لعلّ ما يمكننا أن نقطع به هو أن السوق العقاري يعيش حالة من الاستقرار النسبي، وأكبر دليل على الاستقرار هو عدم وجود فقاعات أو ارتفاعات سريعة لأسعار العقارات. ومن المعروف أن الارتفاع السريع وفقًا لقواعد الاقتصاد يؤدي إلى بلوغ مستوى الذروة، وهو أعلى مستوى للأسعار التي سرعان ما يحدث بعدها انخفاض وتدهور وانهيار. وليس بدعًا أن الدول الجاذبة للاستثمار تسعى دائمًا إلى أن تكون أسواقها متزنة ومرنة مع وضع ووضوح التشريعات والقوانين الملائمة واللازمة لمنع المضاربات الضارة، ووقف الأنشطة غير الحقيقية لتداول العقارات. وإذا ما نظرنا نظرة سريعة إلى وضع التداولات في المملكة، فسنجد أن المحافظتين الشمالية والمحرق تعدان أكبر المحافظات تداولاً للعقارات في الفترة الأخيرة، خلال عام 2018 وبداية 2019. وسنجد أيضًا ازدياد عدد العقارات السكنية المعروضة للبيع، سواء الأراضي أو الفلل. في المقابل، وصلت مبيعات الوحدات العقارية التي تنطبق عليها شروط برنامج «مزايا» بالسوق العقاري إلى أدنى مستوياتها خلال العام الماضي بسبب تعطل قانون مزايا، ولم تشهد السوق صفقات بيع كبيرة خلال عام 2018. لكن الجدير والمثير للتأمل أن عام 2018 شهد تحولاً ملحوظًا في اهتمام مطوري العقارات بتطوير المشاريع السكنية المناسبة لأصحاب محدودي الدخل، وقد كان هذا التحول ضروريًا لإشباع حالة الطلب المتزايد على مثل هذه الوحدات. من جانب آخر، فقد شهدت الفلل السكنية ذات الأسعار المرتفعة هبوطًا واضحًا بمقدار 15%، ويعلل ذلك بعدم وجود مشترٍ حقيقي بسبب تدني الأوضاع الإقتصادية، أما الطلب على المكاتب والوحدات الإدارية أو المساحات التأجيرية فقد ظلت معدلات إيجارها مستقرة إلى حد كبير طوال عام 2018. في حين هبط معدل سعر الإيجار للمساحات الفارغة أو القابلة للتأجير بمقدار 20%. لا يمكننا إنكار أن سوق العقار مرَّ بمنعطفات مخيبة للآمال في عام 2018 منذ حدوث أزمة النفط، إلا أنه سيعاود النمو مرة أخرى، وعلى الرغم من أنه من الصعب أن نتوقع بشكل دقيق أداء السوق العقاري في المستقبل، لكن من السهل أن نتوقع أن السنوات القادمة سوف تشهد تغييرات طفيفة وملحوظة في السوق العقاري والاقتصادي بوجه عام.
مشاركة :