الكندري يقدم استجواباً للمبارك عن السياسة العامة من 3 محاور

  • 5/1/2019
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

قدم النائب د. عبدالكريم الكندري استجوابا الى رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك، ﻋﻦ اختصاصه في السياسة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ، وتضمن الاستجواب ثلاثة محاور، وجاء المحور الأول حول غياب السياسة العامة للحكومة والتنازل عن اختصاصات مجلس الوزراء لجهات أخرى، في حين جاء المحور الثاني عن التناقض في السياسة العامة للحكومة حول ترشيد الانفاق وتأثيرها على الحالة المالية للمواطن، والمحور الثالث عن اخفاق رئيس مجلس الوزراء في الدفاع عن الهوية الوطنية. وقال الكندري في مقدمة استجوابه: إثارة المساءلة السياسية ﻣﻦ عضو ﻣﺠﻠﺲ اﻷﻣﺔ لرﺋﻴﺲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻮزراء واجب وطني قبل أن تكون فرضاً دستورياً تستوجب تحريك أداة الاستجواب تجاه رئيس مجلس الوزراء بمجرد قيامه بتعريض السياسة العامة للحكومة للإرباك أو التردد أو عدم الوضوح في منهجها ورؤيتها وبرامجها، أو أن يسبب بسوء تشكيل مجلس الوزراء ضعفاً في تماسكها ثم فقدانها قدرتها على اتباع السياسات التي من شأنها تنفيذ برنامج عمل الحكومة وتحقيق قرارات وسياسات رئيس الوزراء العامة، فماذا إذا تجاوز ما سبق إخفاق رئيس مجلس الوزراء وتقصيره في تبني نهج واضح متمثل في سياسة عامة للحكومة مستقرة لا تتأثر بتغير الوزراء بحيث تكون واضحة الملامح محددة الأهداف ليتعدى الأمر إلى حالة من التناقض في القرار نتج عنه انعدام الثقة بأجهزة الدولة بسبب تبني السياسات المعلنة والتي لا تنفذ على أرض الواقع بل يتجاوز الأمر في الكثير منها إلى مخالفتها بشكل صارخ مما جعل رئيس مجلس الوزراء غير قادر على الدفاع عنها أمام مجلس الأمة الذي غاب عن جلساته بل انه في أغلب الأحيان يشار صراحة الى أن مجلس الوزراء يدار من قبل بعض الوزراء وليس الرئيس. وأضاف ان هذا النهج وحالة عدم الوضوح في السياسة العامة صاحبا جميع الوزارات السبع التي ترأسها سمو الشيخ جابر المبارك منذ 13 ديسمبر 2011 لحظة صدور المرسوم الأميري بتشكيل أولى وزاراته حتى الوزارة السابعة الحالية التي صدر المرسوم الأميري بتشكيلها في 11 ديسمبر 2017، وهذا يجعل الموضوعات محل صحيفة الاستجواب الحالية الداخلة في اختصاصه متصلة بقضايا وسياسات وقرارات عامة سابقة منذ لحظة تكليفه حتى لحظة صعوده المنصة في هذا الاستجواب طالما أنه لم يعدل عنها أو يقوم بتغييرها ومازالت قائمة، حيث ان الاستمرار بهذه الأعمال مع تشكيل الحكومة الجديدة يولد مسؤولية رئيس مجلس الوزراء عنها، وهذا ما أكدته المحكمة الدستورية في العديد من القرارات. وتابع: عليه أتوجه بالاستجواب اﻵﺗﻲ لسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك ﻋﻦ اختصاصه في السياسة اﻟﻌﺎﻣﺔ للحكومة، باعتبار أن رئيس مجلس الوزراء هو الذي يتكلم باسم مجلس الوزراء، ويدافع عن هذه السياسة أمام مجلس الأمة كما قررت صراحة أحكام الدستور وقرارات المحكمة الدستورية. وفيما يلي تفاصيل الاستجواب: المحور الأول: غياب السياسة العامة للحكومة والتنازل عن اختصاصات مجلس الوزراء لجهات أخرى: غياب السياسة العامة للحكومة: إن قيادة مجلس الوزراء لا تقتصر على ترؤس اجتماع أسبوعي لمجموعة من الوزراء يتباحثون بينهم شؤون وزارتهم أو يحاولون حل قضاياهم اليومية، أو التفكير بجلسة مجلس الأمة وماذا سيحصل بها، إن مهام رئيس مجلس الوزراء التي قررها الدستور تتمثل في أن يضع السياسة العامة للحكومة في كل المجالات، وأن يحدد اتجاهات وزرائه لما فيه تحقيق المصلحة العامة وفق منهج لا يتأثر بتغير الوزراء، وليس هذا فقط بل هو ملزم بالمتابعة والاشراف والتنسيق للتأكد من فعالية وزرائه وتنفيذهم لهذه السياسات حتى تحقق حكومته النتائج المرجوة منها، هذا ما أكدته المادة 123 من الدستور. خلال كلمة رئيس مجلس الوزراء في افتتاح الفصل التشريعي الخامس عشر أكد سموه أن حكومته ستقدم برنامج عملها إعمالا لحكم المادة (98) من الدستور فور الانتهاء من إعداده، وبالالتزامات التي أطلقها رئيس مجلس الوزراء أمام الأمة في أول يوم من بداية أعمال مجلسها بالفصل التشريعي الخامس عشر يكون قد حدد سياسته العامة التي ستتبناها حكومته ورؤيته المفترضة لتسيير أعمالها وأهم القضايا التي ستعالجها من ثم عاد ليؤكد على أهم مضامينها عندما تم إعادة تكليفه رئيساً للحكومة وتأديته القسم الدستوري أمام مجلس الأمة بجلسة 19/12/2017 لكن باضافة رؤية 2035 كويت جديدة عليها. وأوجبت المادة 98 من الدستور على كل وزارة جديدة أن تتقدم فور تشكيلها ببرنامجها إلى مجلس الأمة، وعليه أوضحت اللجنة الوزارية لإعداد ومتابعة برنامج عمل الحكومة في بيان رسمي نشر بتاريخ 30/1/2018 على انها كلفت فريق عمل مشتركاً من الوزراء المعنيين وبعض أعضاء المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية لاعداد مشروع برنامج عمل الحكومة في ضوء رؤية كويت جديدة (2035) تمهيداً لعرضه على مجلس الوزراء وإحالته إلى مجلس الأمة. وبعد هذا العرض المستفيض لجملة من التوجيهات العامة والوثائق المتبناه والخطط المقررة وبرامج العمل التي يفترض أن تكون جميعها السياسة العامة للحكومة، جاء في التقرير السنوي لديوان المحاسبة 2017-2018 (أهم المؤشرات) بأنه "اتضح مما جاء بالبيان الذي أدلت به الحكومة أمام مجلس الأمة الموقر بجلسته المنعقدة بتاريخ 6/3/2018 لمناقشة هذه الوثيقة البرنامج الوطني للاصلاح المالي والاقتصادي، أن ما تحقق فعلاً على أرض الواقع هو النزر اليسير من البرنامج بالرغم من مرور نحو نصف المدة المحددة للانتهاء من كافة البرامج التي تضمنتها الوثيقة ووضعها حيز التنفيذ". وتثور المسؤولية السياسية لرئيس مجلس الوزراء عن هذا المحور بسبب اخفاقه بتنفيذ سياسته العامة وعجزه عن توجيه مجلس الوزراء بتنفيذ ما جاء على لسانه من التزامات أمام مجلس الأمة، وكذلك ما تبنته حكومته في برنامج عملها، فما يفترض أنه يشكل السياسة العامة للحكومة لم يعد أن يكون تكراراً لمجموعة من التقارير التي دأبت الوزارات التي ترأسها سمو الشيخ جابر المبارك على إعادة طرحها لكن بتعديلات جديدة على مسمياتها، ابتداء من الخطة التنموية متوسطة الأجل مروراً بخطط التنمية السنوية وصولاً إلى برامج عمل الحكومة لكن باضافة جديدة وهي رؤية كويت جديدة 2035، هذه الخطط الانشائية لا يمكن أن تكون سياسة عامة تعمل من خلالها الحكومة، فالسياسة العامة تعني توجها واضحا ونهجا ثابتا يهدف إلى تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع، وما جاء في ما سبق ذكره لم يتعد مجموعة تمنيات قدمت لمجلس الأمة لكي تنتهي مع انتهاء عمر المجلس أو بحله وذلك استيفاءً للالتزامات الدستورية المقررة على الحكومة. لذلك وصمت الوزارات التي ترأسها المبارك بأنها حكومات من غير سياسة عامة أو رؤية أو منهج ودون إنجاز، هذا ما أكد عليه أغلب نواب المجلس أثناء مناقشة برنامج عمل الحكومة، لإيمانهم بأن ما يتم عرضه عليهم ليس له أثر ملموس على أرض الواقع ولأن الشعب الكويتي يشاهد بأم عينه يومياً إخفاق الحكومة في جميع الأصعدة. أما على صعيد غياب سياسة الحكومة في التوظيف وتفاقم قضية البطالة، تجدر الإشارة أولاً أن من أهم السياسات التي يتم تقييم الحكومات عليها وتمثل مدى نجاحها في برامج عملها هي طريقة معالجتها لقضية البطالة ومحاولة خفض نسبها السنوية، ولا شك أنه لو أخضعنا الحكومة لتقييم حقيقي وفقاً لما تمليه الواجبات الدستورية فإن الحكومة ستفشل بكل تأكيد. ومثال آخر على عدم التزام الحكومة ببرنامج عملها، وصل عدد المقيمين في الكويت إلى 3.363.722 ملايين مقابل 1.411.687 مليون كويتي، وحتى هذه اللحظة لم يضع رئيس الحكومة سياسة عامة تعنى بهذا الملف بل ساهم وزراؤه بزيادة هذا العدد نتيجة تراخيهم في ضبط تدفق العمالة الهامشية والتصدي لتجار الاقامات وضبط الزيارات لغير حاجات العمل، في حين تستمر الحكومة في توجيه سياسات ترشيد الانفاق تجاه المواطنين بمحاولة تحميلهم أسباب عجز الميزانية. تنازل رئيس مجلس الوزراء عن اختصاصاته لجهات أخرى: إن قيام الديوان الأميري بمهام تنفيذ مشاريع إنشائية هي من الاختصاصات الأصيلة لوزارة الأشغال، إضافة إلى أنه يثير شبهات دستورية وقانونية لما يمثله الديوان الأميري من رمزية ذات طابع سيادي فهو دليل لا يحتمل إثبات العكس بفشل مجلس الوزراء في تنفيذ تلك المشاريع التي أسندت إلى الديوان. وبالرجوع إلى قانون إنشاء الديوان الأميري 29 لسنة 1962 يتضح أن رئيس الديوان الأميري هو بدرجة وزير وليس وزيراً بالمفهوم الدستوري والذي يكون جزءا من مجلس الوزراء ومجلس الأمة، لذلك أول تساؤل يثار هو من ستتم محاسبته لو وقع تجاوز مالي أو إداري للمشروعات التي يقوم بها الديوان؟ خصوصاً أن المشاريع التي يقوم بها الديوان ذات مبالغ كبيرة جداً بالمقارنة بالمشاريع التي تقوم بها الحكومة؟ ثانياً: ما هو الأساس القانوني الذي على أثره يستطيع الديوان الأميري أن ينفذ مشاريع في الدولة هي من اختصاصات الحكومة؟ إن استمرار الديوان الأميري في التوسع بتنفيذ مشاريع هي من اختصاصات الوزارات، بعذر سرعة إنجاز المشاريع وعدم خضوعها للبيروقراطية الحكومية وكذلك عدم تعثرها بسبب الأوامر التغييرية، وتسليمها بالوقت المحدد هي وإن كانت أعذاراً في ظاهرها لكنها دلائل قاطعة على فشل الجهاز الحكومي الذي يحتوي كل ما سبق، فبدلاً من أن يقوم رئيس مجلس الوزراء بالقضاء على مشاكل حكومته ووزرائه بتبني سياسات عامة اصلاحية تسرع من انجاز المشروعات وتحد من الدورة المستندية فرغ مجلس الوزراء من اختصاصاته بالتنازل عنها لجهات أخرى. وآخر هذه التجاوزات جاء بمباركة من مجلس الوزراء عندما أعلنت الأمانة العامة لمجلس الوزراء تبني الديوان الأميري مشروع تطوير المدينة الترفيهية من حيث المسؤولية والمتابعة والإنجاز، بدلاً من شركة المشروعات السياحية، وذلك بعد اغلاق المدينة منذ يوليو 2016. المحور الثاني: التناقض في السياسة العامة للحكومة حول ترشيد الانفاق وتأثيرها على الحالة المالية للمواطن: منذ منتصف عام 2014 حين فقد النفط أكثر من 75% من سعره، سجلت الكويت على صعيد المالية العامة للدولة عجزاً سنوياً في الميزانية استمر حتى هذه اللحظة، حيث أوضحت الحكومة بأن المسار المتعرج لأسعار البترول يمثل تحديا خطيرا يواجه السياسات المالية لدولة الكويت وذلك نتيجة ارتباط جهود التنمية وخططها بتدفقات الموارد النفطية التي تتحكم بها تقلبات الأسعار وفقاً لعوامل يصعب التحكم بها وهو ما أدى إلى تنامي العجز في ميزانية الدولة وعدم قدرتها على مواجهة معدلات الانفاق العام. ومنذ ذلك الحين رفعت الحكومات المتعاقبة برئاسة سمو الشيخ جابر المبارك شعار ترشيد الانفاق وضبط المصروفات كسياسة عامة تحكم عمل الوزارات والجهات الحكومية وأسلوب في تنفيذ برامجها وخططها، وقد حدد بيان وزير المالية عن الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية ومشروع الميزانية العامة للسنة المالية 2018/2019 الأسس التي رسمت من خلالها السياسة المالية للدولة والتي كان من بينها قرار مجلس الوزراء بتاريخ 10/11/2014 رقم 1410 الذي بين الإجراءات التي أقرها مجلس الوزراء بشأن ترشيد الإنفاق العام. ومنذ اعلان العجز في الميزانية العامة للدولة وﺣﺘﻰ هذه اﻟﺴﺎﻋﺔ، ﻓﺈن الحكومة ﻻ تزال ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ إﺧﻔﺎق ﻣﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ تطبيق السياسة العامة المالية والاقتصادية التي تبنتها والتي يفترض بأنها وضعت من أجل إﻧﻘﺎذ اﻻﻗﺘﺼﺎد الكويتي وانتشاله من حالة العجز المعلنة، فراحت تطبق جزءا منها وتتراجع عن جزء آخر، بتردد واضح وتخبط معلن يكشف حجم سوء إدارة رئيس مجلس الوزراء لأهم قضية واجهت فترة رئاسته في تاريخ الكويت وهي اعلان دولة ثرية لعجز في الميزانية. وتثور مسؤولية رئيس مجلس الوزراء عن هذا المحور عندما أوضحنا أثناء الحديث عن حدود مسؤولية رئيس مجلس الوزراء أنها محل إثارة بمجرد التردد أو عدم الوضوح في خطواته واجراءاته بتطبيق السياسة العامة للحكومة وفي هذا المحور لا نجد التردد والتخبط وعدم الوضوح بل نجد أن هناك مخالفات لهذه السياسة العامة وهذه التوجهات التي رسمها من أجل أن يعالج العجز في الميزانية. لم يكن في يوم من الأيام مفهوم ترشيد الانفاق وضبط أوجه الصرف التي تعلنها الدول بسبب حالة العجز بها التضييق على المواطنين بحرمانهم من الزيادات المالية ومراجعة الرواتب والأجور التي يجب أن تكون بشكل دوري كما هو معمول به في الكثير من الدول، ولا يتصور أن تطول سياسة ترشيد الانفاق القطاعات الحيوية في البلاد كقطاع الخدمات الصحية والتعليم والوظائف العامة وقطاع الخدمات، فلا يمكن أن يتم تبني سياسة ضبط المصاريف تحمل تبعاتها المواطنين بشكل مباشر أو غير مباشر بسبب فشل إدارة الحكومة لملف الفوائض المالية. إن ﻏﻴﺎب اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ الحكومية اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﻤﺎﻟﻴﺔ الرشيدة، وإﺧﻔﺎﻗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻤﺴﺆوﻟﻴﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ هذا اﻟﺸﺄن ﻳﺘﺤﻤﻞ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺘﻪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺳﻤﻮ رﺋﻴﺲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻮزراء فلم تتبن حكومته أي سياسة تهدف إلى تعزيز الوضع المالي للمواطنين والنهوض بمستواهم المعيشي، بل مارس التجاهل تجاه الكثير من القضايا دون توجيه حكومته لحلها حتى أصبحت اليوم ككرة الثلج التي تزداد حجما يوماً بعد يوم. حكومة 8 سنوات ذكر الكندري في ختام صحيفة الاستجواب: مرت 8 سنوات على تولي سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح دفة رئاسة مجلس الوزراء، أعلن خلالها العجز في الميزانية العامة، وتم استنزاف الاحتياطي العام، تراجعت الكويت في جميع المؤشرات العالمية على جميع الأصعدة، غاب عن الشعب وغاب عن جلسات مجلس الأمة، حقبة لم يسجن فيها فاسد وهجر فيها المصلح، ولم تسع فيها حكومته لمصالحة وطنية يكون مدخلها العفو الشامل، ولم يدافع عن سياسة حكومته في أي قضية، لم تشهد سنوات توليه رئاسة مجلس الوزراء أي زيادة مالية في المرتبات والأجور، قاد الحكومة دون هوية واضحة، تنازل عن صلاحياته واختصاصاته لجهات أخرى تقوم بالعمل بدلاً عنه، أخفق في رسم السياسة العامة للدولة، رفض المواجهة والمحاسبة في أكثر من مناسبة، تعرضت الهوية الوطنية خلال حكوماته المتعاقبة للمساومات، خرج الشعب لساحة الإرادة بسبب سوء الأحوال المعيشية. المحور الثالث: الجنسية والهوية الوطنية حمل المحور الثالث عنوان «اخفاق رئيس مجلس الوزراء في الدفاع عن الهوية الوطنية»، وجاء في نصه: الجنسية هي علاقة بين فرد ودولة يحكمها نظام قانوني داخلي ذو صبغة تضفي من خلاله الدولة على الفرد صفة المواطن ويترتب عليها حقوق والتزامات في العلاقة بين الفرد والدولة وفي العلاقة بين الدولة والدول الأخرى. ومثلما لا يمكن أن تكون هناك دولة دون إقليم فلا يمكن لها أن تقوم دون مجموعة من الافراد يمثلون لها عنصر الشعب والأمة. وتأتي أهمية القوانين المنظمة للجنسية في كل الدول بأنها تحدد أحد أهم عناصرها وهو مفهوم الشعب وذلك بالتفريق ما بين من سينتمي لها بصفته مواطناً أو من سيكون مقيماً على إقليمها. وقنن المشرع الكويتي الجنسية الكويتية بموجب المرسوم الأميري رقم 15 لسنة 1959 والذي حدد من خلال نصوصه من يعتبر كويتياً وكيفية إثبات هذه الصفة وكيفية اكتسابها وفقدها، وبعد التطبيق العملي لهذا المرسوم أجرى المشرع الكويتي تعديلات عدة خصوصاً بعد اتساع فكرة التضييق في منح الجنسية. وتثور مسؤولية رئيس مجلس الوزراء حول ملف الهوية الوطنية والجنسية الكويتية في ما أسنده قانون الجنسية لمجلس الوزراء بحق المنح أو السحب بموجب مرسوم أميري الذي يستلزم عرضاً من ثم قراراً من مجلس الوزراء بموجب المادة 128 من الدستور. وما يرفع لمجلس الوزراء من مذكرات مقدمة من اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية بشأن منح الجنسية لبعض الأشخاص، أو بما يكلفها به بموجب قرار باتخاذ كافة الإجراءات في هذا الشأن بالاضافة إلى تنفيذ توجيهات سمو رئيس مجلس الوزراء فيما يتصل بالمسائل منح أو سحب أو وضع الأطر العملية والقانونية بحسن تنظيم منح الجنسية الكويتية لمستحقيها وفقا للقانون ومقتضيات المصلحة العامة. وتعرض ملف الجنسية خلال ترؤس سمو الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح للحكومة في أكثر من وزارة للكثير من التخبطات، تؤكد غياب السياسة العامة الواضحة حول أهم ملف وطني وأمني يعني المواطن الكويتي يستوجب على الحكومة حمايته والدفاع عنه لما تمثله الجنسية بالاضافة إلى انها رابطة قانونية للفرد بوطنه فهي معنى من معاني الولاء والانتماء. فقد شهد ملف الجنسية جولات من الابتزاز على الصعيد السياسي العلني، واستخداماً له بشكل سياسي دون الاكتراث لما آلت له قرارات مجلس الوزراء من تأثير على ثقة المواطن بالحكومة، فقد تم سحب الجنسية من مواطنين ومن ثم تمت إعادتها لهم لأسباب أعلنها الكثير من المسؤولين في الحكومة كلها ذات طابع سياسي. وأثار رئيس مجلس الأمة في جلسة 11/4/2017 أثناء النقاش حول اقتراح بقانون تعديل المحكمة الإدارية بأن «هناك زيادة عددية غير طبيعية في السكان» ثم ذكر بأن «يفترض تعداد سكاننا في 2015 م 900 ألف، إحنا مليون»، «إلي عندنا مايزيد عن 360 ألف إلى 400 ألف فوق الزيادة الطبيعية»، «أنا ما أبي أجزم، وأقول كلهم مزورين أو مو مزورين، لكن أنا أقول هذي تستوجب على كل نائب أن يطرح علامات استفهام، هل هناك تزوير؟». منذ هذا الادعاء الخطير الذي إن صح فنحن أمام كارثة بمعنى الكلمة وإن لم يصح فاننا أمام طعن وتشكيك في المواطنين، ورئيس مجلس الوزراء لم يتفوه بأي كلمة تجاه هذه القضية، ولم يتخذ أي خطوات عملية أو حتى وجه لبحث صحة هذا الادعاء كون الجنسية في الكويت لا تمنح إلا بقانون وبعد موافقات من مؤسسات أمنية، ولم يدافع عن شعبه من هذا الادعاء كونه يملك المعلومات الصحيحة. هل وجه رئيس مجلس الوزراء اللجنة العليا لتحقيق الجنسية مباشرة الإجراءات القانونية وفتح تحقيق حول ادعاء وجود زيادة غير طبيعية في أعداد المواطنين قد تصل إلى 400 ألف شخص يتمتعون بالجنسية الكويتية بكل مميزاتها؟ هل وجه رئيس مجلس الوزراء باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لمحاسبة المتسببين ومساءلتهم قانونيا وإداريا لدى ثبوت مسؤوليتهم عن هذه الأخطاء؟ هل وضع رئيس مجلس الوزراء الأطر والتوجيهات وقرر السياسات العامة للحكومة من اجل حسن تنظيم منح الجنسية والحفاظ على الهوية الوطنية؟ لا نتحدث هنا عن الحالات الفردية التي يتم كشفها من قبل مباحث الجنسية ووزارة الداخلية، فهذا شأن خاص بوزارة الداخلية، لكن قضية يتم إثارتها بهذا الحجم في مجلس الأمة وبالتحديد ومن رئيس السلطة التشريعية ومن ثم تتحول إلى قضية تشغل الرأي العام يتحرك عليها النواب بتقديم لجان للتحقيق وهذا كله يجري دون أي تحرك من رئيس مجلس الوزراء الذي يملك تحته جميع أجهزة الدولة الحكومية سواء من هيئة المعلومات المدنية أو وزارة الداخلية واللجنة العليا المعنية في هذه الشؤون بمجلس الوزراء وغيرها من الهيئات هو دليل على أن سمو رئيس مجلس الوزراء يتحمل المسؤولية السياسية عن هذا الملف. أن يستطيع ما يقارب 400 ألف شخص من تزوير الجنسية الكويتية، فهذا يعني أن الجهاز الحكومي الذي يترأسه سمو الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح أصبح خطراً على أمن الدولة واستقرارها وهويتها، ولو أن هذه المعلومات غير صحيحة فالمصيبة أعظم، فكيف يأمن المواطن الكويتي ويثق بحكومة لا تدافع عنه تجاه اتهامات تطال أهم رابطة قانونية بينه وبين وطنه وكيف للمواطنين وكيف للشعب أن يأتمن على هويته الوطنية التي تركت للطعن والتجريح والتخوين دون أن يتحرك من هو مؤتمن على حماية المواطنين وكراماتهم لنصرتهم؟! قضية تزوير الجناسي وإن كانت محلاً للجان التحقيق للبحث عن مدى صحتها من عدمه ومن ثم في حالة صحتها يجب معالجة آثارها ومحاسبة المتسببين عنها إدارياً وجنائياً لكن قبل كل ذلك لابد من محاسبة رئيس مجلس الوزراء سياسياً لاخفاقه بالتصدي لهذا الملف معرضاً المصلحة العليا للدولة للاهتزاز ومتسبباً في فقدان المواطن بثقته بالحكومة.

مشاركة :