كثفت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضغوطها على طهران، اذ أعلنت انها لن تمدّد استثناءً منحته لثماني دول، أتاح لها مواصلة شراء نفط إيراني، فيما تسعى واشنطن الى وقف تام لتلك الصادرات. في المقابل، هدد «الحرس الثوري» الايراني بإغلاق مضيق هرمز، إذا مُنعت بلاده من الاستفادة منه. وأعادت الولايات المتحدة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي فرض عقوبات على صادرات النفط الإيرانية، بعدما انسحبت إدارة ترامب من الاتفاق النووي المُبرم عام 2015. لكن واشنطن منحت إعفاءات موقتة من العقوبات، تنتهي مطلع الشهر المقبل، لثماني دول من أبرز مستوردي النفط الإيراني، وهي الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وتركيا وإيطاليا واليونان. ويريد ترامب إنهاء تلك الإعفاءات لفرض «حد أقصى من الضغوط الاقتصادية» على طهران. وأعلن البيت الأبيض أن الولايات المتحدة ودولتين خليجيتين «تلتزم، مع أصدقائنا وحلفائنا، تأمين ما يكفي من الإمدادات لأسواق النفط العالمية». وكتب ترامب على «تويتر» ان دولاً أعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) «ستعوّض، بل وستزيد، الفارق في تدفق النفط الناجم من فرضنا عقوبات كاملة على النفط الإيراني». وأكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن بلاده لن تمدد أي إعفاءات تستثني مستوردي النفط الإيراني من عقوبات تفرضها واشنطن، قائلاً: «سنصل إلى صفر مع الجميع. لن تكون هناك إعفاءات بعد 2 أيار (مايو)، وأي دولة لن تلتزم بهذا القرار ستواجه عقوبات. انتهى النقاش». واضاف: «تقديراتنا أن العقوبات التي فرضتها واشنطن منعت النظام الإيراني من الحصول على عائدات يزوّد بها حزب الله (اللبناني) و(حركة) حماس». وأشار الى ان الولايات المتحدة «لا تدعم أي مجموعات خارج إيران، بل شعبها فقط، وسنحقق أهدافنا». وزاد في إشارة الى قائد «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري» الجنرال قاسم سليماني: «إننا جاهزون للردّ بجدية، إذا فكّر سليماني أو غيره في اتخاذ أي فعل ضدنا. أما طلباتنا فواضحة، وتتمثل في البنود الـ 12 التي أعلناها قبل فترة، وإذا لم تلتزم بها طهران سنواصل الضغط مع حلفائنا عليها». وعلّق بومبيو على تعيين الجنرال حسين سلامي قائداً لـ «الحرس» خلفاً للجنرال محمد علي جعفري، قائلاً: «إنه متشدد، مثل جميع القادة الإيرانيين، حتى وزير خارجيتهم متشدد»، في إشارة الى محمد جواد ظريف. وأشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بقرار ترامب، معتبراً ان له «أهمية كبرى لتكثيف الضغط على النظام الإرهابي الإيراني». لكن وكالة «رويترز» نسبت الى مصدر مطلع على المحادثات الأميركية – الهندية قوله إن على الأميركيين «مراعاة حلفائهم وشركائهم الاستراتيجيين». وتابع: «في ظل العقوبات ومنذ البداية، كان هناك حديث عن تقليص تدريجي، لا وقف في ضربة واحدة. بموجب الإعفاءات، نأمل بأن يعطونا متسعاً (من الوقت) وبأن يسمحوا لنا بشراء بعض النفط الإيراني»، علماً ان نيودلهي قلّصت تلك المشتريات للنصف تقريباً. كذلك كرّرت الصين معارضتها أي عقوبات أميركية أحادية على إيران، معتبرة أن تعاونها مع طهران قانوني. الى ذلك، هدد قائد القوات البحرية التابعة لـ «الحرس الثوري» الجنرال علي رضا تنكسيري بإغلاق مضيق هرمز «إذا مُنعنا من الاستفادة منه». وأضاف: «في حال أي تهديد، لن تكون لدينا ذرة شك في حماية المياه الإيرانية والدفاع عنها». ونقلت وكالة «تسنيم» الإيرانية للأنباء عن مصدر في وزارة النفط الإيرانية قوله: «استمرت الإعفاءات أم لم تستمرّ، صادرات النفط الإيرانية لن تكون صفراً في أي حال، إلا إذا قررت السلطات الإيرانية وقفها، وهذا ليس وارداً الآن». وأضاف: «نراقب ونحلل كل التصورات والأوضاع الممكنة للنهوض بصادراتنا النفطية، واتُخذت التدابير اللازمة. إيران لا تنتظر قرار أميركا من عدمه لتصدير نفط. لدينا سنوات من الخبرة في تحييد مساعي الأعداء لتوجيه الضربات لبلادنا». في غضون ذلك، نقلت «رويترز» عن مسؤولين أميركيين، حاليين وسابقين، إن الولايات المتحدة منحت استثناءات لحكومات وشركات ومنظمات غير حكومية أجنبية، لئلا تتعرّض تلقائياً لعقوبات أميركية نتيجة تعاملها مع «الحرس الثوري»، بعد أدرجته واشنطن على لائحتها لـ «المنظمات الإرهابية الأجنبية». وتعني الاستثناءات أن مسؤولين من دول مثل العراق، قد تكون لديهم تعاملات مع «الحرس»، لن يُحرموا بالضرورة من نيل تأشيرات سفر أميركية. وستتيح تلك الإعفاءات أيضاً لمؤسسات أجنبية لديها تعاملات في إيران، ومنظمات إنسانية تعمل في مناطق مثل شمال سورية والعراق واليمن، بأن تمارس مهماتها من دون خوف من تعرّضها تلقائياً لعقوبات أميركية. لكن الإدارات الأميركية أتاحت استثناءً إضافياً يتمثل في الحق في فرض عقوبات على أي فرد في حكومة أجنبية أو شركة أو منظمة غير حكومية، يقدّم «دعماً مادياً» لمنظمة أجنبية تصنّفها الولايات المتحدة إرهابية. وقال ناطق باسم الخارجية الأميركية: «إجراء محادثات مع مسؤولين من الحرس الثوري الإيراني لا يمثل في شكل عام نشاطات إرهابية. هدفنا النهائي هو حمل دول أخرى وكيانات غير حكومية على وقف إبرام تعاملات مع الحرس». واستدرك أن «الإعفاءات لا تفيد أعضاء مجموعة معفاة، قدّموا دعماً مادياً أو كانت لهم روابط أخرى ذات صلة بمنظمة إرهابية غير معفاة». على صعيد آخر، أعلن الرئيس الإيراني محمد روحاني بعد لقائه رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، ان الجانبين اتفقا على تشكيل قوة «تدخل سريع» حدودية مشتركة، لمواجهة متشددين. وقال: «اتفقنا على زيادة التعاون الأمني بين البلدين وقوات حرس الحدود والاستخبارات، وتشكيل قوة تدخل سريع مشتركة على الحدود لمكافحة الإرهاب». وتابع: «إيران مستعدة لتلبية طلب باكستان من النفط والغاز، ولزيادة صادرات (الكهرباء) إليها 10 مرات». أما خان فقال مخاطباً روحاني: «أهم سبب لوجودي هنا يا سيدي الرئيس، هو أنني شعرت بأن ملف الإرهاب سيزيد الخلافات بين بلدينا. لذلك كان مهماً جداً بالنسبة إليّ أن آتي إلى هنا مع قائد الأمن لدينا، لتسوية هذا الملف». وتابع: «نحن على ثقة بأن البلدين لن يكونا منطلقاً لأعمال إرهابية. لن نسمح بأن يلحق أي ضرر ببلدكم انطلاقاً من أراضينا». جاء ذلك بعدما أعلنت إسلام آباد امتلاكها أدلة تفيد بأن «إرهابيين» قتلوا 14 رجل أمن في إقليم بلوشستان الباكستاني الأسبوع الماضي، «لديهم معسكرات تدريب وقواعد لوجستية داخل مناطق إيرانية محاذية لباكستان».
مشاركة :