ضربة ترامب الصاروخية تعيد خلط أوراق بوتين في سوريا

  • 4/8/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

الكرملين سيعيد حساباته بناء على ما استجد في الـ24 ساعة الماضية وما سيترتب على الانخراط الأميركي في معادلة الصراع السوري. ومنذ بدء روسيا حملة جوية لدعم قوات الأسد في نهاية سبتمبر/أيلول 2015، تمكن الرئيس فلاديمير بوتين من قلب المعادلة في الحرب المستمرة هناك منذ ست سنوات وجعل موسكو اللاعب الرئيسي في رسم مستقبل سوريا. ومع تراجع واشنطن تحت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، تقدم بوتين ليملأ الفراغ ويؤكد على النفوذ الروسي في الشرق الأوسط. والآن وجه ترامب ضربة مباشرة بعد أيام من الغضب حول الهجوم الكيميائي في سوريا، متجاهلا ادعاءات موسكو بأن النظام لا يتحمل مسؤولية الهجوم. ويبدو أن قابلية الرئيس الأميركي الجديد للهجوم قد فاجأت الكرملين وباتت تشكل تهديدا للتفوق المسلم به لموسكو في سوريا. رد الفعل الفوري على الضربة كان ادانة قوية لـ"اعتداء ضد دولة ذات سيادة"، في الوقت الذي كان المسؤولون يحاولون استيعاب الأنباء. واتهم الكرملين ترامب بأنه نكث بتعهداته بالتركيز على محاربة الدولة الاسلامية، وأكد أن هذه الخطوة سوف "تسبب ضررا بالغا على العلاقات الأميركية الروسية التي كانت سابقا في حالة بائسة". الدفاعات الروسية وأثار تمكن الولايات المتحدة من توجيه ضربتها بدون أن يتم اعتراض الصواريخ أسئلة فورية حول القدرات الدفاعية لروسيا في سوريا. فقد شحنت روسيا منظومة أس-400 للدفاع الجوي إلى قاعدة حميميم بعد أن أسقطت تركيا مقاتلة روسية في أكتوبر/تشرين الأول 2015. وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن الولايات المتحدة أبلغت موسكو بتنفيذ الضربة مسبقا، لكنه رفض الإجابة فيما إذا كان قد تم اجلاء جنود روس من القاعدة الجوية المستهدفة أو إن كانت موسكو قد اتخذت قرارا عقلانيا بعدم محاولة إسقاط الصواريخ الأميركية. وأكد الجيش الروسي أن دفاعاته الجوية قادرة على أن تحمي قواته المنتشرة في سوريا، مشيرا إلى أنه سيتم اتخاذ "اجراءات" لدعم الأنظمة الدفاعية السورية. لكن بعض الخبراء يعتبرون أن الضربة الأميركية أظهرت أنه من المرجح أن موسكو غير راغبة وأيضا غير قادرة على الوقوف بوجه تصميم واشنطن على شن هجوم. وقال المحلل العسكري الروسي المستقل بافل فيلغنهاور "ساعدت روسيا السوريين على تطوير دفاعاتهم الجوية، لكن يبدو أن الأميركيين قادرين على تخطيها بسهولة". وأضاف أن موسكو تأمل أن تكون هذه الضربة الأميركية الوحيدة دون أن تقوم برد يزيد من التصعيد على أمل أن تتمكن من إبقاء الأمور تحت السيطرة. وتابع "بالطبع سيدينون بشدة المعتدي الأميركي وسيتذمرون، لكنهم لن يقوموا بأي فعل متطرف". زيارة تيلرسون وجاءت الضربة الأميركية في سوريا في وقت كانت فيه موسكو وواشنطن تستعدان لأسبوع أساسي في العلاقات بين البلدين. ومن المقرر أن ريكس تيلرسون بأول زيارة له كوزير أميركي في حكومة ترامب الى موسكو في الأسبوع المقبل. وتراجعت آمال روسيا بتحسن سريع في العلاقات مع واشنطن في الوقت الذي باتت فيه العلاقات مع موسكو سامة بالنسبة إلى ترامب وذلك بعد الاتهامات بأن الكرملين قام بعمليات قرصنة للتأثير في الانتخابات ومساعدة ترامب على الفوز بالرئاسة. وكان في نية موسكو استغلال هذه الزيارة لتعزيز دعواتها إلى الولايات المتحدة من أجل توحيد القوى لمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية. إلا أنه يبدو أن هذه المحادثات سوف تهيمن عليها تداعيات الضربة الأميركية والانقسامات الحادة حول سوريا. لكن المحلل أندريه باكليتسكي يعتبر أن عدم إلغاء موسكو لزيارة تيلرسون يظهر أن الكرملين ما زال يأمل بتبديد هذه العاصفة ومواصلة ترميم العلاقات. وقال باكليتسكي من مركز أبحاث "بي آي أر" في موسكو "هناك شعور بأن كل الأطراف يبدو أنها تحاول تقييم ما حدث وما الذي يعنيه، لكن ليس بكون هذا بداية مواجهة كبرى". ومن الآن فصاعدا يبدو أن موسكو ستبدي الكثير من الحذر تجاه الولايات المتحدة حول سوريا بعد تهميش دور واشنطن هناك. وأضاف باكليتسكي أن "التورط الأميركي في الحرب في سوريا يلوح منذ أمد طويل مثل سيف ديموقليس المصلط". وأوضح "الآن بات واضحا أن الولايات المتحدة قادرة على استخدام القوة في المنطقة وهذا يعني أنه يجب الاستماع أكثر إلى رأي واشنطن".

مشاركة :