إيمان عطية – بالتوازي مع الشظايا المتطايرة لقضايا النصب العقاري التي طالت المئات من الكويتيين، والتفاعل النيابي والحكومي معها، نشرت صحيفة بافلو نيوز تقريراً موسعاً عن ضحايا إحدى شركات الوساطة العقارية واستثماراتها في الولايات المتحدة الأميركية. وقالت الصحيفة: على بعد أكثر من 6400 ميل، كان وسيط عقاري من الكويت وشركاؤه يبحثون عن استثمارات عقارية في الولايات المتحدة، وقد وجدوا الكثير منها في مدينة بافلو، إذ قاموا بشراء أو ترتيب شراء ما لا يقل عن 160 منزلا في سوق المساكن المنخفضة الأسعار في أحياء «بلاك روك ريفرسايد» و«ساوث بافلو» و«ويست سايد» و«ايست سايد» في المدينة، وقد تم بيع جميعها تقريبا إلى كويتيين آخرين. ومضى ما يقرب من ست سنوات على بدء الوسيط العقاري عملية البحث عن منازل، ومع ذلك لا تزال أحياء «بافلو» المتعثرة تكافح مع الفوضى التي خلفها وراءه، بما في ذلك العقارات الشاغرة والمتداعية وتلك التي تم الحجز عليها. وحكمت عليه المحكمة في الكويت بالسجن 10 سنوات وغرامة 16 مليون دولار، لإدانته بتهم غسل الأموال والاحتيال على مواطنين كويتيين في مبيعات عقارات في بافالو وروتشستر وديترويت وكليفلاند وفلوريدا ونورث كارولينا. أشارت صحيفة بافلو نيوز إلى أن مشاريع الوسيط العقاري المحكوم بالسجن في «بافالو» وغيرها من المدن الأميركية، كما يظهر في وثائق المحكمة التي حصلت الصحيفة على نسخة منها، هي جزء من عملية احتيال وغسل أموال دولية تتراوح قيمتها بين 140 مليون دولار و240 مليون دولار. وقد مكن ذلك رئيس شركة وساطة عقارية من شراء سيارة «رولز رويس» بمبلغ 350 ألف دولار، وفيلا قيمتها مليون دولار، وفقا لأوراق المحكمة. وقال علي العطار محامي المستثمرين الكويتيين إن نحو ألفي مستثمر اشتروا ما يصل إلى 3 آلاف عقار، معظمها في الولايات المتحدة. الآن، وبعد أن أصبح الوسيط العقاري في السجن، يتساءل مسؤولون كويتيون ما اذا كان هناك شخص ما في الولايات المتحدة متواطئاً معه في هذا المخطط. وقد قام بعض المستثمرين الكويتيين بالاتصال بمكتب التحقيقات الفدرالي FBI، الذي لم يصرح ما اذا كان يحقق في الأمر. كما لم يتم الابلاغ عن عملية الاحتيال في الولايات المتحدة حتى الآن. نقطة البداية وقالت الصحيفة إن شركة الوسيط المسجون قامت ببيع عقارات في الكويت ولبنان ودول أخرى في المنطقة بما فيها قطر. وفي عام 2013، كما تظهر السجلات، بدأت في انشاء سلسلة من الشركات في الولايات المتحدة، ثم شراء وبيع وتداول العقارات الأميركية، التي تم الترويج لها في المعارض العقارية التي يقول المستثمرون إنها تحظى باحترام كبير في الكويت. وقال المستثمر م.م عن شركة الوسيط المسجون «كانت واحدة من أكثر الشركات العقارية التي نشرت عنها اعلانات في البلاد، وكانت اعلانات البيع فعالة ومؤثرة، وتمكنت الشركة من تحقيق عوائد مرتفعة من الترويج لعقارات استثمارية جذابة منخفضة المخاطر وصيانة محدودة في الشوارع التي تصطف على جانبيها الأشجار في بافالو وغيرها من المدن الأميركية». وقد وعد الوسيط وشركاته المستثمرين بعوائد تصل إلى %15، مع تولي شركة لادارة الممتلكات جميع الخدمات من تأجير للمستأجرين إلى القيام بالإصلاحات وجمع الايجارات، ولكن في الواقع، وكما قال مستثمرون كويتيون، فإن المنازل غالبا ما يتبين أنها في حالة سيئة للغاية، وعادة ما تكون شاغرة أو بحاجة إلى اصلاحات كبيرة، وفي أحياء متعثرة. كان بعضها مهلهلاً وخرباً منذ اليوم الذي تم بيعها فيه، في حين تدهور حال البعض الآخر بسرعة من قلة الصيانة. وكما تبين للمحكمة، فانه في بعض الأحيان كان الوسيط وشركاؤه يبيعون نفس المنزل لمستثمرين مختلفين في نفس الوقت، بل وكانوا يبيعون في بعض الأحيان المنازل التي لم تكن حتى معروضة للبيع، وان نصف المنازل التي بلغ عددها 40 التي بيعت في بافالو في يوم واحد في ديسمبر 2015 كانت شاغرة وقت بيعها، وفقا لتقرير بافالو للتفتيش على الاسكان. كما أظهرت السجلات أن شركات الوسيط المسجون قامت ببيع الكثير من المساحات الشاغرة المهملة، معظمها في ولاية فلوريدا، وكذلك في ولاية كارولينا الشمالية، للتطوير المستقبلي الذي لم يتحقق، ولم يكن أي من الأشخاص الذين قابلتهم «ذا بافالو نيوز» على دراية بأن هذا الوسيط قد شوهد في «بافالو» أو «روتشستر» من قبل. اتهامات متبادلة وقالت الصحيفة ان الوسيط المسجون نفى في المحكمة، التهم الموجهة له بالاحتيال على المستثمرين، وبدلا من ذلك ألقى باللوم على الآخرين، بما في ذلك مديرو العقارات العاملون في شركته متهما اياهم بعدم الكفاءة والنزاهة. وقال ج.هـ، أحد المشترين الكويتيين «كان المسجون يلوم شركاءه السابقين، متهما اياهم بأنهم كانوا يسرقون منه، أو الموظفين الذين يعملون في شركات ادارة الممتلكات التي تعود اليه، مدعيا أنه بسببهم لم يستطع الوفاء بالتزاماته»، كما اتهم المستثمرين الكويتيين بعدم دفع الضرائب ورسوم الصيانة المطلوبة. وقال ق.ح الذي اشترى كثيرا من أفراد عائلته منازل في روتشستر وكليفلاند ومسمر أفنيو في بافالو من شركات هذا الوسيط العقاري «لدينا ايصالات وكشوف مصرفية تثبت كذبهم». قصة إحدى الضحايا وقال ج.هـ انه دفع للوسيط العقاري مبلغ 103 آلاف دولار مقابل منزل من طابقين، مع وجود مساحة تجارية أمامية في شارع أونتاريو في حي ريفرسايد بمدينة بافالو واتضح فيما بعد أنني فعليا لم أشتر شيئا، فيما تظهر السجلات أن لا الوسيط ولا شركاته تملكا يوما العقار في شارع أونتاريو. ومع ذلك، قال ان الشركة «باعته» إلى مستثمرين منفصلين خلال عام واحد ولم يحصل أي منهما على سند ملكية. وأضاف: كنت سعيدا بالصفقة وبعد توقيع العقد بفترة وجيزة، بدأت الشركة في ارسال مدفوعات ايجار شهرية بقيمة 1350 دولارا. لكن بعد تسعة أو عشرة أشهر، لم أحصل على سند الملكية كما أن مدفوعات الايجار توقفت. وأضاف «اتصلت بالشركة في الكويت. ووعد موظفو المبيعات بالاتصال بي مرة أخرى، لكنهم لم يفعلوا». عندما بدأ ج.هـ في طرح الأسئلة، سمع عن مستثمرين آخرين لم يعودوا يتلقون ايجارات منازلهم. وقال أنه علم بعد ذلك أن مستثمرا كويتيا آخر دفع للشركة 84 ألف دولار في عام 2014 مقابل نفس العقار الواقع في شارع أونتاريو الذي أشتراه له بعد ثمانية أشهر. عندها علم أنه تعرض للاحتيال والخداع. وقال المستثمر ان مدفوعات «الايجار» التي تلقاها لم تكن مدفوعات ايجار، بل على الأرجح، هي بعض أموالي التي دفعتها وتم سداد جزء منها كمدفوعات ايجار وهمية لإعطاء انطباع خاطئ للمشترين المحتملين الآخرين بأن الاستثمار كان مجديا. كيف يعمل؟ قالت الصحيفة: عند دخولها سوق العقارات في الولايات المتحدة لأول مرة، عملت شركة الوسيط المسجون في المقام الأول كوسيط عقاري، للعثور على مشترين كويتيين للمنازل التي يتم بيعها من قبل الآخرين، ثم تقوم بتحويل تلك المنازل لشركات ادارة الممتلكات، التي أنشأها في عدة مدن. وتم بيع حوالي 80 منزلا في بافالو بهذه الطريقة، بما في ذلك 65 منزلا مملوكا لشركة «غليبوفا ريالتي» غروب التابعة لبلدة توناواندا، حسبما اكتشفت ذا نيوز. وأضافت: شركة غليبوفا لم تعد في السوق، وأقر صاحبها بأنه مذنب في أغسطس الماضي بتهمة التهرب الضريبي، وحكم عليه في أواخر شهر مارس بالسجن لمدة 21 شهرا في سجن فدرالي، لكن محامية يؤكد انه لم يوجه لموكله أي اتهام فيما يتعلق بعمليات شركة الوسيط المسجون، مضيفا: ولا يعرف ما اذا كانت مبيعاتها من بين حالات التهرب الضريبي المتهم به وكيله. وقال جون ناكا، المالك الشريك لشركة وودمول، انه تم بيع حوالي 100 منزل تملكها شركته باستخدام شركات الوسيط المسجون حالياً في من الكويت، وأن شركة وودمول قامت بإصلاحها وتأجيرها جميعا تقريبا قبل بيعها، وبحلول بداية عام 2015، في الوقت نفسه الذي كانت فيه وودمول على استعداد لقطع علاقاتها مع عمليات الوسيط المسجون في الكويت حالياً، قال ناكا، بدأت شركاته في شراء وبيع عقارات روتشستر بمفردها، متجاوزة وودمول، تماما كما كانت تتخطى غليبوفا. ووجدت «ذا نيوز» أن الوسيط المسجون مسجل شخصياً على أنه اشترى مباشرة حوالي 80 من عقارات بافلو، جميعها تقريبا في عام 2015 وأوائل عام 2016، وتم اعادة بيع معظمها إلى كويتيين آخرين.. وفي روتشستر، حددت الصحيفة حوالي 120 منزلا تم شراؤها مباشرة من قبل الوسيط المسجون أو شركاته، ثم تم بيعها إلى كويتيين آخرين. تلاشي مدفوعات الضريبة بعد شراء المنازل، اكتشف بعض المستثمرين الكويتيين أن منازلهم قد تم الحجز عليها، بل وحتى بيعها في مزاد علني، دون علمهم، على حد قول المحامي العطار. هذا ما حدث لـ م.م، 34 عاما، المتخصص في الاعلانات والتسويق، الذي اشترى منزلاً في يناير 2014 مقابل حوالي 65 ألف دولار. وقال الضحية انه اشترى المنزل الواقع في 119 شارع ويندي، بعد مشاهدة صور عرضتها شركة الوساطة لمنزل تم صيانته جيدا في شارع تصطف على جانبيه الأشجار. تم تجديد المنزل وتأجيره، وسيحقق دخلا صافيا حوالي 10 آلاف دولار سنويا، وفقا لما تدعيه الوثائق التي قدمتها الشركة. كما هي الحال مع المستثمرين الآخرين، ظن م.م أن الأمور تسير على ما يرام إلى أن توقفت ايرادات الايجار فجأة لمدة عام تقريبا. وقال انه تم ابلاغه بمغادرة المستأجرين. واتصل بفريق آخر لإدارة الممتلكات في بافلو، الذي قام بزيارة عقار ويندي ستريت، ووجد أنه قد أصيب بأضرار بالغة، وكان شاغرا لفترة طويلة. لم يعد م.م متأكدا من أن الصور التي عرضتها عليه شركة الوسيط المسجون في البداية كانت للمنزل الذي اشتراه، فقرر بيع العقار، لكنه علم أن المدينة قامت بحجز وبيع منزله في مزاد ضريبي في أكتوبر 2016. وقال م.م انه كان يدفع الضرائب، مما يزيد على ألف دولار سنوياً، إلى الشركة في الكويت، بهدف توجيه تلك المدفوعات إلى بافالو وايري كاونتي. لكن السجلات تظهر أنه لم يتم دفع الضرائب والرسوم، وكانت هناك متأخرات تزيد على 3 آلاف دولار على مدى ثلاث سنوات، مما أدى إلى الحجز على المنزل في عام 2016، الذي قال م.م انه وقع دون علمه. كما كانت الحال مع منازل صاحب شركة الوساطة المسجون، إذ تظهر السجلات أن انذارات الحجز وفواتير الضرائب كانت ترسل إلى شركاته في الولايات المتحدة والكويت، وليس إلى م.م. انكشاف المخطط أصبح المسؤولون في بافلو على دراية بشركة الوسيط المسجون في عام 2015، عندما جذبت مشترياتها العديدة انتباه مكتب تقييم الضرائب في المدينة، الذي أبلغ دائرة التفتيش على المباني في المدينة. بحلول العام نفسه، كانت المدينة قد بدأت الحجز على ممتلكاتها، وتقديم دعاوى بوقوع انتهاكات للقانون، وتثبيت الألواح على نوافذ الممتلكات الشاغرة والمهجورة، وتركيب الأبواب لها لحمايتها من العواصف والمخربين واللصوص. وعند الضرورة، الحصول على أوامر من المحكمة لهدمها. في أوائل عام 2017، قدمت مجموعة من الكويتيين شكوى إلى القضاء الكويتي، مما أدى إلى اجراء تحقيق أدى إلى توجيه تهم ضد الوسيط العقاري وستة آخرين، وفي العام التالي، قدم بعض الكويتيين شكوى إلى مكتب التحقيقات الفدرالي FBI. وتناولت الشكاوى الأولى المقدمة إلى السلطات الكويتية المستثمرين الذين تلقوا أعذارا متضاربة حول سبب توقف الايجارات فجأة. قائلين ان رئيس الشركة ألقى باللوم على شركة لادارة العقارات، التي أخبرت بعض الكويتيين أن المستأجرين قد غادروها، فيما قالت للبعض الآخر أن المنازل لم تحقق ما يكفي من المال لصيانة الممتلكات بشكل صحيح، وأخبرت آخرين أن الرجل كان يتسلم الايجارات ولم يوزعها. وفقا لأوراق المحكمة حقق صاحب الشركة أرباحا من عملياته، التي قالت ان بعض الأموال من مبيعات العقارات انتهى بها الأمر في حساباته الشخصية وتم استثمارها في أعمال تجارية في لندن أو نقلها إلى أفراد الأسرة في لبنان. عودة إلى {بافلو} مع ادانته في ديسمبر 2018 من قبل محكمة استئناف كويتية، بقي صاحب الشركة في السجن. ويواصل المستثمرون الكويتيون دفع حكومتهم للمساعدة في استرداد أموالهم المفقودة. وقالت الصحيفة: من الصعب معرفة مقدار الأموال التي حققها المسجون وشركاته من المنزل الواحد. اذ دفع، في المتوسط، 35500 دولار لكل منزل في بافالو. عند البيع للمستثمرين الكويتيين، بلغ متوسط سعر البيع المسجل 42500 دولار. لكن الكويتيين أخبروا «ذا نيوز» أن مبالغ الشراء التي دفعوها تجاوزت أسعار البيع المسجلة وقالوا انهم دفعوا ما يصل إلى 100 ألف دولار لشركات المسجون، وأحيانا أكثر من ضعف المبالغ المسجلة كسعر بيع في مستندات العقارات. استثمارات الكويتيين تعيش فيها الفئران الآن أعرب مسؤولون في بافالو عن تعاطفهم مع الكويتيين الذين يقولون انهم تعرضوا للخداع من قبل الوسيط العقاري المسجون، لكنهم قالوا ان همهم الأكبر هو الأحياء الموجودة فيها تلك المنازل المهجورة، التي تعيش فيها الفئران والقطط الضالة الآن، وتدهورت حالتها إلى درجة الهدم. ويقع البعض منها في أحياء تعمل سلطة المدينة ومستثمرون آخرون على اعادة احيائها. «مخطط بونزي»استخدام أموال البيع في دفع إيجارات لمستثمرين آخرين خلصت المحكمة في الكويت إلى أن الرجل كان يدير مخطط بونزي، حيث كان يبيع لكويتيين منازل لم تكن مؤهلة للتأجير، ثم استخدام أموالهم في دفع ايجارات زائفة لمستثمرين آخرين للحفاظ على ظهور استثمارات صحية لتوليد مبيعات في المستقبل، وفقا لما جاء في أوراق المحكمة ومحامي المستثمرين الكويتيين. وورد في أوراق المحكمة أيضا تفاصيل تسع شركات مختلفة أسسها الوسيط المسجون في الولايات المتحدة، بالاضافة إلى حسابات مصرفية فتحها هو وشركاته في الكويت لتصعيب عملية تتبع مصير الأموال. وأدين في أبريل 2018 بتهمة الاحتيال وغسل الأموال. كما أدين ستة من شركائه، بمن فيهم زوجته، بالاحتيال وحكم على كل منهم بالسجن ثلاث سنوات.
مشاركة :