قونية/سرحات تشاتينقايا/الأناضول- الخيول تحظى بمكانة هامة لديهم ويعتبرونها رمزا للحرية - تتار القرم يتمسكون بلغتهم ولهجاتهم وعاداتهم وحتى أطعمتهم - كانوا يعملون في نقل الملح عبر الخيول حتى ظهور النقل الحديث يحرص تتارالقرم ممن يقيمون في تركيا، على توريث أبنائهم وأحفادهم العادات والتقاليد التي تميزهم، وأبرزها شغفهم بالخيول وحبهم لها. ويحتضن قضاء "صراي أونو" بولاية قونية وسط تركيا، مجموعة من تتار القرم ممن هُجروا قسرا ونفوا من بلادهم على يد قوات روسيا القيصرية عام 1903، عقب انسحاب الدولة العثمانية من شبه جزيرة القرم. ومنذ 116 عاماً، يقطن تتار القرم في حي "قونار" الذي يبعد مسافة 6 كيلومترات عن مركز قضاء "صراي أونو"، الذي بناه لهم السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، وحرصوا خلال هذه الفترة على إحياء لغتهم ولهجاتهم، وعاداتهم وثقافاتهم، بل وحتى أطعمتهم أيضاً. ويعتمد تتار القرم على الزراعة والثروة الحيوانية كمصدر دخل رئيسي لهم. وإلى جانب هذا، كان رجال تتار القرم يعملون فيما مضى، في نقل الملح عبر الخيول، من بحيرة الملح الواقعة أقصى شمال ولاية قونية، إلى محطة القطار الموجودة في القضاء الذي يسكنون فيه حالياً، فضلاً عن اشتغالهم بأعمال النقل والتحميل الأخرى، إلى أن ظهرت وسائط النقل الحديثة. وبسبب طبيعة عملهم ولكونها جزءاً من ثقافتهم، أولى تتار القرم أهمية كبيرة للخيول واعتنوا بها أشد العناية، وحرصوا على توريث ركوبها والشغف بها للأجيال المقبلة. ويقضي شباب تتار القرم القاطنين حالياً في قونية، معظم أوقات فراغهم، على صهوة الخيول في المراعي القريبة من حيهم. وفي حديثه للأناضول، يقول نجدت دميرقايا، وهو أحد القاطنين في حي "قونار"، إن للخيول مكانة كبيرة وهامة في ثقافتهم. ويضيف "دميرقايا" (59 عاماً) أن أجدادهم نفوا من القرم عقب الحرب بين القوات العثمانية والروسية (بين عامي 1877- 1878م)، وتوجه قسم منهم إلى سيبيريا والقسم الأكبر إلى تركيا. ويوضح أن أجداده الذين قدموا من آسيا الوسطى، كانوا دائمي الانشغال بتربية الأغنام والخيول، وبالزراعة، وكان السبب في اختيارهم منطقة الأناضول للهجرة إليها، كونها مناسبة للزراعة وتربية الحيوانات. ويشدد الرجل على أن معاناة أجداده في المنفى، لم تمنعهم من القيام بمهمة الدفاع عن الوطن والقيم، مشيرًا أنهم ذهبوا إلى اليمن خلال الحرب العالمية الأولى ضمن الجيش العثماني. ويتابع: "مكث جدي 16 عاماً في اليمن، وأُسر لدى البريطانيين هناك طيلة 6 أعوام. وكان أجدادنا يرافقون الجيش العثماني، وفيما بعد جيوش مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس الجمهورية التركية الحديثة، حيث توجهوا لمواجهة الظلم والعدوان وخوض الحروب". ويشبّه "دميرقايا" شخصية تتار القرم، بأنها قريبة من شخصية الخيول، من حيث أصالتها وتصرفاتها. ويشدد على حرصهم توريث الأجيال الجديدة، حب الخيول والاعتناء بها، رغم تراجع أعداد الخيول في السنوات الأخيرة. ويردف: "أتذكر عندما كنت صغيراً، كانت الخيول تملأ مراعي قريتنا. فقد كانت القرية تضم ما بين 80 إلى 100 أسرة، وكانت هذه الأسر تمتلك حوالي 150 خيلاً في المجموع". ويؤكد دميرقايا في ختام حديثه، على أن الخيول رمز للحرية والاستقلال بالنسبة لهم، وأن ركوبها يمنح الجرأة للإنسان. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :