قرار تاريخي يختصر الزمن ويعدل الهرم المقلوب

  • 4/21/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

عند فتح ملف الجو جيتسو في الإمارات، واستعراض تجربته الحديثة، مع النمو والتطور والإبداع في الإنجازات قاريا وعالميا، كان من الضروري التوقف أمام النشأة والتأسيس، لأنها لم تكن عادية في هذا المشروع، فالفكرة جاءت من قمة الهرم.. من دار زايد نفسها.. فلم يكن أحد يعرف شيئا عن هذه الرياضة بالإمارات حتى نهاية التسعينات من القرن الماضي، عندما عاد سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني بها من الولايات المتحدة الأميركية، كان قد تعرف عليها حينما كان يدرس هناك، واستوعب فنونها، وتعلم مبادئها ومارسها ليكون أول إماراتي وعربي يخوض نزالاتها، ولما عاد للإمارات أسس فريقا لها ضم الجيل الأول للاعبين في الدولة الذي ضم فيصل الكتبي وطالب الكربي وياسر القبيسي وجابر الدرعي.. وتبين بعد ذلك في أكثر من مناسبة أن أغلب أبناء وأحفاد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مارسوا هذه الرياضة، وما زالوا يمارسونها. وجاءت الانطلاقة الحقيقية بعد دراسة مزايا اللعبة من قبل خبراء معنيين، والتعرف على قيمها وفوائدها، واقتناع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بأنها الأنسب للاستثمار في الأجيال الجديدة من أبناء الإمارات، والأصلح لبرامج تمكين الشباب.. والشاهد أن نشأة وتطور هذه الرياضة بالإمارات جاء من قمة الهرم، بعكس الرياضات الأخرى جميعا التي بدأت في وسط المجتمعات، ثم بدأت تنمو وتطور، قبل أن يهتم بها ويدعمها صناع القرار. الرؤية الثاقبة لاحتلال موطئ قدم على قمة الهرم الرياضي المحلي والعالمي كانت تحتاج إلى قرارات تدعمها، ومن أهم القرارات التي اتخذت للوصول إلى تحقيق هذه الرؤية قرار إدخال الجو جيتسو إلى المدارس واعتمادها ضمن المنهج الدراسي اعتبارا من عام 2008، وقد بدأ هذا المشروع بـ 14 مدرسة و7000 طالب في السنة الأولى، وظل يتطور ويدخل كل المدارس في أبوظبي ويمتد لعدد من مدارس الإمارات الشمالية حتى بلغ عدد الطلاب والطالبات الممارسين للعبة 52 ألف طالب وطالبة، وقد لفت هذا المشروع كل أنظار العالم واختاره الاتحاد الدولي للعبة أفضل مشروع لنشر اللعبة في العالم، بعد أن أصبحت أرقامه تتحدث عن نفسها. وقال الأسطورة ماريو سبيري أحد أهم لاعبي ومدربي الجو جيتسو في العالم نائب رئيس الاتحاد البرازيلي إن اللعبة التي نشأت منذ 1000 عام في أحضان الريف الياباني لتقف ضد أطماع الإقطاعيين، وتنصف الفلاحين الفقراء، والتي انتقلت إلى البرازيل في مطلع القرن الماضي لتتبناها عائلة جراسي وتصنع لها قوانين ولوائح، وتحولها من الهواية إلى البطولة والاحتراف، وتقيم لها المسابقات، لم تحقق انطلاقتها الفعلية إلا بعد دخول أبوظبي المشهد، ورعاية ودعم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لها. وأضاف: ورغم قدم اللعبة في اليابان، لكنها ما زالت مجرد تراث وتقاليد، وتحولت في البرازيل إلى رياضة تنافسية لكنها ما زالت مهمشة، ولكن في أبوظبي تجاوزت اللعبة معنى الرياضة، فقد أصبحت ثقافة مجتمع، ومشروعا وطنيا، وباتت شجرة مثمرة تفيض بخيرها ليس على الإمارات فحسب، ولكن على قارة آسيا وكل دول العالم، بفضل رعاية ودعم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وجهود الاتحاد برئاسة عبد المنعم الهاشمي وفريق عمله. وتابع: في اليابان قبل 1000 عام كان الفقراء مضطرين للدفاع عن أنفسهم، وحماية ممتلكاتهم البسيطة من سطوة جنود الإقطاعيين، الفقراء اخترعوها كي يدافعوا عن أنفسهم دون إيذاء الخصوم، إنها رياضة أخلاقية في الأساس، وفي البرازيل تحولت إلى رياضة وممارسة وبطولة، وتأسست الأكاديميات على مدار قرن من الزمان، لكنها كانت ولا تزال مجرد رياضة قتالية من ضمن عشرات الرياضات، ولكن في أبوظبي دخلت كل البيوت، وأصبحت في المناهج الدراسية، وتحول حلم عائلة جراسي إلى حقيقة، كانت ولا تزال عائلة جراسي تحلم بإدخال هذه الرياضة إلى مدارس البرازيل، لأنها تعلم الأبناء قيم الانضباط والشجاعة والرجولة والصبر والتحمل. من جانبه، أكد طالب الكربي أحد أبناء جيل الرواد وبطل الإمارات وآسيا أن التجربة الرياضية الوحيدة في الإمارات التي تواكب التطور مع كل القطاعات الأخرى بالدولة هي تجربة الجو جيتسو، مشيرا إلى أن الإمارات شهدت في الـ 30 سنة الأخيرة نهضة شاملة في كل المجالات، وأصبحت نموذجا للعالم في التطور السريع واستيعاب حضارة العصر في الإدارة والاقتصاد والسياسة والتعليم والعمران والتخطيط والتكنولوجيا، وكان على الرياضة أن تواكب هذه النهضة الشاملة. وقال: الفرصة كانت متاحة أمام كل الرياضات لتأخذ بأسباب التطور لكن الجو جيتسو هي التي كانت قادرة على مواكبة نهضة بلادنا، وكانت سريعة في قفزاتها النوعية نحو الصدارة القارية والعالمية، حيث إن صعود مشروع الجو جيتسو في أبوظبي يتشابه مع صعود دولتنا الحبيبة على المستويات العالمية في كل المجالات الأخرى، حيث إن اللعبة تعكس الوجه الحضاري لرياضة الإمارات. وأضاف: الرياضة لم تعد رفاهية بالنسبة للشعوب، حيث إن الكثير من الدراسات تثبت حاليا أنها أصبحت تمثل أمنا قوميا بالنسبة للكثير من الأمم، وهذا المفهوم واضح لدى عدد من الزعماء والساسة الذين تحدثوا فيه صراحة في المؤتمرات الصحفية واللقاءات التلفزيونية، وبالنسبة لي فهذا ليس مجال نقاشنا ولكننا يمكن أن نعتبره منطلقا مهما للحديث عن قيمة الرياضة بالنسبة لي شخصيا، وأهمية الجو جيتسو في حياتي. من جهته، قال بطلنا العالمي فيصل الكتبي لقد تعلمت مع الجو جيتسو كيف أمارس الرياضة على مستوى الاحتراف، وأدرس لأحصل على الشهادات، وأؤدي عملي في وظيفتي بتوازن، دون أن يطغى مجال آخر، لأن أصول الجو جيتسو تقوم على التوازن والانضباط، ولا شك أن الفوز بالبطولات والميداليات وضعني في مكانة مميزة بالمجتمع، وأتاح لي فرص الحصول على دعم ورعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مشيرا إلى أن الكثير من الرياضات تحظى بالدعم ولكن القليل منها ماتحول إلى إنجازات على أرض الواقع. وأشار الكتبي إلى أن إقبال الطلاب والطالبات وكل فئات المجتمع في المؤسسات على رياضة الجو جيتسو في التجربة الإماراتية، يعود إلى ثقة الجميع بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الذي لم يختر هذه اللعبة من فراغ، ولثقتهم أيضا في الاتحاد وطريقة إدارته للحفاظ على أبنائهم وبناتهم، وجدية مسؤوليه في تطبيق البرامج، كما أن اللعبة سهلة في حد ذاتها وليست معقدة، لا تتطلب وزنا محددا، ولا سنا محددة، موضحا أن تجاوز عدد الفتيات لـ 45 ألف لاعبة بالمدارس والأندية والمؤسسات الحكومية بما فيها الشرطة والقوات المسلحة والأكاديميات الخاصة، يؤكد أن الجو جيتسو نجحت في تغيير المفاهيم وتطوير الثقافة لدى الطالبات وأولياء أمورهن، وهو الأمر الذي لم يتحقق لأي رياضة أخرى، كما أن وجود المدربات وأماكن التدريب الخاصة بالفتيات والبرامج المميزة للتدريب كلها عوامل ساعدت في تغيير الثقافة. وعاد الكتبي بذكرياته لأول مرة يمارس فيها الجو جيتسو، وقال: كان ذلك عام 1998 بالخالدية، وكنت مع محمد ناصر القبيسي، وطارق الكتبي، وعلي الدرعي، وجابر الدرعي، وحسن الرميثي، وياسر القبيسي، وضاحي الثميري، ثم انضم لنا طالب الكربي ويحيى الحمادي، وقد تم اختيارنا من قبل سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان لنتعلم تلك الرياضة، ومن خلال هذه التجربة تعلقنا باللعبة.

مشاركة :