العشائر العربية تعيد خلط الأوراق شرق سوريا

  • 4/30/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

عاد شرق سوريا إلى دائرة الضوء في الأيام الأخيرة على خلفية اندلاع مظاهرات يقودها المكون العربي في المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية حيث يشكل الأكراد عمودها الفقري. ويقول متابعون إن اندلاع احتجاجات ضد قوات سوريا الديمقراطية كان متوقعا في ظل سياسة التمييز التي طبعت إدارة تلك القوات، أضف إلى ذلك وجود قوى من صالحها تأجيج الفتنة بين الأكراد والعرب في مقدمتها تركيا، التي فشلت حتى الآن في إقناع الإدارة الأميركية بمنحها الضوء الأخضر للتمدد نحو شرق الفرات. وترى تركيا في إثارة المكون العربي ضد الطرف الكردي ورقة ضغط مهمة لدفع الإدارة الأميركية إلى إعادة النظر في تحالفها مع الأخير. وجرى الاثنين اتصال هاتفي بين الرئيسان الأميركي دونالد ترامب والتركي رجب طيب أردوغان، بحثا خلاله التعاون في سوريا. وتراهن الولايات المتحدة في استراتيجيتها على قوات سوريا الديمقراطية التي تشكلت في العام 2014، وتعد وحدات حماية الشعب الكردي القوة الرئيسية فيها. وقد خاضت هذه القوات المعركة البرية ضد تنظيم داعش الذي كان يبسط سيطرته على مناطق واسعة في شمال سوريا وشرقها، وتمكنت القوات من القضاء فعليا على التنظيم الجهادي وإن كان لا تزال له خلايا نائمة في المناطق التي كانت تحت نفوذه، وتشن هذه الخلايا هجمات من حين لآخر. ولا تنحصر أهداف الولايات المتحدة في رهانها على قوات سوريا الديمقراطية فقط على دحر عناصر داعش، بل وأيضا قطع الطريق على طموحات إيران إنشاء حزام يصلها بالبحر المتوسط عبر الشرق السوري. ويقول مراقبون إن تصاعد الحراك الشعبي في محافظة دير الزور ذات الغالبية العربية يشكل معضلة بالنسبة للإدارة الأميركية وأيضا بالنسبة للأكراد لأنه سيسحب من رصيدهم لدى الأخيرة، الأمر الذي يصب في صالح تركيا. وذكر سكان ومحتجون الأحد أن العشائر العربية في محافظة دير الزور صعدت احتجاجاتها ضد قوات سوريا الديمقراطية. وقالوا إن مظاهرات بدأت قبل أيام ضد حكم هذه القوات في سلسلة بلدات من البصيرة إلى الشحيل، في حزام استراتيجي للنفط في قلب أراض تسكنها عشائر عربية إلى الشرق من نهر الفرات. وأحرق المحتجون إطارات على امتداد طريق سريع من دير الزور إلى الحسكة تستخدمه شاحنات النفط، في تجارة مربحة سيطرت عليها قوات سوريا الديمقراطية بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية هناك في أواخر 2017. وكتب المحتجون على لافتة في قرية الشنان والتي أرسل السكان صورها لوكالة “رويترز” ونشروها على وسائل التواصل الاجتماعي “وين نفطنا؟ وارداتنا وين؟ لن نقبل بعد اليوم من نقل ثرواتنا خارج مناطقنا”. وقال سكان ومحتجون وقادة عشائر إن السكان الغاضبين أجبروا شاحنات النفط من حقل العمر القريب، وهو أكبر الحقول التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية، على العودة لغضبهم مما يعتبرونها سرقة للنفط من مناطقهم. وهتف المحتجون في الحصين، وهي من البلدات التي تشهد احتجاجات كبيرة “لا للاحتلال الكردي”.ويخشى من أن يقود الحراك المشتعل إلى بروز نزعة انفصالية جديدة في سوريا، تقودها عشائر تلك المنطقة، خاصة وأن الشعارات التي رفعت أيضا كانت ضد النظام السوري. ورفضت وحدات حماية الشعب رسميا التعليق على الاضطرابات لكن مسؤولين قالا لـ“رويترز” في أحاديث خاصة إنها بدأت محادثات مع زعماء العشائر بشأن مطالب السكان المحليين والتي تشمل إنهاء الاعتقالات التعسفية. وأكدت مصادر قريبة أن لقاء جرى الاثنين بين ممثل لعشيرة البقارة ومجلس دير الزور العسكري، وتم الاتفاق خلاله على تفعيل القيادات العربية في المجلس وإشراكهم باتخاذ القرارات وتسليمهم الأمور العسكرية في المنطقة. كما تم التأكيد على قضية النفط ورفض بيعه لدمشق، وبعض الشخصيات المحسوبة على نظام الأسد. وواصلت قوات سوريا الديمقراطية بيع النفط للحكومة السورية رغم هواجس الولايات المتحدة. وزادت شحناتها في الأسابيع الأخيرة لتخفيف نقص حاد في الوقود نجم إلى حد ما عن العقوبات الأميركية على إيران وهي داعم مالي رئيسي للحكومة السورية الأمر الذي أضر بالاقتصاد السوري. وكانت وحدات حماية الشعب الكردية قد سيطرت عقب طرد تنظيم الدولة الإسلامية من دير الزور على مجموعة من أكبر حقول النفط السورية لتسبق الجيش السوري وداعميه الروس في السيطرة عليها. وتسيطر الحكومة السورية على مناطق غربي نهر الفرات بها موارد نفط أقل. وتحاول دمشق التخفيف من وطأة أزمة الوقود عبر شرائه من الجانب الآخر، وهذا من الأسباب الرئيسية في غضب عشائر المنطقة. ولا يحصر سكان وشيوخ العشائر المسألة فقط في بيع النفط لدمشق، إذ يعترض كثير منهم على التجنيد الإجباري للشباب الذكور وعلى وجود تمييز على مستوى طبقات القيادة العليا. وفي ظل تدهور الأحوال المعيشية، وافتقار كثير من البلدات للكهرباء، يشكو السكان العرب من أن الإدارة التي تقودها وحدات حماية الشعب تحابي المناطق التي يغلب عليها الأكراد في شمال شرق سوريا. وأثار احتجاز سكان عرب غضب السكان المحليين لكن مسؤولي قوات سوريا الديمقراطية ينفون وجود تمييز ويقولون إنهم كانوا هم أنفسهم ضحايا لسياسات عربية قومية أنكرت عليهم ثقافتهم قبل اندلاع الصراع السوري في عام 2011. ورفع متظاهرون غاضبون ببلدة الطيانة لافتة الأحد تقول “سجون قوات سوريا الديمقراطية.. العرب 100 بالمئة الأكراد صفر بالمئة. أين العدل”.

مشاركة :