الخلافات تهدد نجاح المؤتمر التأسيسي الأول لحزب "تحيا تونس"

  • 4/28/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

عقد حزب” تحيا تونس” المقرب من رئيس الحكومة يوسف الشاهد، السبت، مؤتمره التأسيسي الأول، بعد أن استكمل مؤتمراته المحلية والجهوية. ويريد الحزب الناشئ الذي ينافس بقوة في الانتخابات التشريعية والرئاسية، الاتعاظ من أخطاء “نداء تونس” الفائز بانتخابات 2014، وأن يفرز المؤتمر قيادات موحدة لتفادي أخطاء أحزاب سابقة، تجنبا لانشقاقات تهدد مستقبله السياسي، مع تواتر الحديث عن خلافات داخله. وشهد الحزب موجة استقالات جماعية في مدينة الكاف قبل أيام قليلة من تنظيم المؤتمر التأسيسي، وأرجعت وسائل إعلام محلية دوافع الاستقالة إلى أسباب عديدة تتعلق بالمؤتمر “لعدم احترام الآجال المحددة من قبل الهيئة الوطنية للانتخابات لتقديم الترشحات وعدم احترام إرادة القواعد”. وخلال أشغال اليوم الأول من المؤتمر التأسيسي لحزب تحيا تونس وقع الاختيار على كمال إيدير رئيسا للمؤتمر وهاجر إدريس وهالة علولو مساعدين للرئيس. كما تم الاتفاق على اختيار سليم العزابي رئيسا للقائمة الوطنية الوحيدة المرشحة لتركيبة المجلس الوطني للحزب والتي تتكون من 100 عضو.وأوضح وليد جلاد القيادي بحزب تحيا تونس لـ”العرب ” أن “أشغال اليوم الأول ركزت على اللوائح السياسية والاقتصادية والمصادقة على النظام الداخلي، وحسب النظام الداخلي سيتولى العزابي الأمانة العامة”. والعزابي هو المستشار السابق للرئيس الباجي قائد السبسي والرجل الثاني في الحزب، وهو من بين العشرات من القياديين السابقين في حزب نداء تونس ونوابه الممثلين في البرلمان الذين أعلنوا انسحابهم للانضمام إلى هذا المشروع السياسي الجديد. وخسر نداء تونس حوالي نصف مقاعده التي فاز بها في 2014 كما خسر الأغلبية وانتهى به الأمر إلى الانسحاب من الحكم بعد موجة انشقاقات وخلافات عميقة مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد القيادي السابق بالنداء، وخلافاته كذلك مع حليفه السابق في الحكم حركة النهضة الإسلامية. وتواصلت أزمة حزب نداء تونس حيث أفضى مؤتمره الانتخابي الذي عقد بداية أبريل الجاري إلى انتخاب رئيسين للجنة المركزية وانقسام جديد للحزب، فيما بات يعول الشاهد على حزب تحيا تونس. وبات هذا الحزب ثاني قوة سياسية في البرلمان (44 نائبا) بعد حركة النهضة الإسلامية. وفي 27 يناير الماضي، أعلن سياسيون وبرلمانيون تونسيون ( كتلة الائتلاف الوطني 44 نائبا /217) تأسيس حزب تحيا تونس. ويقدم الحزب الجديد نفسه كحركة ديمقراطية وسطية وامتدادا للدولة الوطنية التي أسسها الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة إبان فترة الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي عام 1956. ورغم أن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي -وهو مؤسس حزب نداء تونس- مد يده للشاهد لدى افتتاحه مؤتمر النداء، وطلب من الحزب رفع تجميد عضويته، إلا أنه من المستبعد عودة رئيس الحكومة إلى الحزب كونه بات مرشحا بقوة لقيادة الحزب الجديد تحيا تونس المؤيد لحكومته. ولم يعلن رسميا عن تزعم الشاهد للحزب الجديد، إلا أنه يُتوقع على نطاق واسع أن يكون الشخصية المحورية للحزب وأحد مرشحيه للانتخابات هذا العام. وأقر وليد جلاد بأن الشاهد زعيم سياسي للحزب غير أن الأولوية لدى الشاهد حاليا ستكون لمشاغل الحكومة، مستبعدا أن يكون له منصب تنفيذي داخل الحزب. وربط مراقبون مدى قدرة حزب تحيا تونس على التموقع في المشهد السياسي بمدى قدرتها على الصمود أمام الخلافات الداخلية. ولئن توقع جلاد أن ينجح حزبه في تصدر المشهد السياسي والحزبي لما يحمله من رؤية إصلاحية وباعتباره امتدادا للحركة الإصلاحية في تونس ولقدرته على تجاوز أخطاء الأحزاب الأخرى، يرى متابعون أن نتائج المؤتمر هي التي ستحسم مستقبل الحزب. وأشار كمال بن يونس الكاتب والمحلل السياسي لـ”العرب” إلى أن “مؤتمر حزب تحيا تونس إذا مر دون خلافات أو تناقضات داخلية، سيساهم في تعديل المشهد السياسي وفي تقديم بديل عن التيار الليبرالي الوسطي بعد انقسامات حزب نداء تونس وإعلان قائد السبسي انسحابه من السباق الرئاسي مما يرشح تحيا تونس لأن يكون حزبا بديلا ولو جزئيا عن نداء تونس”. ومن ضمن التحديات التي يواجهها حزب تحيا تونس القرار الذي سيختاره رئيس الحكومة إما البقاء على رأس السلطة أو الترشح للانتخابات كزعيم للحزب. ويقول بن يونس “إذا حسم الشاهد موقفه وتزعم حزبه (تحيا تونس) وتفرغ له وأعلن رسميا ترشحه للانتخابات، فذلك سيفيده أكثر. لكن إذا ظل بين منزلتين سيضره انتخابيا أمام تزايد الانتقادات الموجهة للحكومة نتيجة الغلاء والأزمة الاقتصادية”. ويتصدر الشاهد منذ عدة أشهر نوايا التصويت للانتخابات الرئاسية المقبلة، فيما سجل حزب تحيا تونس المحسوب عليه صعودا مفاجئا ليحتل المرتبة الثانية في نوايا التصويت للانتخابات التشريعية بنسبة 7.1 بالمئة في حين تصدرت حركة النهضة نوايا التصويت بنسبة 21.2 بالمئة حسب استطلاعات رأي محلية نشرت مؤخرا. وأعلن حزب تحيا تونس عن انخراط ما يناهز 80 ألف شخص؛ من بينهم وزراء وكوادر وشخصيات معروفة التحقت بالحزب الداعم لرئيس الحكومة. لكن تزايد الاحتقان الاجتماعي في تونس على خلفية الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بالبلاد منذ عام 2011 يهدد حظوظ الشاهد. كما يتهمه خصومه خاصة حزب نداء تونس، التي انشق عنها، باستغلال منصبه وموارد الدولة للترويج لنفسه ولحزبه في الانتخابات الرئاسية والتشريعية المزمع إجراؤها في أكتوبر ونوفمبر القادمين. أما المعارضة فتتهمه بالفشل في إدارة الأزمة الاقتصادية وباتخاذه إجراءات شعبوية هدفها استمالة الناخبين مع اقتراب السباق الانتخابي. وتتنافس في تونس حاليا أكثر من 210 أحزاب سياسية، قرابة 10 بالمئة منها ممثلة في البرلمان.

مشاركة :