفيدرالي في مارس (آذار) الحالي، فإنهم سيقررون ما إذا كانوا سيدرجون هذا التعبير في تصريحاتهم أم لا. وذكرت أنه إذا حدث ذلك فلن يزيد المصرف سعر الفائدة إلا بعد الاجتماعين المقبلين على الأقل. وإذا لم يحدث ذلك فربما سيزيدون سعر الفائدة في واحد من الاجتماعين سواء كان ذلك في يونيو أو أي وقت بعد ذلك. وفي تلك المرحلة، إذا رأى مصرف الاحتياطي الفيدرالي أن الاقتصاد قوي بالقدر الكافي، وأن التضخم مرتفع كذلك بالقدر الكافي، ومعدل البطالة منخفض بالقدر الكافي، ربما يبدأ في زيادة سعر الفائدة قصيرة الأجل الذي وصل إلى مستوى منخفض للغاية يقترب من الصفر منذ نهاية عام 2008. في الوقت الحالي، تنظر سوق الأوراق المالية إلى المعلومات الجديدة المقدمة من مصرف الاحتياطي الفيدرالي كمؤشر على عدم حدوث تغير كبير، حيث لم يحدث الكثير على مدى الأسبوع رغم انخفاض أسعار الأسهم في اليوم الثاني من شهادة يلين حين كشفت عن بعض أحاديثها مع أعضاء في مجلس النواب كانوا قد انتقدوا السياسة النقدية التي يتبناها المصرف. وتشهد السوق ازدهارا إلى حد كبير منذ مارس 2009، ومن أسباب ذلك تلك السياسة التي تجعل الأسهم، والأصول الأخرى، تتمتع بجاذبية نسبية مقارنة بالأدوات المالية ذات العائدات المنخفضة الثابتة. ويبدو أن شهادة يلين المعدّة سلفا استهدفت الحفاظ على هدوء السوق، ليس الآن فحسب، بل في أي وقت يقرر فيه مصرف الاحتياطي الفيدرالي زيادة سعر الفائدة. وتشهد السوق مؤخرا ازدهارا رغم الشكاوى الواردة في تقارير الشركات التي ربما تشير إلى مبالغة في أسعار الأسهم. في النهاية كانت هناك زيادة بطيئة في العائد والمكاسب خلال الربع الأخير. بالنسبة إلى الـ440 شركة المدرجة لدى «ستاندرد آند بورز 500»، والتي أصدرت تقاريرها يوم الأربعاء الماضي، فقد ارتفعت عائدات الربع الرابع بمقدار 1.5 في المائة فقط، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، في حين بلغ معدل النمو خلال الربع الثالث، مقارنة بالفترة نفسها من الموسم السابق، 4.1 في المائة على حد قول يارديني. وبالمقارنة بين أرقام العائدات، سيتضح وجود زيادة سنوية بنسبة 5.9 في المائة خلال الربع الرابع، مقابل زيادة نسبتها 10.4 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من الموسم السابق. وأسهم كل من وضع الدولار القوي، وانخفاض أسعار النفط، وتراجع الاقتصاد العالمي، في هذه النتيجة كلّ بقدر تأثيره. الأسوأ من ذلك هو أن المؤشرات الخاصة بالعائدات المستقبلية أصبحت مدعاة للتشاؤم. ونظرت مؤسسة «بيسبوك إنفستمنت غروب» في أمر 1.680 شركة تطرح أسهمها للتداول سجلت عائدات بين 12 يناير (كانون الثاني) و19 فبراير (شباط) الماضيين. وبعد خصم أوجه التراجع من التقدم، وجدت أن الشركات قد سجلت في المتوسط توقعات بحدوث انخفاض في العائدات بصافي نسبة مئوية «منخفضة للغاية» قدرها 9.5 في المائة. ولم تكن أرقام الشركات بهذا السوء منذ نهاية الأزمة المالية التي حدثت خلال الربع الأول من عام 2009. وتمت معاقبة الشركات التي توقعت الانخفاض بسبب ذلك، حيث انخفضت أسعار أسهم تلك الشركات خلال الموسم الحالي بمتوسط 2.7 في المائة يوم الإعلان. ورغم الأرباح المتوسطة والتحذير من أن الأسوأ لم يأت بعد، لا تزال السوق في وضع جيد. وقال يارديني «نحن نواجه خطر حدوث ازدهار في السوق في شكل زيادة غير مدعومة من قبل المعلومات المتاحة». وأضاف قائلا «المشكلة في الازدهار هي أنه سيؤدي إلى انهيار». بطبيعة الحال، يُعرف عن المسؤولين التنفيذيين للشركات مشاركتهم في نظام نشر المؤشرات، ويتعمدون خفض التوقعات مسبقا حتى تسجل شركاتهم «مفاجأة إيجابية في العائدات». وربما تمهد الشركات، التي تتجه إلى تقليص عائدات المتوقعة، لحدوث مفاجآت إيجابية في وقت لاحق. لهذا يقول لازلو بيريني، واضع الاستراتيجيات المستقل، الذي يتوقع ازدهار السوق منذ عام 2009، إن أكثر هذه المؤشرات ليس لها مغزى. وأوضح قائلا «لقد تفننت (آبل) في خفض التوقعات، وإثبات عدم حدوث ذلك لاحقا. ربما تتعلم الشركات الأخرى منها ذلك». وأشار إلى ضرورة أن يتعلم المستثمرون الأذكياء من هذا السلوك. وأوضح أنه خلال الأشهر التي تسبق زيادة مصرف الاحتياطي الفيدرالي لسعر الفائدة، تتجه سوق الأسهم نحو الازدهار، وتوقع أن يحدث هذا الآن. وأضاف قائلا «عادة ما يستمر ازدهار الأسواق إلى أن تحدث صدمة كبيرة، أو ركود قوي غير متوقع». ويرى أن أكثر المعلومات، التي تتدفق حاليا، هدفها المناورة، ونشر مؤشرات، وإحداث صخب وضجة. وأوضح قائلا «لا أتوقع حدوث أي ركود الآن. على الجانب الآخر، وفي الوقت الذي من المحتمل أن تواجه فيه السوق بعض المشاكل، سنظل نعمل في سوق قوية مزدهرة إلى أن تصبح ضعيفة، لكننا لا نعلم متى سيحدث هذا». ولن تساعد المؤشرات الإرشادية الأخيرة في معرفة ذلك.

مشاركة :