نظم مقهى الفجيرة الثقافي التابع لجمعية الفجيرة الاجتماعية الثقافية، أمسية ثقافية بعنوان “الاغتراب في النص الروائي”، تحدث فيها الكاتب السعودي عبدالله زايد والروائية الدكتورة وفاء أحمد، وأدارتها سلمى الحفيتي مديرة المقهى الثقافي، وذلك في أوبرا كافيه بالفجيرة، بحضور الشيخ حمدان بن خليفة الشرقي، وسعادة خالد الظنحاني رئيس الجمعية ونخبة من الأدباء والشعراء والإعلاميين. افتتحت الأمسية سلمى الحفيتي، بالحديث عن الروائي ناصر الظفيري الذي هاجر إلى كندا للحصول على جنسيتها، مكرساً قضية “البدون” التي يحملها على عاتقه في العديد من أعماله وكان أبرزها “ثلاثية الجهراء”، وقد ساهمت تجربته الذاتية في تعميق مفهوم الاغتراب الذي يعد من أبرز الظواهر حضوراً في الأدب العربي وخاصة في النص الروائي الحديث. وأوضحت الحفيتي أن الاغتراب ما هو إلا تجربة نفسية شعورية يعيشها الفرد وتتسم بالتمرد على الأوضاع السائدة، واتجاهاتها وقيمها وأسسها، بحيث يولِّد الاغتراب نتائج سلوكية فعلية مثل الانسحاب من المجتمع، أو الرضوخ له ظاهرياً والنفور منه ضمنياً، أو التمرد والثورة عليه. بدوره أوضح الكاتب عبدالله زايد أن “الغربة” مفردة معقدة تحمل تفرعات كبيرة، وأنها فعل بشري، توجه له الإنسان منذ القدم وحتى عصرنا الحاضر، وليست حكراً أو حصراً بمجتمع دون سواه، وأضاف: “عالمنا العربي يتميز بأنه واحد من أهم المجتمعات البشرية التي هاجر أبناؤها، حيث تقدر بعض الإحصائيات بأن العقول العربية المهاجرة وصلت لنسبة 12% أي ما يقدر بنحو 35 مليون إنسان، وهذه الموجة البشرية من المهاجرين والمغتربين دون أدنى شك لها أسبابها التي يطول شرحها، وقد كان من بينهم الشعراء والروائيين والقاصيين والفنانين وغيرهم كثير، وهؤلاء أبدعوا وقدموا منجزات أدبية فيها نفحات ولفحات من هذا المهجر وألم الغربة القاسي”. وحول مفهوم مفردة “النص”، قال زايد: “هو هاجس كل مؤلف وكاتب، دونه لا يوجد عمل، لا يوجد منجز، هو روح الأدب وقلبها النابض، وفي النص يحدث التباين والاختلاف، وفيه نجد الإبداع والفكرة والابتكار، لقد كان النص وسيظل المعركة التي يخوضها المؤلف دائماً ولا يملك منه فكاك، بل الاستسلام ومحاولة تشكيله وكتابته بالشكل الأمثل والأجمل”، أما عن مفردة “الراوية” فيشير إلى أنها وعاء لكل ما عرفه الإنسان من حكايا وأقاصيص، وأنها جسد تطور، حتى وصلت لما هي عليه اليوم، وشهدت كل هذا الحضور العالمي في عالمنا العربي والخليجي تحديداً. وأشار زايد إلى أن الغربة تمثلت لدى ناصر الظفيري “رحمه الله”، بمختلف جوانبها، سواء الغربة داخل الوطن، أو الغربة خارجه، فهو نموذج مناسب لمن يريد أن يقدم دراسة أو بحث معرفي علمي عن الغربة والاغتراب والتصاقها بالجسد الأدبي. من جهتها، أوضحت الدكتورة وفاء أحمد أن الغربة بالمعنى العام هي البعد عن الوطن، بالتالي يختبئ في ثناياها الحنين والألم وحرقة الاشتياق، وأما الروائي الكويتي الكندي ناصر الظفيري، فلم يجد في غربته ملاذاً لأحزانه وآلامه.. وهذا التأثير العميق للاغتراب في نصوصه الروائية ومدى تقمص الكاتب لشخصيات روايته يخلص نوعاً من المفارقة، فالبعض يرى بالاغتراب ثنائية الحزن والوطن التي تستطيع سبر أغوار أي عمل. مشددة على الحاجة إلى إمكانيات الكاتب وأدواته ومعجمه اللغوي العميق، وخياله اللامتناهي وأسلوبه الفذ في جعل القارئ يستشعر الغربة والحزن العميق بين ثنايا النص الأدبي.
مشاركة :