في إشارة واضحة إلى تضعضع حزب العدالة والتنمية وتفاقم الانقسامات في صفوفه شن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هجوماً شديداً على أبرز زملائه السابقين الذين شاركوا في تاسيس الحزب قبل 17 عاماً وشغلوا مناصب مهمة في الدولة قبل أن يختفوا من المسرح بسبب ديكتاتورية أردوغان واستعلائه ونزعته للسيطرة. وجاء هجوم أردوغان على رفاقه القدامى الذين وصفهم بالانتهازيين بسبب الانتقادات التي أعقبت فشل الحزب في الانتخابات البلدية الأخيرة وخسارته في كبرى المدن التركية أنقرة وإسطنبول وأزمير. وجاءت تهديدات أردوغان لرفاقه القدامى خلال مشاركته في أعمال المؤتمر التقييمي الثامن والعشرين لحزب العدالة والتنمية الحاكم الذي اختتم الأحد الماضي بضواحي العاصمة أنقرة. وعدها مراقبون اعترافاً، للمرة الأولى من جانب أردوغان، بالانقسامات التي تضرب حزبه منذ ما يقرب من 5 سنوات، والتي وصلت ذروتها بعد حالة الضعف التي كشفت عنها نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة، حيث قال إن حزبه لن ينحني لما وصفه بـ «السهام السامة للانتهازيين»، فيما اعتبر إشارة إلى رفاقه السابقين عبد الله غل وأحمد داود أوغلو، ونائب رئيس الوزراء الأسبق الذي شغل حقيبتي الاقتصاد والخارجية على باباجان، الذين يتردد أنهم بدأوا مساعيهم لتأسيس حزب سياسي جديد قد يقضي على مستقبل «العدالة والتنمية». وكان داود أوغلو، الذي لا يزال نائباً بالبرلمان عن الحزب، قد أصدر بياناً ألقى فيه باللوم على تغيير سياسة الحزب، والتحالف مع حزب الحركة القومية، في «انتكاسة» الحزب. وعرج على ممارسات أردوغان، ومحاولات سحقه لأي منافس، والحرص على الظهور الدائم عبر وسائل الإعلام التي قام بتطويعها له برسائل وشعارات أفقدت الناس الثقة في الحزب ومصداقيته. وانتقد أوغلو المماطلة في تسليم رئاسة البلديات لمرشحي المعارضة الفائزين، والتشكيك في نتائج الانتخابات، قائلاً إن ذلك أدى إلى مزيد من تشويه صورة الحزب، باعتباره لا يحترم إرادة الناخبين. لكن أردوغان قال إننا «سنواصل معركتنا القانونية حتى النهاية. من المؤكد أن هناك عملية احتيال. علينا أن نحل هذه القضية حتى يتحقق السلم في المجتمع». وندد رئيس الوزراء الأسبق بسياسات الحزب الاقتصادية، والقيود التي يفرضها على وسائل الإعلام، والضرر الذي قال إنه لحق بالفصل بين السلطات والمؤسسات. وكان الرئيس السابق عبد الله غل سباقاً في انتقاد سياسات أردوغان، في بيان قبل أيام، جاء فيه: «منذ 70 عاماً تقريباً، لم تكن الانتخابات سبباً لإثارة الجدل والاحتقان، إلا أننا لاحظنا في الفترة الأخيرة أن الانتخابات ونتائجها أصبحت محطّ الشبهات، وسبباً للاحتقان السياسي في البلاد. وهذا الوضع يُلحق الضرر بسمعة تركيا في الخارج، وفي الداخل، ومن المؤسف أن نرى أن حالة الاحتقان أصبحت أكثر حدّة في الانتخابات المحلية الأخيرة». وخلال الأشهر الأخيرة، كشفت شخصيات مقربة من غل وداود أوغلو عزمهما على تأسيس حزب جديد، ومواصلة انتقادات ممارسات أردوغان وحكومته، في الوقت الذي بدأ فيه داود أوغلو تكثيف تحركاته ولقاءاته مع قطاعات وشرائح مختلفة من المجتمع التركي. وتعرض داود أوغلو، لحملة هجوم من أعضاء في الحزب الحاكم وكتاب الصحف الموالية لأردوغان، ما دفع المستشار الإعلامي السابق لأردوغان عندما كان رئيساً للوزراء، عاكف بيكي، إلى مهاجمة أعضاء حزب العدالة والتنمية الذين هاجموا داود أوغلو، ووصفهم بأنهم «طيور تهيم حول الغنائم».
مشاركة :