حذّر زعيم حزب الأمة السوداني المعارض الأربعاء، قادة الاحتجاجات من استفزاز أعضاء المجلس العسكري الانتقالي الحاكم، وقال إنهم سيسلّمون السلطة قريبا إلى إدارة مدنية كما يطالب المتظاهرون. وتأتي تحذيرات المهدي قبل ساعات من مظاهرة “مليونية” دعا إليها “تجمع المهنيين” الذي يتبنّى وجهة نظر متشددة حيال الحل في السودان، وهو تسليم السلطة فورا للمدنيين. وصرّح الصادق المهدي “يجب أن لا نستفز المجلس العسكري بمحاولة حرمانه من شرعيته، أو حرمانه من دوره الإيجابي في الثورة”. وأضاف السياسي المخضرم “يجب ألاّ نتحداهم بطريقة تجبرهم على إثبات نفسهم بطريقة مختلفة”. وفي عام 1989 أطاح الرئيس المخلوع عمر البشير بحكومة المهدي المنتخبة في انقلاب بدعم من الإسلاميين. ومذاك، يحارب المهدي البشير سياسيّا، وفي يناير الماضي ألقى المهدي الذي يرأس أيضا تحالف نداء السودان بثقله وراء الحركة الاحتجاجية التي أدت في النهاية إلى اتخاذ الجيش قرارا بإزاحة البشير عن سدة الحكم في 11 أبريل. وهناك اختلاف داخل قادة الحراك حول الدور الذي يجب أن يلعبه الجيش في المرحلة الانتقالية، ففيما يرى شق أنّ الوضع يستوجب أن تكون المؤسسة العسكرية فاعلة في هذا المرحلة الحساسة، في المقابل هناك شق راديكالي يمثّله تجمّع المهنيين وبعض القوى الحزبية يطالب بأن يتسلم هو السلطة. وقد أبدى الجيش في الأيام الماضية مرونة في التعاطي مع قادة الحراك الممثلين في قوى الحرية والتغيير، وتمّ التوصل إلى اتفاق بشأن تشكيل مجلس سيادي مشترك، إلا أنه سرعان ما حصلت انتكاسة محورها نسب مشاركة العسكريين والمدنيين داخل المجلس المنتظر، حيث أن كل طرف يريد أن تكون له الكلمة الفصل. وقرّر تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير الأربعاء وقف المحادثات مع المجلس العسكري الذي يضم 10 ضباط ويرأسه الفريق أول عبدالفتاح البرهان، في خطوة بأن الشق الراديكالي هو المهيمن، ويرى متابعون أن تصريحات المهدي هي بمثابة صيحة تحذيرية لهذا الشق، الذي يبدو أنه يغلّب المنطق التصادمي على المفاوضات. وفي خطوة وُصفت بالخطيرة، دعا قادة الاحتجاجات إلى “موكب مليوني” الخميس. ويرغب المجلس العسكري في تشكيل مجلس مدني عسكري مشترك من عشرة أعضاء بينهم سبعة ممثلين عن الجيش وثلاثة مدنيين.إلا أن قادة التظاهرات يرغبون في أن يتألف المجلس المشترك من 15 عضوا، غالبيتهم من المدنيين مع سبعة ممثلين عن الجيش. وصرّح المهدي “أعتقد أن هناك بعض المؤشرات إلى أن بعض أعضاء المجلس استفزتهم بعض التصريحات من المعارضة التي يبدو أنها قللت من دورهم”. وأضاف “إذا استفزينا القوات المسلحة التي أسهمت في التغيير، فإننا نبحث عن المشاكل”. وأعرب المهدي عن تفاؤله بأن الجيش سينقل السلطة إلى المدنيين. وأضاف من منزله في أم درمان، الواقعة على ضفة نهر النيل المواجهة للخرطوم “سينقلون السلطة التنفيذية إلى حكومة مدنية، إذا قدمنا حكومة مدنية موثوقة وقابلة للحياة”. وقال إن ذلك “يعود إلى أنهم يعلمون أنهم إذا اختاروا في النهاية الدكتاتورية العسكرية فسيصبحون في نفس وضع البشير”. ويرى مراقبون أن عملية ليّ الذراع التي يمارسها البعض من المدنيين قد تدخل البلاد في أتون فوضى تنتظرها المنظومة القديمة لإعادة الانقضاض على السلطة. وفي وقت سابق قالت الإمارات، إن “الدول العربية تدعم انتقالا منظما ومستقرا في السودان”، مشددة أنه “لا حاجة لمزيد من الفوضى”. وغرّد وزير الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، عبر حسابه على تويتر، قائلا “من المشروع تماما أن تدعم الدول العربية انتقالا منظما ومستقرا في السودان”.وأوضح أن هذا الانتقال يوازن بين تطلعات الشعب وكذلك الاستقرار المؤسسي. وربط بين ما يحدث في السودان ومخاوف من فوضى جديدة، حيث حذّر قائلا “شهدنا فوضى شاملة في المنطقة، ومن المنطقي ألاّ نحتاج إلى المزيد منها”. وكانت الإمارات والسعودية أول من أعلن دعمهما للتغيير الذي جرى في السودان، وأقرّ الطرفان حزمة من المساعدات للشعب السوداني وآخرها تقديم الإمارات 250 مليون دولار كوديعة في البنك المركزي لهذا البلد الذي يعاني من أزمة اقتصادية حادة، من مظاهرها نقص السيولة وارتفاع معدلات التضخم، وشح المواد الأساسية. وانطلقت الاحتجاجات في 19 ديسمبر ضدّ قرار الحكومة زيادة سعر الخبز ثلاثة أضعاف. إلا أنّها سرعان ما تحوّلت إلى احتجاجات ضدّ البشير الذي أطاح به الجيش وتم توقيفه.
مشاركة :