كابوس الحرب يلاحق اللاجئين من السودان إلى ليبيا

  • 4/26/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يجد مهاجرون سودانيون، كانوا قد لجأوا إلى ليبيا هربا من أعمال العنف في دارفور في غرب السودان، أنفسهم عالقين في القتال الدائر منذ ثلاثة أسابيع بين القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني وقوات المشير خليفة حفتر. وتحوّل ملعب مدرسة أحمد بن شتوان للتعليم الأساسي في وسط العاصمة طرابلس إلى مساحة لنشر الملابس المغسولة. وفي قاعات الدراسة أزيحت الكراسي والطاولات إفساحا للمجال بغاية وضع الفرش أرضا. وعلى اللوح توقّف الزمن عند يوم 16 أبريل حين غادر التلاميذ والمعلّمون المدرسة التي أغلقتها السلطات وتحوّلت مذّاك إلى مركز لاستقبال العائلات النازحة. وفي حين لا تزال الأروقة المتعددة الألوان تضج بضحكات الأطفال وصراخهم وتسابقهم، ترى في الظل ذويهم متعبين والحزن يملأ عيونهم. تقول علوية الأربعينية وهي أم لثلاثة أولاد “لقد هربت من الحرب، لأجد نفسي عالقة في حرب أخرى”. وعلوية سودانية أصلها من دارفور التي دمّرتها الحرب وقد هربت إلى ليبيا لتقيم في الساعدية الواقعة جنوب غرب طرابلس مع أولادها البالغين 12 عاما، و11 عاما، بالإضافة إلى رضيع يبلغ بضعة أشهر. وتروي علوية “في البداية كنا نعتقد أن المعارك ستتوقف بعد يومين أو ثلاثة. بعد ذلك بدأت الطائرات بإلقاء القنابل. أخذت أولادي وخرجت من دون وجهة محددة”. وبحسب تقديرات السلطات الليبية والأمم المتحدة فقد فرّ نحو 35 ألف مدني هربا من المعارك إثر هجوم قوات المشير خليفة حفتر على طرابلس، مقر حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليا. وفيما يلجأ القسم الأكبر من الليبيين إلى أقاربهم، يضطر المهاجرون الذين لا تمتلك السلطات أي تقديرات لعددهم إلى تدبّر أمورهم بأنفسهم. فغالبية اللاجئين إلى مدرسة أحمد بن شتوان، ويقارب عددهم المئة، أصلهم من دارفور ويتولى الهلال الأحمر الليبي رعايتهم.وبصوت مرتجف يقول عبدالرسول البالغ 38 عاما “نشعر بالقليل من الأمان. سمعنا أن المعارك مستمرة لكننا استعدنا قليلا الابتسامة. لدينا المياه والطعام”. وتشكل المدرسة بالنسبة له وجميع قاطنيها فصلا جديدا من فصول مؤلمة. ويذرف عبدالرسول الدموع عندما يتحدّث عن قريته في دارفور “المدمّرة كليا” وعن أفراد عائلته الذين قُتلوا عام 2003 وعن مخيم اللاجئين في كلمه حيث أقام منذ العام 2004، وعن توجهه إلى مصر في عام 2013 ومنها إلى ليبيا. وفي ليبيا انتقل من بنغازي (شرق) إلى مرزق (جنوب) وتعرّض للخطف ثلاث مرات قبل أن ينتهي به الأمر في طرابلس في سبتمبر الماضي “من أجل عبور البحر نحو أوروبا” حسب قوله، مضيفا لكن “فجأة اندلعت الحرب هنا”. وفي 11 أبريل هرب مع زوجته وابنتيه البالغتين ثلاث وخمس سنوات وعائلات أخرى تضم “حوامل وأطفالا”. ويقول “لقد مشيت ساعتين أو ثلاثا قبل أن يخبرنا سائق سيارة أجرة أن هناك مركزا للهلال الأحمر الليبي على مسافة غير بعيدة”. ويعدد عبدالرسول أسماء منطقتي قصر بن غشير وعين زارة ومدرستين أخريين في طرابلس… مضيفا “تلاحقنا الحرب أينما توجّهنا”. ويقول بحسرة “يجب على المنظّمات الدولية أن تساعدنا”، مضيفا “حتى بعد (انتهاء النزاع) لا حياة لنا هنا، ليس لدينا الإذن (بالبقاء)”. ويمارس عبدالرسول بعض الأعمال مثل تنزيل البضائع أو خدمات المباني، ويقول وقد اغرورقت عيناه بالدموع “المعيشة هنا صعبة”. وللمهاجرين هدف واحد هو “العبور” إلى أوروبا لكي لا يذهب خروجهم من بلادهم سدى. Thumbnail ويروي رجل آخر أن جماعة مسلّحة “على الأرجح من غير الليبيين” اعتقلته في الصحراء. ويضيف “لقد اغتصبوا زوجتي. إنها حامل منذ شهرين، لا أعلم ما إذا كان الجنين طفلي أم لا”. وتقول جيهان حسين البالغة 26 عاما وقد غطّت وجهها بحجاب “لقد عانينا في الطريق ونعاني هنا”. وقد وصلت “قبل سبعة أشهر ونصف الشهر” مع زوجها وطفليها “عبر الصحراء”. وتقول “في أحد الأيام اقترب ليبي من زوجي وسأله إن كان يريد أن يعمل. ومنذ أن اصطحبه لم نعرف عنه شيئا”. وقد افترشت حسين الطرقات وركام تراب منزل مدمّر وتعرّضت للاغتصاب. وتقول “لقد تعبنا”، مضيفة “لا أملك المال. أنا مستعدة لبيع أحد أعضائي. إذا اقتضى الأمر أن أبيع كلية، أبيعها وأتوجه بحرا إلى أوروبا. لم يعد لدينا أي خيار”. ويعيش الأفارقة سواء من المهاجرين غير الشرعيين الموجودين في مراكز الإيواء أو العمالة، حالة من الذعر والهلع بعدما باتوا أهدافا للميليشيات التي زجت بهم في القتال. ورسم تقرير لصحيفة “الغارديان” البريطانية الأسبوع الماضي، صورة قاتمة لوضع المهاجرين غير الشرعيين في طرابلس. ونقل التقرير عن أحد المهاجرين قوله “تجبر الشرطة والجنود المهاجرين على القيام بأعمال تشمل التنظيف وتحميل الأسلحة. إنهم يخبرون المهاجرين أنه: إذا كنتم تعرفون كيف تطلقون النار، فسوف نترككم معنا”. وقال معتقل آخر “لقد غسلنا السيارات المليئة بدماء الجنود الذين قتلوا في ساحة الحرب. لا أشعر أنني بخير ولكنني لا أمتلك خيارا آخر”. وأكدت جوديث ساندرلاند، المديرة المساعدة لقسم أوروبا وآسيا الوسطى في هيومن رايتس ووتش “يعتبر إجبار المدنيين على تخزين الأسلحة في منطقة حرب عملا قسريا مسيئا، وقاسيا وغير قانوني، ويعرضهم لخطر لا لزوم لهيشير إجبارهم على ارتداء الزي الرسمي إلى أنهم يستخدمون كرهائن أو دروع بشرية، وجميعها جرائم حرب”.

مشاركة :