اتهمت «قوى الحرية والتغيير»، أمس، المجلس العسكري الانتقالي في السودان بمحاولة دفع المعارضة إلى «حرب» إعلامية، فيما وصف المجلس العسكري قوى «التغيير» بعدم المصداقية. وقال أمجد فريد، الناطق باسم قوى الحرية والتغيير، لـ«الاتحاد»: إن المجلس العسكري يسعى لدفعهم إلى حرب إعلامية، يريد من خلالها تجنب مناقشة القضايا الرئيسية. وقال أمجد: «لدينا معلومات كثيرة يمكن كشفها للإعلام ولكنها تضر ولا تفيد»، مضيفاً أنه تم السكوت عن تفاصيل في محاولة للوصول إلى حلول ولمصلحة إنجاح المباحثات والمفاوضات مع المجلس العسكري، مشيراً إلى أن تبادل الاتهامات في الإعلام بين المجلس العسكري الانتقالي و«قوى الحرية والتغيير» ليس في مصلحة أحد. في المقابل، قال مصدر قريب من المجلس العسكري الانتقالي لـ«الاتحاد»: إن المجلس رصد حملة إعلامية منظمة لتشويه مواقفه وإظهاره بأنه يسعى للاحتفاظ بالسلطة، واتهام أعضائه بأنهم يعملون من أجل مصالحهم الشخصية، مشيراً إلى حملات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تستهدف بالأساس أعضاء المجلس العسكري الانتقالي. وذكر سياسيون لـ«الاتحاد»: أن ظاهرة تبادل الاتهامات في الإعلام بين أطراف التفاوض أمر معتاد، وكل طرف يسعى لكي يفوز بتعاطف الجماهير في الشارع لجهة أن مواقف الجماهير تتسبب بضغط على المفاوضين مع أو ضد. ولكن الخبراء حذروا من أن استمرار «الحرب الإعلامية» يمكن أن يتحول إلى خلاف حقيقي له آثار مباشرة على التفاوض على مستقبل التسوية السياسية في السودان. وقال الرشيد سعيد، الصحفي والمستشار الإعلامي لقوى إعلان الحرية والتغيير، لـ«الاتحاد»: نحن لا نرغب في مجاراة الحرب الإعلامية التي انطلقت مؤخراً، مضيفاً: «نعمل على أن يكون تركيزنا على حل المشاكل والخلافات ولن نهتم بهذه المعارك». واتهم محمد حمدان دقلو، نائب رئيس المجلس العسكري، ممثلي قوى إعلان الحرية والتغيير بعدم الصدق والجدية، وقال: «جماعة التغيير غير صادقين اتفقنا معهم على نقاط محددة خلال الاجتماع، وفي المساء فوجئنا بموقف جديد وهذه عدم جدية». ويعني حمدان الاتفاق على فتح الكباري، والسماح للقطار بالمرور، وإزالة المتاريس من قبل المحتجين، كما أشار إلى أن وفد التغيير وافق على ذلك وهذا ما نفاه وفد التغيير. وانتقد أمجد فريد تصريحات نائب رئيس المجلس العسكري بخصوص السماح للقطار بالمرور، قائلاً: «هَذَا الكلام للإعلام لأننا منذ يوم 26 أبريل اتفقنا على السماح بمرور القطار وأصدرنا بياناً بذلك، فما هي دواعي إخراجها، كأنها انتصار للمجلس العسكري واهتمام منه بحياة الناس». ويسد المحتجون السودانيون عدداً من الكباري والطرق المؤدية إلى ساحة الاعتصام، بجانب إغلاق السكة الحديدية التي تقع وسط ميدان الاعتصام. وطلب المجلس العسكري من قوى التغيير السماح بمرور القطار حتى يتم نقل المواد التموينية إلى الولايات البعيدة في السودان، إلا أن المحتجين رفضوا تنفيذ الطلب واعتبروه محاولة لفض الاعتصام. إلى ذلك، قالت مصادر من المجلس العسكري الانتقالي في السودان لـ«الاتحاد»: إن الدستور الانتقالي المقترح من قبل إعلان الحرية والتغيير عمل على تقليص وتقليل صلاحيات المجلس السيادي، وحصرها في مهام إشرافية وسيادية، بينما أوكلت الأعمال التنفيذية بصلاحيات واسعة لمجلس الوزراء وأسند التشريعي للبرلمان الانتقالي. وتمسك المجلس العسكري بتشكيل المجلس السيادي الانتقالي من 7 عسكريين و3 مدنيين إضافةً إلى رئيس عسكري، بينما ترى قوى التغيير أن يتشكل المجلس من 8 مدنيين و7 عسكريين من بينهم رئيس المجلس. وقالت مصادر: إن قوى التغيير ستقدم الدستور الانتقالي الذي اتفقت عليه، وسيضمن فيه فقرة بخصوص المجلس السيادي المختلط، وتخوفت من أن يتسبب ذلك في أزمة جديدة، وترجح المصادر أن يتسبب تقليص الصلاحيات في خلاف جديد بين الجانبين. إلى ذلك، تعالت أصوات العقلاء في السودان بالدعوة إلى التهدئة بعد ليلة ساخنة قضتها الخرطوم تحت لهيب الشائعات والأخبار المتناقضة، بشأن فض الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش بالخرطوم، عقب الاجتماع الذي تباينت حوله التصريحات بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير. وقال صديق الصادق المهدى، الناشط في صفوف قوى التغيير، لـ«الاتحاد»: «هناك تحديات ضخمة، وفي الوقت ذاته، فرص كبيرة، وأى خلافات تؤدي إلى صدام ستكون نكسة كبيرة بالنسبة للثورة والسودان كله». وأضاف صديق المهدى: «الخطأ كان متبادلاً من الجانبين، حيث من المفروض أن يتمتع المجلس العسكري بالمرونة، وأن تكون قوى الحرية والتغيير أكثر مرونة». ويرى أنه، رغم الساعات العصيبة الماضية، ستمضى الأمور قدماً بين الجانبين، وكلاهما يدرك أن أي مواجهة ستخلق فراغاً، يؤدي إلى مشاكل لا تحمد عقباها، وأن التوافق ضروري من أجل استقرار الأوضاع، فالمجلس يحتاج إلى قوى الحرية والتغيير في ترتيب الأوضاع وفك الاعتصام ومواجهة الضغوط الدولية. ويضيف: «الجانبان يحتاج بعضهما البعض، وهما شريكان في عملية التحول التي تمت بشراكة بين الجيش والثوار، وعبور هذه المرحلة بأمان مرهون باستمرار هذه الشراكة، والتعامل بحكمة مع القضايا الخلافية». أما صديق الهندي، رئيس الحزب الوطني الاتحادي الموحد، فيقول لـ«الاتحاد»: إن حديث نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو (حميدتي) كانت به جوانب إيجابية، وساهم في تخفيف التوتر والشكوك وعدم الثقة الذي ساد الليلة قبل الماضية، بعد حدوث لبس أو سوء فهم بأن المجلس العسكري يعتزم فض الاعتصام بالقوة، عقب خلاف بين الطرفين بشأن تركيبة المجلس السيادي الذي سيقود المرحلة الانتقالية. وأضاف الهندي أن قبول استقالة 3 من أعضاء المجلس العسكري هو أمر إيجابي آخر تجب الإشارة إليها. وحذر الهندي من مغبة إطالة أمد التفاوض وتضييع الوقت، الأمر الذي يعطي الفرصة لتحرك القوى المضادة للثورة، على حسب تعبيره. وكان أكد نائب رئيس المجلس العسكري في وقت سابق، أمس، «التزام المجلس بالتفاوض مع رفض أي فوضى». وقال إن: «وفد قوى الحرية والتغيير قفز إلى مطالب غير متفق عليها»، موضحاً أن «مواقف وفد قوى الحرية والتغيير لم تتسم بالصدق». وخصص المجلس العسكري مؤتمراً صحفياً، الثلاثاء، لتوضيح ما جرى في جولات الحوار مع قوى التغيير. وأكد حمدان أن «قوى الحرية والتغيير في السودان تمنع ناشطين من اعتلاء منصة الاعتصام». وشدد على رفض المجلس الانتقالي «قبول أي فوضى»، مشيراً إلى أنه «هناك من يحاول إثارة الفتنة». وأوضح أعضاء من المجلس الانتقالي السوداني أنه «استجاب للمطالب بتشكيل حكومة كفاءات وطنية». وكشف المجلس أنه يريد «الانتقال بالثورة من مرحلة الانتصار إلى بناء الدولة». وتعهد بعرض «رؤية قوى التغيير على القوى الأخرى». وتواصل القوى المعارضة والقوى الشعبية اعتصاماتها منذ الإطاحة بالبشير للمطالبة بنقل السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة. وأعلن المجلس أنه طالب «قوى التغيير بفتح الكباري والطرق». وذكر أنه يريد «التفاوض مع وفد موحد ومفوض من قوى الحرية والتغيير». وأفاد أنه يسعى إلى «فرض هيبة الدولة في الشارع، وسيواصل العمل على حفظ الأمن». وأوضح المجلس العسكري أنه «لن يقبل باستمرار إغلاق الطرقات وتعطيل حياة الناس»، وأن «من مصلحة الشعب السوداني فتح الطرقات والجامعات». وأشار إلى «وجود حركات مسلحة بين صفوف المتظاهرين». وقال المجلس، إنه «ليس جزءاً من النظام السابق»، مؤكداً أنه «جزء من الحراك الشعبي، والشباب جزء منا». وأضاف: «لدينا واجب أخلاقي تجاه الشعب السوداني ونقله لدولة ديمقراطية». وذكر المجلس أنه «جاهز لأي زمن يستغرقه التفاوض». وتعهد بأنه «لن يمارس أي انتهاكات ضد المتظاهرين».
مشاركة :