يعدّ سؤال لماذا لم تتزوج إلى الآن شائعا جدا في المجتمعات والأسر العربية، حيث يسمح كثيرون لأنفسهم بالاستفسار عن أسباب عدم الزواج دون حرج، وتتذمر الكثير من الفتيات من كثرة تردد هذا السؤال عليهن، وتؤكد أنه يطرح على الفتيات اللاتي لم تتزوجن أكثر مما يطرح على الشبان حتى وإن تأخر نفس سن الزواج. وتظل معظم الفتيات يبحثن عن إجابة سريعة وتبدو مقنعة في نظر السائلين، فلا تجد سوى أن حظها أو نصيبها لم يأت بعد أو أنها مسالة مكتوب وأنهن لم يخترن ذلك وقد تختار بعض الفتيات قويات الشخصية ردودا حاسمة وعنيفة على سؤال مستفز، وفيه تدخّل غير مشروع في خصوصياتهن. وتقول إيمان صلاح، مذيعة (29 سنة) “سؤال لماذا لم تتزوجي، من أسوأ الأسئلة التي توجّه للفتاة، أتوقعه من الفتيات وحتى المتزوجات أو المطلقات؛ لأنَّه يدخل في خصوصيات المرأة وللأسف يجعل الفتاة في حرج وضيق، لكن تعجبني من ترد بذكاء وسرعة بديهة وتضع حدًّا لهذا النوع من الحِشريَّة والتدخل في ما لا يعنيهنَّ؛ حتى لا يتجرأ على طرحه أحد مجددا وإن كان من المقرّبين”. وترى وفاء، إعلاميّة (30 سنة) “هذا السؤال يزعج الكثير من الفتيات؛ ربما لأنَّه يلامس فيهنّ مشاعر توحي بأنهن لسن محلّ رغبة من قبل الشباب للاقتران بهنَّ، بل وقد يتطور الحال إلى ما هو أسوأ، عندما ترى الفتاة أن من تصغرها سنًّا قد سبقتها للزواج. لكن هناك من لديها ثقة في نفسها وتستطيع أن ترد وبكل ثقة (النصيب لم يأت ولست مستعجلة على الزواج) ولا ننسى بيئة المجتمع في كيفيَّة رد الفتاة على هذا السؤال”، وتوضح “في رأيي قد تغَّيرت نظرة الفتاة للزواج، لأنه الآن من أهدافها بناء مستقبلها العلمي والمهني ولم يعد للزواج سن محدَّدة وأعتقد أن فكرة البحث عن زوج بدأت تنقرض”. أما منار متولي، أخصائية تربوية ونفسية، فتؤكد أنَّ جوابها عن هذا السؤال حين يُطرح، يكون غالبًا بطريقة غير مباشرة، وتجيب بلطف “لم يأتِ صاحب النصيب بعد”، متعمدة إخفاء استفزازها وعدم تقبلها لهذا التدخل في حياتها الخاصة. وتضيف وإن كانت السائلة فضوليَّة وأنا على علم بأنَّها تعاني من مشاكل زوجيَّة أو تشتكي من كثرة المسؤوليات، أجيبها مازحة بأن “الراحة والدلال في بيت والدي، خير لي من وجع الرأس في بيت زوجي”؛ لأذكّرها بأنَّ في حياتها ما هو أجدر بأن تنشغل به عما لا يعنيها”، لاسيما أنَّ ما يزعجني في هذا السؤال التدخل غير المرحب به في شأني الذي لا يخص أحدًا سواي. وتضيف متولي هناك الكثير من الفتيات ممن يردن الزواج فعلًا، ولم يتزوجن لأسباب خارجة عن إرادتهِنَّ، وهذا ما يجعل سؤالًا كهذا بمثابة الملح على الجرح لدى البعض.من جانبها تصرّح أخصائية اجتماعية سحر رجب، أن أسئلة مثل “لماذا لم تتزوجي بعد؟ ولماذا لم تنجحي هذا العام؟ ولماذا لم تنجبي؟ وما المانع؟” هي أسئلة كثيرة تدور في مجتمعاتنا وعائلاتنا العربية من منطلق حب المعرفة والتدخل في شؤون الآخرين الشخصية. وهي أسئلة لا جواب لها؛ فالزواج لا يتوقف عند الفتاة وحدها، بل حتى الشاب والظروف المعيشية والقدرة على تكوين أسرة وفتح بيت وغيرها من المسائل المتعلقة بالزواج. وتؤكد رجب أنه “من الضروري احترام خصوصيات الآخرين، حتى لو كانوا ممن تحت ولايتنا. ومن المطلوب مراعاة الظروف النفسية والخصوصية”. وتقول أستاذة الدراسات الاجتماعية أمل عبدالعزيز، “إن تأخر أو عدم الزواج قد يكون له أسباب تتعلق بنظرة خاطئة للزواج، سعيًا وراء فارس الأحلام، وكل ذلك خيال قلّ أن يتحقق في الواقع، فكم من فتاة ندمت عند فوات شبابها وأحيانا لارتباطها بعلاقات رغبة في الحريّة وعدم الالتزام بالمسؤولية، أو غير ذلك من القناعات الفكريَّة”… وتوضح أنه من أهم العوامل التي تُعيق الزواج وتُؤخره هو خوف البنات أو الشباب من قرار الزواج؛ بحجّة الاستمتاع بالحياة، أو البحث عن الوظيفة. ومن جهة أخرى النظرة التشاؤمية تجاه تجارب الآخرين والخوف من الخوض في تجربة الزواج، فلم تعد البنت تنزعج من هذا السؤال لوجود مبررات.
مشاركة :