"نحن نعيش في خوف دائم لأن ثمة من يريد تحميلنا المسؤولية. سينظرون إلينا باعتبارنا أعداء لهم". هذا ما عبّر عنه أحد مسلمي سريلانكا بعد الاعتداءات الإرهابية. ورغم دعوات الهدوء والوحدة فإن المسلمين خائفون من أعمال انتقامية. يقول محمد حسن (41 عاما) السريلانكي المسلم أنه بالكاد غادر منزله منذ الاعتداءات الدامية التي أوقعت 359 قتيلا في سريلانكا في يوم عيد الفصح، خوفا من ردود فعل انتقامية. ورغم أنه يعمل خارج المنزل في مطبعة، فإن أسرته تتوسل إليه بأن يلزم المنزل في كولومبو عاصمة البلد الذي لا يزال تحت وقع الصدمة. ونفذ انتحاريون مجزرة صباح أحد الفصح (21 نيسان/ أبريل 2019) في ثلاثة فنادق فاخرة وثلاث كنائس خلال قداس الفصح، في كولومبو ومناطق أخرى من البلد الواقع في جنوب آسيا. وتقول السلطات إن المجزرة ارتكبها فصيل "جماعة التوحيد الوطنية" الإسلامية المحلية، بيد أن تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، أعلن مسؤوليته عنها. مخاوف من أعمال انتقامية ونددت المنظمات المسلمة في سريلانكا بالاعتداءات لكن الكثيرين من مسلمي البلد يخشون الوقوع ضحية أعمال انتقامية إثر أعمال العنف هذه. وتقول زارينا بيغوم (60 عاما) المسلمة السريلانكية دامعة أمام مسجد أنها لم تنم إلا قليلا منذ نهاية الأسبوع وتضيف "أعرف أن الناس غاضبون من المسلمين". وتابعت السيدة التي كانت ترتدي لباسا أسود "قتل رضع كانوا في أحضان أمهاتهم" مضيفة "لم أكن أتخيل وجود كل هذه الكراهية في قلوب (مرتكبي الاعتداءات). والكراهية ستزرع الكراهية". وأكدت بيغوم "نحن نقبع في منازلنا، ونخاف مغادرتها". تنظيم "داعش" أعلن تبنيه للاعتداءات. الصورة وزعتها وكالة أعماق التابعة للتنظيم الإرهابي. ولا تزال سريلانكا تضمد جراح حرب أهلية استمرت أربعة عقود بين الأغلبية السنهالية وتمرد التاميل الانفصالي. وكان رهبان بوذيون متطرفون شنوا حملات ضد المسلمين. ففي 2013 و2018 تمت مهاجمة متاجر للمسلمين السريلانكيين. وتسري شائعات بين السنهاليين تقول إن ارتداء ملابس داخلية أو تناول طعام مصدره متاجر مسلمين، قد يؤدي إلى العقم. عناصر هامشية نفذت الاعتداءات وإثر اعتداءات الأحد دعا رئيس الحكومة رانيل ويكريميسنغي إلى الهدوء والوحدة في البلاد. وقال "إن الأغلبية الساحقة من المسلمين يدينون هذا العمل وهم أيضا غاضبون مثل التاميل والسنهاليين لما حدث". ورغم ذلك يعرب حلمي أحمد، نائب رئيس المجلس الإسلامي في سريلانكا عن مخاوف. ويقول "إن مئات الأشخاص قد دفنوا وبالتالي ستكون هناك انفلاتات عاطفية يمكن جزئيا تبريرها". ويضيف أن الاعتداءات "لم ترتكبها الطائفة المسلمة بل بعض العناصر الهامشيين". وكان أحمد قد عبّر، مع مسؤولين سريلانكيين مسلمين آخرين قبل ثلاث سنوات، للسلطات عن القلق من نشاط زعيم "جماعة التوحيد الوطني" التي تتهمها سلطات البلاد بتنفيذ الاعتداءات. وقال حلمي أحمد "هذا الشخص كان هامشيا وتسبب في تطرف شبان بداعي تعليمهم القرآن (..) لكن لا أحد كان يعتقد أنه قادر على تنفيذ هجوم بهذا الحجم". ويقول ر. ف. أمير الذي كان في المسجد إن المسلمين السريلانكيين لا يريدون شيئا سوى السلم الاجتماعي. وأضاف "نحن نعيش في خوف دائم لأن ثمة من يريد تحميلنا المسؤولية. سينظرون إلينا باعتبارنا أعداء لهم". وتابع "لكننا نريد أن نقول للجميع: لسنا أعداءكم. هذا وطننا الذي عرف بأنه جوهرة آسيا. ونريده أن يبقى كذلك". أ.ح/ز.أ.م (أ ف ب)
مشاركة :