استلهم النظام التركي التجربة الإسرائيلية، ليفرض سيطرته الإجبارية على مدينة عفرين السورية، متجاهلًا قرارات المجتمع الدولي، التي تطالبه بسحب قواته واحترام السيادة السورية. وقالت مصادر سورية، الأربعاء، إن السلطات التركية شرعت ببناء جدار يفصل منطقة عفرين الواقعة شمال شرق سوريا عن باقي المناطق السورية، في انتهاك صارخ للمواثيق الدولية. وقالت وكالة ‹‹سانا›› الرسمية التابعة للنظام السوري في تقرير لها اليوم، إن تركيا بدأت «بناء جدار أسمنتي في محيط مدينة عفرين بريف حلب الشمالي لعزلها عن محيطها الجغرافي الطبيعي كجزء لا يتجزأ من الأراضي السورية وتقطيع أوصال المنطقة عن بعضها». ونقلت الوكالة عن مصادر محلية وتقارير إعلامية متطابقة، أن «قوات الاحتلال التركية نفذت خلال الأسابيع القليلة الماضية عمليات هدم وجرف واسعة النطاق لمنازل وأملاك المدنيين في قرية جلبل استكمالًا لأعمال بناء جدار أسمنتي عازل ابتداء من قرى مريمين شمالًا إلى كيمار جنوبًا فبلدة جلبل في الجنوب الغربي لسلخ مدينة عفرين عن مناطق شمال حلب»، حسب تعبير التقرير. وتحدثت المصادر عن «خطة عاجلة لبناء نحو 70 كم من الجدار في المنطقة داخل الأراضي السورية مع أبراج المراقبة التي تكون على اتصال مباشر مع نقاط عسكرية لقوات الاحتلال التركية في إدلب القريبة من عفرين». وبحسب المصادر، فإن «قوات النظام التركي أتمّت بناء 564 كم من جدار مقرر بناؤه على طول الحدود مع سوريا يصل طوله إلى 711 كم بعد الانتهاء من القسم المتبقي قرب عفرين التي قامت قوات الاحتلال بطرد أهلها منها وإحلال مجموعات إرهابية مكانها، وعملت على قطع أشجار الزيتون فيها وتهديم عديد من البيوت والاستيلاء على ما تبقى منها»، وفق وصف الوكالة السورية. وفي مارس 2018، سيطرت تركيا مع مليشيات المعارضة على منطقة عفرين بعد شهرين من المعارك مع الوحدات المسلحة التركية، علمًا بأن أنقرة أتمت، قبل ذلك، بناء جدار أسمنتي على طول حدودها الجنوبية مع سوريا بامتداد أكثر من 800 كم. وقال مدير مؤسسة «كرد بلا حدود» الحقوقية كادار بيري، إن «هناك عمليات تهجير لأكثر من 300 ألف مواطن من سكان عفرين، بينما جرى جلب مرتزقة وتوطين عائلاتهم» وتعيد إقامة الجدران العازلة إلى الأذهان ما قامت به إسرائيل عند إنشائها الجدار العازل على أراضي الضفة الغربية، بغرض ضم عدد من المناطق الفلسطينية التي تؤكد قرارات المجتمع الدولي أنها جزء من الأراضي العربية المحتلة عام 1967. ويتشابه الجدار التركي مع نظيره الإسرائيلي من عدة زوايا أخرى، أبرزها أنه يقطع أوصال الجغرافيا البشرية، ويحرم أصحاب الأرض من مواصلة حياتهم بشكل طبيعي، علمًا بأن الجدارين شبه متساويين من حيث الطول (710 مقابل 770). وعلى الرغم من الانتقادات العلنية التي يوجهها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للسياسة الإسرائيلية، شهدت فترة توليه السلطة، سواء كرئيس للحكومة أو للجمهورية، تعميقًا للعلاقة بين الدولتين، خصوصًا على الصعيدين الاقتصادي والأمني.
مشاركة :