منذ إعلان الولايات المتحدة عن «تصفير» صادرات النفط الإيراني، وإلغاء الإعفاءات عن أكبر 8 دول مستوردة، عكف المسؤولون الإيرانيون على تصعيد التهديدات والتلويح بإغلاق مضيق هرمز، لكن الإدارة الأميركية أكدت أنها ستمنع تنفيذ مثل هذه التهديدات، وستقوم بإرسال قوات لإعادة فتح المضيق في حال إغلاقه، طبقاً لما تنص عليه القوانين الدولية. في وقت قال فيه مراقبون لـ«الاتحاد»: «إن التصريحات الإيرانية ليست أكثر من حملة إعلامية لثني واشنطن عن قرار تصفير النفط، وجر الرأي العام للحديث عن احتمال نشوب حرب في المنطقة بدلاً من التركيز على آثار العقوبات»، وأكدوا أن إيران غير قادرة على خوض حرب في الوقت الراهن لأسباب أبرزها ضعف الاقتصاد، وارتكاز الخطط العسكرية على حروب الشوارع بتمويل الميليشيات غير القادرة على مجابهة ضربات عسكرية دولية، بالإضافة إلى تراجع القدرة القتالية للجيش الذي منعته سياسات النظام من التطور بفعل الانعزال عن العالم. وأكد الخبير الأميركي الاستراتيجي في الشؤون العسكرية والأمنية، فرزين نديمي، لـ«الاتحاد» أن إيران استعرضت، غير مرة، قدراتها البحرية والبرية والجوية أمام العالم باستخدام أراضي دول أخرى وعلى يد وكلائها في المنطقة، إلا أن تلك الاستعراضات وضعتها في حرج كبير كاشفة نقاط ضعف جمة في ترسانتها الصاروخية وطائراتها المسيرة والسلاح الجوي. وأضاف «جربت إيران صواريخها الباليستية على مرحلتين في سوريا بزعم محاربة تنظيم داعش، وباء الاختباران بفشل ذريع، الأول في سبتمبر الماضي والثاني في بلدة الميادين في يونيو 2017. ولم تبلغ أي من الصواريخ أهدافها. كما أن المملكة العربية السعودية تمكنت من صد جميع أنواع الصواريخ البعيدة المدى التي أطلقتها إيران على يد «الحوثيين» عبر الأراضي اليمنية. وإضافة إلى ذلك، أسقطت طائرة مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي ما بدا وكأنه طائرة «صاعقة» من دون طيار إيرانية في فبراير 2018. وتطرق نديمي إلى سبب آخر يمنع النظام الإيراني من توجيه ضربة عسكرية، لافتاً إلى أن الهدوء وشبه السرية، الذي تعاملت بهما إيران مع تدريباتها البحرية الأخيرة مثيرة لنقطة مهمة إلا وهي غياب القاعدة الجماهيرية المؤيدة لأي أعمال عسكرية. فقد ساور قادة النظام و«الحرس الثوري» القلق من أن تتسبب التمارين العسكرية الواسعة النطاق بإثارة غضب الشعب، بما أن العديد من المواطنين مستاؤون أساساً من تأثير الاستفزازات الإيرانية في الخارج على حساب قوتهم اليومي. مشدداً أنه على الحكومة الأميركية العمل بفاعلية على لفت انتباه الشعب إلى أي مناورات عسكرية، يبدو النظام حريصاً على التقليل من شأنها أمام جمهوره المحلي. من جانبه، وصف مستشار وزارة الدفاع العراقية للشؤون السياسية، معن الجبوري، ما تتناوله وسائل إعلام حول قدرة إيران على إغلاق مضيق هرمز، بأنه مجرد أكاذيب قائلاً: «في الحقيقة لا إيران ولا أي دولة أخرى تستطيع إغلاق المضيق، لأنه ممر مائي دولي كما هو حال قناة السويس، ومضيق بنما وجبل طارق وباب المندب وغيرها، وتخضع جميعها لقوانين دولية والتهديد بإغلاقها سيجابه برد دولي من العالم أجمع، وليس من الولايات المتحدة، ولا أعتقد أن إيران لديها القدرة الكافية لمجابهة القوة العسكرية العالمية أو خلق أعداء جدد». بدوره، وصف الخبير في العلاقات الأميركية الإيرانية، أحمد الأبيض، التهديدات الإيرانية بالحملة الدعائية البعيدة عن الواقع، وقال: «إن إيران ومنذ الثمانينيات لم ترد عسكرياً على أي من العقوبات الدولية عليها، فهي تعلم قدراتها جيداً بعيداً عن الدعاية الفارغة، فاستراتيجية النظام العسكرية مبنية على تمويل الميليشيات وافتعال حروب الشوارع، التي أضعفت في الحقيقة قدرات الجيش الإيراني، ولم يعد لديه القدرة على خوض حرب. وأعرب عن اعتقاده بأن إيران قد تدفع وكلاءها لشن هجمات متفرقة قائلا: «ربما تدفع إيران، حزب الله لمواجهة عسكرية مع إسرائيل لتخفيف الضغط الدولي عليها، وهو ما على لبنان التنبه إليه وعدم الانجرار وراء دعوات مماثلة، والتأكيد على أن إقحام حزب الله نفسه في أي مواجهة عسكرية هو قرار فردي لا يمثل قرار الدولة، وهو ما على جميع الدول التي تخترقها الميليشيات الإيرانية أن تحذو حذوه». وأضاف أن إيران قد تضحي بالعراق، بسوريا، باليمن، بلبنان لمواجهة الولايات المتحدة إلا أنها لن تطلق صاروخاً واحداً من أراضيها، لأنها تعلم تماماً بأن الرد العسكري الدولي سيكون إبادة النظام الإيراني بالكامل».
مشاركة :