طوكيو – الوكالات: اختتم إمبراطور اليابان أكيهيتو أمس مراسم التنحي، متخليًا بعد ثلاثين عامًا في الحكم عن عرش الأقحوان لصالح ابنه البكر ناروهيتو، وهو التنحي الأول في اليابان منذ أكثر من قرنين. لكن أكيهيتو بقي إمبراطورًا حتى منتصف الليل، لحظة دخول البلاد في عهد أطلق عليه اسم «رايوا» (تناغم جميل) الذي يُفترض أن يمتدّ طوال مدة حكم ناروهيتو. وأقيم الموكب الذي لم تتجاوز مدّته العشر دقائق، بدايةً من الساعة 17:00 بالتوقيت المحلي (08:00 ت غ) في أجمل قاعة من القصر الإمبراطوري «ماتسو-نو-ما» (قاعة الصنوبر). وألقى أكيهيتو خطابًا قصيرًا قال فيه «أعبّر من عمق قلبي عن امتناني لشعب اليابان الذي قبلني كرمز للدولة ودعمني»، مكررًا بذلك تعريف دوره الوارد في الدستور المطبق منذ عام 1947 والذي فقد الإمبراطور بموجبه موقعه شبه المقدس. وفي الصباح، «أعلن» الإمبراطور تنحيه لأسلافه ولآلهة الديانة الشنتوية في مواقع مقدسة من القصر الإمبراطوري. وكان أكيهيتو يرتدي جلبابًا حريريًا ضخمًا لونه بني مائل إلى ذهبي مخصصًا للحاكم وحده، ويعتمر قبعة مرتفعة سوداء اللون. أمام هذا القصر المحمي جدًا والواقع في مكان مرتفع في وسط طوكيو، لم يكن هناك حشود في هذا اليوم الممطر بل سياح ويابانيون تتنازعهم مشاعر التأثر والحماسة في آن معًا لفكرة تغيير العهد. وأعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وهو من بين قادة العالم الأوائل الذين أرسلوا رسائل إلى أكيهيتو، عن «تقديره الخالص» للثنائي الإمبراطوري، مؤكدا «العلاقة القريبة» التي تربط الولايات المتحدة واليابان. وفُرضت تدابير أمنية استثنائية، إذ إن الأسبوع الماضي تعرّض نجل الإمبراطور الأصغر الأمير هيساهيتو لحادث اعتُبر تهديدًا. فقد عُثر على سكينين على مقعده المدرسي. وأوقف رجل يبلغ من العمر 56 عامًا على خلفية الحادث. ومن المقرر تنظيم عدّ تنازلي في أماكن مختلفة وملاه ليلية وساحات محطات القطار ومعابد شنتوية، وهي ديانة تحكم بشكل جزئي الطقوس الإمبراطورية. إلا أن مجموعة الأحداث المرتبطة بهذا التغيير تمتدّ إلى أشهر وثمة محطة بارزة في الخريف عندما سيتمّ استقبال رؤساء دول وشخصيات كثيرة. وفيما كانت الخلافة الإمبراطورية تحصل منذ مائتي عام لدى وفاة الإمبراطور الحاكم وذلك لصالح ولي عهده، يستند الانتقال في الحكم من أكيهيتو إلى ناروهيتو إلى قانون استثنائي وضع خصيصا لأكيهيتو. وكان أكيهيتو قد عبّر في أغسطس 2016 عن رغبته في التخلي عن مهامه التي لن يتمكن من تأديتها «على أكمل وجه» بسبب سنّه (هو يبلغ اليوم 85 عاما) وتراجع وضعه الصحي. وقام أكيهيتو وزوجته ميشيكو في الأسابيع الأخيرة بحجّهم الأخير في أنحاء البلاد التي كانا جاباها طوال ثلاثين عامًا، وخصوصًا من أجل تهدئة المنكوبين بعد الكوارث الطبيعية الكثيرة التي حصلت خلال عهدهما. ويحظى الامبراطور وزوجته باحترام كبير في اليابان بسبب العلاقة القريبة التي نجح في إقامتها مع المواطنين. وتحظى الامبراطورة ميشيكو بـ«شعبية كبيرة حقيقية»، كما «نجح الامبراطور في نيل محبة شعبه من خلال مصافحة اليابانيين على سبيل المثال»، كما يقول الأستاذ في جامعة ناغويا هيديا كوانيشي.
مشاركة :