أبقى البنك المركزي التركي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند مستوى 24 في المائة، وهو المستوى الذي أقره في سبتمبر (أيلول) الماضي في مواجهة التراجع الحاد لسعر صرف الليرة التركية أمام الدولار. وتفاعلت الليرة التركية على الفور بتسجيل تراجع جديد، حيث هبط سعر صرفها عقب إعلان القرار مباشرة إلى 5.95 ليرة للدولار، مقابل 5.87 ليرة للدولار عند إغلاق أول من أمس.وأعلن البنك في بيان عقب اجتماع لجنته للسياسات النقدية في أنقرة أمس الإبقاء على سعر إعادة الشراء لمدة أسبوع (الريبو) بلا تغيير عند 24 في المائة. وسبق أن اعتمد البنك في يوليو (تموز) الماضي «الريبو» كمعيار لجميع أسعار الفائدة.وذكر البيان أن اللجنة قررت الإبقاء على سياسات متشددة حتى يظهر التضخم، الذي يقف حاليا عند مستوى 19.71 في المائة، مزيدا من التحسن.وأرجع خبراء اقتصاديون قرار المركزي التركي إلى استمرار معدل التضخم عند مستوى مرتفع، وتوقعه استمرار الوضع على ما هو عليه لأشهر قادمة، إضافة إلى الارتفاع في أسعار الطاقة والأزمة المتوقعة مع الولايات المتحدة بعد إنهاء إعفاء تركيا من قرار العقوبات على واردات الطاقة من إيران. معتبرين أن القرار يتسق تماما مع الظروف التي يمر بها الاقتصاد التركي.وتوقع الخبراء أن يبدأ البنك تيسير السياسة النقدية المتشددة التي يتبعها حالياً، في يوليو المقبل، وأن يخفض الفائدة بنحو 250 نقطة أساس بحلول نهاية العام. وأعلن البنك المركزي التركي، الأسبوع الماضي، أنه سيبقي على تشديد السياسة النقدية حتى يُظهِر التضخم تحسناً مقنعاً. وقفزت أسعار الغذاء في وقت سابق من العام الحالي، وهو ما ساهم في بقاء تضخم أسعار المستهلكين عند معدل يتراوح حول 20 في المائة رغم مساعٍ غير تقليدية لخفضه.وخسرت الليرة التركية نحو 10 في المائة من قيمتها مقابل الدولار منذ بداية العام، مع تضررها من مخاوف بشأن احتياطيات البنك المركزي من العملات الأجنبية، وتوتر العلاقات مع الولايات المتحدة، والشكوك التي أحاطت بنتائج الانتخابات المحلية التي أُجرِيَت في نهاية مارس (آذار) الماضي.وبلغ متوسط التوقعات لسعر الفائدة الرئيسي بحلول نهاية العام 21.5 في المائة، بعد أن توقع خبراء اقتصاديون أن تهبط الفائدة إلى 20.75 في المائة بحلول نهاية العام الحالي (2019).ورفع البنك المركزي التركي سعر الفائدة إلى 24 في المائة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، عندما كان الاقتصاد التركي في خضم أزمة عملة زجت به إلى الركود للمرة الأولى منذ 10 سنوات. ويعاني الاقتصاد التركي، منذ فترة، بسبب ارتفاع معدل البطالة (14.7 في المائة) وانهيار الليرة. ويفاقم ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية من الأزمة بشكل كبير.وهوت الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها أمس مقابل الدولار منذ منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عقب قرار البنك المركزي، في الوقت الذي يدرس فيه المستثمرون المخاطر النابعة من الاعتراضات على نتائج الانتخابات في إسطنبول وتوتر العلاقات مع الولايات المتحدة... وتراجع سعر الليرة إلى 5.95 ليرة مقابل الدولار.واستبقت وكالة «فيتش» الدولية للتصنيف الائتماني اجتماع لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي التركي، وعلقت على القرارات التي من المحتمل أن تتخذها اللجنة بخصوص معدل الفائدة.وأشارت الوكالة الدولية، في تقرير أصدرته ليل الأربعاء - الخميس، إلى أن البنك المركزي التركي لا يملك مساحة لخفض أسعار الفائدة خلال الأشهر المقبلة، كونه مضطرا إلى زيادة جاذبية الليرة من أجل أصحاب المدخرات المحلية، ومضطرا أيضا لتشجيع المستثمرين الأجانب على إدخال الأموال إلى تركيا.وذكر التقرير أن المخاوف من تراجع احتياطيات النقد الأجنبي، وعدم إدارة الاقتصاد بشكل جيد أدت إلى حدوث انخفاض حاد في قيمة الليرة التركية قبل الانتخابات المحلية التي أجريت في تركيا في 31 مارس الماضي، وبعدها مقارنة بالأوقات السابقة.وأضاف أنه بالنظر إلى تدهور الاقتصاد وضغوط التضخم، فإننا نتوقع أن معدل الفائدة الذي يبلغ حاليا 24 في المائة، سيتم خفضه هذا العام بمقدار 400 نقطة أساس، غير أن الضعف في الليرة، وهشاشة التمويل من الخارج سيؤدي على الأرجح إلى اتجاه البنك المركزي لتأجيل تخفيف سياسته النقدية المتشددة لمدة أطول.وقالت «فيتش» في تقريرها: «لا يزال التضخم الأساسي بعيدا عن الهدف، وقد يكون البنك المركزي مترددا في خفض أسعار الفائدة من أجل التأثير في معدلات التضخم في النصف الثاني من العام».ولفت التقرير إلى أن استمرار الاعتراضات على نتائج الانتخابات المحلية التي فازت بها المعارضة في مدينة إسطنبول أدى إلى زيادة حالة الغموض السياسي في البلاد.
مشاركة :