استثناءات العقوبات: مراعاة لمصلحة العراق أم انعكاس لارتباك أميركي

  • 4/23/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

شهدت أروقة المؤسسات الأميركية الحساسة، عشية الإعلان عن تصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية أجنبية، جدلا في وجهات النظر، إذ كان المسؤولون الأميركيون يخشون من أن مثل هذا القرار سيعرض مصالح الولايات المتحدة وحلفاء لها للخطر، كما أنه يمكن أن يربك التعامل مع دول تحكم إيران قبضتها عليها، على غرار العراق. لكن، حسم هذا الجدل بأن منحت واشنطن استثناءات لحكومات وشركات ومنظمات غير حكومية أجنبية كي لا تتعرض تلقائيا لعقوبات بسبب تعاملها مع الحرس الثوري الإيراني. وستتيح الإعفاءات من العقوبات الأميركية لمسؤولين تنفيذيين أجانب لديهم تعاملات مع إيران، ومنظمات إنسانية تعمل في مناطق مثل شمال سوريا والعراق واليمن، بممارسة أعمالهم دون خوف من الوقوع بشكل تلقائي تحت طائلة القوانين الأميركية بشأن التعامل مع منظمة إرهابية أجنبية. العلاقات الأميركية العراقية قال مسؤولون أميركيون إن الاستثناءات، التي يمنحها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، تعني أن مسؤولين من دول مثل العراق الذين قد تربطهم تعاملات مع الحرس الثوري الإيراني، لن يكونوا بالضرورة عرضة للحرمان من الحصول على تأشيرات سفر أميركية. وتختبر العقوبات التي تفرضها إدارة ترامب على إيران والحرس الثوري العلاقات الأميركية العراقية، حيث تتوخى إدارة ترامب الحذر خاصة في ما يتعلق بالتعامل مع المسؤولين العراقيين؛ فهي تريد إبقاء العراق في مدار الولايات المتحدة، لكن يقر مسؤولون أميركيون بأن العراق يحتاج وقتا أطول لتقليص روابطه مع إيران. لذلك، ابتدع الأميركيون هذه الاستثناءات التي تهدف في ما يبدو للحد من المسؤولية القانونية للحكومات الأجنبية والشركات والمنظمات غير الحكومية بينما تترك المجال مفتوحا لمعاقبة أفراد داخل تلك الجهات على دعمها للحرس الثوري. ويعد هذا الإجراء الأحدث في إطار نهج إدارة الرئيس دونالد ترامب المتشدد تجاه إيران، حيث تصر على سبيل المثال على أن تصل كل مشتريات النفط الإيراني إلى الصفر كي تقدم إعفاءات تتيح للمستوردين الاستمرار في شرائه. لكن، يرى المحلل السياسي غريغوري افتنديليان أن سياسة “العصا والجزرة” التي تتبعها إدارة ترامب لدفع العراق بعيدا عن إيران، من غير المرجح أن تنجح، حيث سيصعب على العراق تقليص روابطه الاقتصادية مع إيران. ويضيف أنه من الناحية السياسية، يرغب القادة العراقيون في إظهار أنهم سيتبعون سياسة خارجية مستقلة تشمل الحفاظ على علاقات ودية مع إيران، على الرغم من العلاقات الإستراتيجية لبلدهم مع الولايات المتحدة.وصنف بومبيو الحرس الثوري منظمة إرهابية أجنبية في 15 أبريل مما أثار مشكلة للأجانب الذين يتعاملون معه ومع شركاته، فضلا عن الدبلوماسيين والعسكريين الأميركيين في العراق وسوريا الذين قد يتعامل ممثلون لهم مع الحرس الثوري. ونقلت وكالة رويترز عن مصادر أميركية أن القرار أثار حالة من البلبلة بين المسؤولين الأميركيين الذين لم تكن لديهم في بادئ الأمر أي إرشادات بشأن كيفية العمل وهل لا يزال مسموحا لهم بالتعامل مع مثل هؤلاء الممثلين. وهذه أول مرة تصنف فيها واشنطن أحد أجهزة حكومة أخرى ذات سيادة على أنها منظمة إرهابية. ودأب المسؤولون الأميركيون على إبداء مخاوفهم من أن يتسبب التصنيف في تعرض القوات الأميركية للخطر في أماكن مثل سوريا أو العراق قد تعمل فيها جنبا إلى جنب مع جماعات متحالفة مع الحرس الثوري الإيراني. وقال مسؤولان أميركيان إن مكاتب وزارة الخارجية الأميركية في الشرق الأدنى وجنوب ووسط آسيا أرسلت مذكرة مشتركة في تحرك نادر إلى بومبيو قبل القرار تعبر فيها عن المخاوف بشأن التأثير المحتمل، لكن تم تجاهلها. وقال مساعد بالكونغرس إن الإجراء اتخذ أيضا رغم اعتراضات من وزارتي الدفاع والأمن الداخلي، فيما ردّ متحدث باسم وزارة الخارجية على سؤال عن التبعات التي قد تواجهها دول حليفة للولايات المتحدة إذا أجرت اتصالات مع الحرس الثوري، بقوله إن “مجرد الدخول في محادثات مع مسؤولين من الحرس الثوري الإيراني لا يمثل بوجه عام نشاطا إرهابيا”. وأضاف المتحدث، الذي رفض الكشف عن اسمه، “هدفنا النهائي هو حمل دول أخرى وكيانات غير حكومية على وقف التعامل مع الحرس الثوري”، لكنه لم يحدد الدول أو الكيانات المستهدفة. وقال المتحدث باسم الخارجية “في إطار إعفاء المجموعة الأولى، حدد الوزير بوجه عام، مع استثناء مهم واحد، أنه لن يتم التعامل مع وزارة أو إدارة أو هيئة أو قسم أو جهة أخرى، أو أي جهة فرعية تابعة لأي حكومة أجنبية باعتبارها منظمة إرهابية من الفئة الثالثة”. والجماعة الإرهابية من الفئة الثالثة هي جماعة لا تصنفها الولايات المتحدة رسميا كمنظمة إرهابية أجنبية ولا تدرجها كجماعة إرهابية في قوانين أخرى، لكن تعتبرها منخرطة في “نشاط إرهابي” ومن ثم قد تمنع أعضاءها من دخول الأراضي الأميركية. وقال مساعد في الكونغرس ومحاميان سابقان في الخارجية الأميركية إن الإعفاء يهدف على ما يبدو لضمان عدم إضفاء صفة “منظمة إرهابية أجنبية” بشكل تلقائي على باقي أجهزة الحكومة الإيرانية ومسؤولين من حكومات شريكة مثل العراق وسلطنة عمان التي قد ترتبط بتعاملات مع الحرس الثوري. وينص القانون الأميركي على أن أي فرد يقدم “دعما ماديا” لجماعات إرهابية معرض لعقوبات واسعة النطاق. ويقدم موقع وزارة الأمن الداخلي تعريفا موسعا للدعم المادي يشير إلى أنه قد يشمل أي شيء من توفير المال والنقل والوثائق المزورة إلى تقديم الطعام والمساعدة في إقامة خيام أو توزيع منشورات. مجرد ضجة قال المتحدث باسم وزارة الخارجية “في إطار إعفاء المجموعة الثانية، حدد الوزير، وبوجه عام، أن أي شركة غير حكومية، أو منظمة، أو جماعة توفر دعما ماديا لأي كيان فرعي لحكومة أجنبية مصنفة كمنظمة إرهابية دولية… لن يتم التعامل معها باعتبارها منظمة إرهابية من الفئة الثالثة”. وأشار مساعد بالكونغرس إلى أن إدارة ترامب ترغب في إظهار أنها تكثف الضغوط على إيران باستهداف الحرس الثوري لكنها لا تعطل دبلوماسية حلفاء واشنطن. وقال طالبا عدم نشر اسمه “أشعر أن الإدارة الأميركية تتطلع إلى إحداث ضجة وليس تغييرا في السياسة… إنها لا تتطلع بالضرورة إلى معاقبة أحد. إنها تتطلع إلى إثارة خوف الناس″. لكن وزارة الخارجية أوضحت أيضا أنها قد تتعقب أفرادا في المجموعات المعفاة. وقال المتحدث “إن الإعفاءات لا تفيد أعضاء مجموعة معفاة قدموا هم أنفسهم دعما ماديا أو كانت لهم روابط أخرى بمنظمة إرهابية لا تتمتع بالإعفاء”. وقال المحامي السابق بوزارة الخارجية بيتر هاريل “تصنيف المنظمة الإرهابية الأجنبية هذا، شأنه شأن عقوبات أخرى، يترتب عليه عدد من العواقب غير المقصودة التي إن تُركت تتطور بطريقتها ستضر بالمصالح الأميركية”. وأضاف أن “الخارجية الأميركية تحاول بطريقة معقولة الحد من تلك العواقب”.

مشاركة :