جاء خطاب خادم الحرمين الشريفين بصيغة رسالة حميمة وهادئة بعيدة عن الخطابية موجهة إلى المواطنين والمواطنات على حد سواء, بما في ذلك المسؤولين المعينين في المناصب القيادية, للطمأنة, وتوضيح الوضع القائم، وخارطة القادم ونقاط تركيز الأولويات. كلمة كانت مكثفة وعميقة وشاملة، وركزت على القضايا الأساسية بعيدا عن الإنشائية. وتعميم توجيه الخطاب الى المواطنين بصيغة عامة استلزم التركيز على العموميات دون الدخول في تفاصيل بعينها، وهذا يفسر عدم التطرق لمواضيع أو مطالبات تخص الفئات المتعددة, ومنها المرأة؛ حيث أرى بتفاؤل أن كل ما يأتي تحت مظلة المواطن يشملها كمواطنة؛ وكذلك الحال في المناطق والمذاهب والإنتماءات الفكرية. وهو تفسير معقول ويتماشى مع ما أعلنه الملك عن من مبادئ التزام العدالة والمساواة, ومطالبة المواطنين بالوسطية والإعتدال والمسؤولية, ومطالبة المسؤولين بدقة التنفيذ والمراقبة والمحاسبة, وأن الخدمات والفرص والتطوير حق للجميع وتخضع لمبدأ الدولة المعلن. تكلم الملك بصفة شخصية مستخدما ضمير المتكلم ما يوحي بالكثير من الحميمية، والصدق، والإخلاص، والتقارب، والكلمة تضمنت أن الأمن والاستقرار هو الأولوية، ولتحقيق ذلك فإن للمواطن الحق في الحصول على جميع الخدمات التي تساهم في تسهيل حياته وتوفر احتياجاته وطموحاته لحياة كريمة. كما أكد الملك على اعتماد سياسة «الباب المفتوح» بين المواطن والمسؤول، والمسؤول والملك». وأشار إلى الأطر المتعددة المحلية والإقليمية والدولية التي تؤثر في توجه وسياسات المملكة اقتصاديا وسياسيا وثقافيا؛. منها أن الأوضاع الاقتصادية الآنية غير مستقرة عالميا من حيث تذبذب الاقتصاد عالميا وهبوط أسعار النفط ولكن المملكة مستمرة في سياسة احترام علاقاتها الخارجية والتركيز على حماية الاستقرار والسلام عالميا وفي الجوار. والتركيز على تمكين المواطن وترشيد الإدارة واستنفار القطاع الخاص, لاستمرار البناء والنمو وتنويع مصادر الدخل وتوطين الوظائف. وأشار الى أن أوضاع الأمن المضطربة في الجوار تمثل تحديا, ولكن الدولة قادرة ومتأهبة لحماية حدودها وأمنها داخليا وخارجيا من أي تعد. وطالب الملك كل فئات المجتمع وأفراده القيام بدورهم بإخلاص: قوى الأمن بحماية أمن واستقرار الوطن, والطلاب بالتركيز على التحصيل في دراساتهم، والقطاع الخاص ورجال الأعمال بالقيام بمسؤوليتهم الاجتماعية، والأجهزة الخدمية كالتعليم والصحة والإسكان بتوفيرها بأعلى مستوى لكل مواطن. هكذا من خلال خطابه وضّح الملك سلمان خارطة العلاقات ما بين الدولة وجميع فئات المجتمع، من منطلق العدالة، والمساواة، والتوازن بين المسؤولية والحقوق، موضحة أن الخطاب لم يرتكز إلى تجريم أي جهة أو فئة بعينها، أو لومها، ولكنه بيّن مالا يمكن أن تقبل به السعودية من الأفعال من مواطنيها أو من الجهات الخارجية.
مشاركة :