"التنمية الأسرية".. العلاقة الأبوية ركيزة استقرار الأبناء

  • 4/26/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

أكد خبراء بمؤسسة التنمية الأسرية أهمية دور الأب في حياة الأبناء، وشددوا على حضوره النوعي، وتحقيق الإشباع العاطفي، لحمايتهم في الصغر والنهل من حبهم في الكبر، وذلك ببناء علاقة وقائية معهم مستقبلاً تحميهم في المراهقة ويشدون عضده عندما يحتاج إليهم. وأوضحت أمل عزام الخبيرة الاجتماعية بمؤسسة التنمية الأسرية أن الحملة الأولى للمؤسسة تحت عنوان «أسرة متماسكة، مجتمع متسامح، ووطن آمن»، تركز على هذا الجانب، وأن محور الثاني من الحملة «أطفالنا مسؤوليتنا» يتناول مسؤولية الوالدين والقائمين على رعاية الأبناء تجاه أبنائهم، ونشر مفاهيم التربية الإيجابية، والتي ترتكز على بناء الضبط الذاتي وتحمل المسؤولية في زمن يواجه فيه الوالدان الكثير من التحديات والصعوبات في أساليب التواصل مع الأبناء وتوجيه سلوكهم بعيداً عن لهجة الأوامر، بحيث تعتبر الأسرة المؤثر الأعظم في بلورة شخصية الطفل وتنشئته، إذ يقضي الطفل معظم وقته مع أسرته ويتشرب أفكارها واتجاهاتها وقيمها وسلوكياتها، لاسيما أن الآباء والأمهات يمثلون نماذج الحياة الحقيقية بالنسبة للأبناء، فهم يتأثرون بسلوك آبائهم وأمهاتهم أكثر من تأثرهم بأقوالهم ونصائحهم. وقالت: علينا أن نعلمهم المهام والمهارات والكفاءات التي تمكنهم من التفاعل الإيجابي النشط في مختلف سياقات ومواقف الحياة، ولا شك بأنه وبقدر ما تبذل الأسرة من جهد في إقامة العلاقات الإنسانية الجيدة بين أفرادها تكتسب شخصية الأبناء خبرة مهمة في التعامل مع الآخرين، لذلك يجب على الوالدين تعلم فن الوالدية ومهاراتها كوظيفة اجتماعية. الوالد المسؤول ولفتت إلى دور الأب في الاستقرار النفسي والوجداني لدى الأبناء، وعليه أن يعي أهمية وجوده الأساسي والفعال، ليحقق الإشباع العاطفي والاحتياجات النفسية لأبنائه، موضحة أن دوره يتكامل مع دور الأم، وأي فجوة بينهما قد تهدد استقرار الطفل النفسي والعاطفي وتنعكس على حياته مستقبلاً، وإذا غاب دور الأب في حياة الأبناء، فإن الباب يصبح مفتوحاً أمام المخاطر الخارجية بنسبة كبيرة، فالابن يجب أن ينهل من العاطفة الأبوية منذ الطفولة المبكرة، ليشكل ذلك حصانة له في المراهقة. كما لفتت الخبيرة الاجتماعية بمؤسسة التنمية الأسرية إلى أن البنت تحتاج إلى معاملة خاصة من طرف والدها، فهي تحتاج إلى إشباع عاطفي بشكل تام مما يشعرها بكيانها والاكتفاء بذلك، وعدم البحث عند الآخرين عن هذه العاطفة. وأضافت: «في غياب الأب تتولى الأم دوره، فتعيش في دوامة، بين العطف والحنان، والثواب والعقاب، فيؤدي ذلك إلى عدم الارتكاز على جانب معين، ففي بعض الحالات يغيب الأب ويتلقى الطفل التربية من طرف جميع أعضاء الأسرة الممتدة، مما يجعله يلجأ إلى بعض الأساليب الملتوية للحصول على العاطفة والمساندة، وتظهر سلبيات غياب الأب في الكثير من المجالات، ومنها على الخصوص في المدرسة، حيث يشعر بالغيرة من أصدقائه الذين يأتي آباؤهم لمرافقتهم أو خلال بعض المواقف الاجتماعية، ويتغلغل غياب الأب في ذهن الطفل ويرتبك لديه الجانب العاطفي والوجداني مما يؤثر في سلوكه مع أقرانه وينعكس على حياته الاجتماعية وعلاقاته الشخصية، كما يجعله عرضة للاستغلال من طرف الآخرين. ازرع لتحصد وشددت على أهمية تأسيس علاقة مبكرة بين الأب وابنه في إطار بيئة آمنة، والتواجد بجانبه طول الوقت لمنحه الحب الكافي، ومتابعته في المدرسة واحتضانه وتقبيله، ومنحه الوقت النوعي، مشيرة إلى أن إنشاء هذه العلاقة القوية بين الأب وابنه، لا تحقق الاستقرار النفسي والإشباع العاطفي للطفل فحسب، إنما سينهل منها الأب مستقبلاً، بحيث سيجده ابنه بجانبه عندما يصبح في مرحلة يحتاج إلى الحب والعطف والحنان، فكلما بنى الأب علاقة قوية مع أبنائه سيجدهم إلى جانبه في المستقبل وسيمنحونه ما منحهم من حب وحنان، ولهذا يجب عليه أن يكون واعيا منذ بداية تأسيسه لأسرة بأهمية العناية بأبنائه وتلبية احتياجاتهم في كل الجوانب، ليضمن إخلاصهم وتفانيهم في حبه، لأن ما أعطاه سيعود إليه. وأوضحت أن العطاء لا يقتصر على الجانب المادي فحسب، بل ينسحب إلى الجانب العاطفي والاهتمام والحوار والمرافقة الطيبة وعدم التركيز على السلبيات وتعزيز الإيجابيات، فالأب عليه منذ ولادة أول طفل لديه أن يبني صورة ذهنية إيجابية لدى الطفل ويبذل مجهوداً حتى يتم رسم هذه الصورة، وإذا شعر أحد الوالدين بخلل ما في علاقتهم بالطفل أو المراهق فهذا يعني أن هناك حلقة مفقودة في مجال الاهتمام والتربية بإيجابية، وبالتالي يجب أن يعي الأب أهمية دوره ويملأه حباً واهتماماً تلقائياً وبشكل غير مشروط. حصانة وتؤكد الدراسات أن الأطفال الذين حظوا بالدور الفعال للأب في طفولتهم، تكون لديهم مشكلات سلوكية أقل من أقرانهم، ويتميزون اجتماعياً ودراسياً عمن يفتقدون دور الأب، وفي هذا الصدد قالت منيرة علي المنصوري اختصاصية تنمية مهارات وقدرات الطفل بمؤسسة التنمية الأسرية: إن الوالد له دور كبير في تربية الأبناء والتأثير عليهم من الناحية العاطفية والنفسية والاجتماعية والمادية أيضاً، لا سيما أن الطفل يحتاج إلى دعم الأب بمستوى حضور الأم في حياته، فالمسؤولية مشتركة بينهما وإذا اختل جانب من الجوانب يؤثر ذلك على حياة الأبناء ويشعرهم بعدم الأمان العاطفي، فالأب مطالب بالمتابعة وتبادل أطراف الحديث مع أبنائه وتعزيز الثقة بأنفسهم، حتى يحقق الإشباع العاطفي، والراحة النفسية، فمهما كانت الأم معطاء على الأب أن يقوم بدوره الفعال والنوعي. وأشارت المنصوري، إلى أن الاستقرار النفسي والعاطفي ينعكس على الأسرة وعلى المجتمع أيضاً، بحيث يصبح إنساناً مواطناً محباً لأسرته ولوطنه، موضحة أن الوطنية تتأسس في البيت، وفي جانب آخر يكون الابن قادراً على مواجهة مشاكل الحياة والتعامل مع المشاكل الخارجية بكل إيجابية، فالأب يزرع منذ الصغر البذرة الصالحة بالاهتمام والحب. الوقاية خير وبعثت المنصوري رسالة لجميع الآباء: «على الأب التعرف على مرحلة الطفولة ويتوفر على خلفية في التربية، ويبذل بعض الجهد للتقرب من أبنائه ويبدي اهتماما لازما للأبناء من الصغر، موضحة أن تربية الأبناء هي علم وتدريب، بحيث لا يجب أن نربي أبناءنا بما تراكم لدينا من خبرات سابقة، كما على الأب أن يتعرف على المراحل النمائية للطفل، وفي هذا الصدد، فإن مؤسسة التنمية الأسرية تقدم العديد من برامج التوعية والخدمات والبرامج لتحقيق استقرار الأسرة، بحيث تساعدهم على اكتساب مهارات حياتية في جميع المجالات ويأتي على رأسها تربية الأطفال. رسالة إلى كل أب أكدت فاطمة عبدالله الحمادي، رئيسة قسم تنمية مهارات وقدرات الشباب بمؤسسة التنمية الأسرية أهمية شعور الابن بالأمان بحضور والده النوعي، بحيث يكون له تأثير فعال في حياته، ويشكل له قدوة ويرسخ لديه القيم، ويسعى لخلق جو آمن في البيت، مشيرة إلى أن الأب يجب أن يفهم الخصائص النمائية التي يمر بها الأبناء، فكل ما ترسخ في ذهن الأطفال من عمر 1 إلى 8 سنوات سيؤثر في حياتهم ويحدد جانبا من مستقبلهم، لهذا على الأب أن يبدي احتراماً للأم وإظهار هذا الاحترام، والتحلي بالحلم بدل الغضب والتفوه بالكلمات السيئة، حتى ينشأ الطفل في بيئة أقل توتراً، وأكثر أمناً وسعادة، فالاحترام المتبادل بين الأب والأم لا يخلق فقط أماناً، لكن يعلم الطفل كيف يتعامل مع الآخرين وكيف يبني أسرة، كما يجب أن يقضي الأب وقتاً مع أبنائه، يقومون فيه بشيء مشترك، مما سيولد الشعور لدى الطفل بأنه شخص مهم في حياة الأب لدرجة أنه يخصص له وقتاً، وفي حال الانشغال والبعد بالعمل يمكنه تعويض الطفل بالاتصال الهاتفي وتخصيص وقت لسؤاله عن يومه وكيف قضاه، كل ذلك لينجح الأب في جعل كلامه مسموعا ويعزز سلطته المعنوية، بحيث يصبح الطفل يفكر في أي عمل يرضي والده ويبتعد عما لا يرغب فيه أو لا يعجبه خوفاً على مشاعر والده واحتراماً وتقديراً له، فعلى الأب أن يؤسس علاقة مع ابنه قائمة على التواصل المتبادل والاحترام.

مشاركة :