كيف أثرت وسائل التواصل الاجتماعي على سلوك المستهلكين؟

  • 5/3/2019
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

يتزايد تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على حياتنا اليومية ليبدو أن الواقع الافتراضي أصبح مختلطًا، وبشدة مع حياتنا العادية، وأحد أبرز أشكال تأثير الـ”سوشيال ميديا” هي سلوكياتنا وقراراتنا كمستهلكين.ويقدر بحث لجامعة “توركو” الفنلندية للعلوم التطبيقية أن 78% من المستهلكين يتأثرون “بشدة”  في توجهاتهم الاستهلاكية بما يتعرضون له على السوشيال ميديا، وليس من خلال الإعلانات فحسب بل من خلال متابعة حسابات الأصدقاء أو المجموعات (الجروبات) غير الإعلانية.ملاحظة وتعرضعلى سبيل المثال فإن 66 % من المستخدمين قد يلاحظون “ماركة” بعض أنواع السيارات أو الملابس أو غيرهما من المنتجات التي تظهر مع الشخص في صوره على “فيسبوك” أو “انستجرام” ، وذلك بالطبع يختلف وفقًا لاهتمامات كل شخص.وبناء على تلك “الملاحظة” يبدأ اهتمام شخص بسلعة معينة أو يزداد، بأن يهتم بمعرفة تفاصيل عن تلك السلعة مثلًا أو يتخذ قرارًا ينقله من مرحلة الاهتمام فحسب، قبل رؤية هذه الصورة، إلى مرحلة اتخاذ قرار بالشراء، ولبعض المستهلكين لا يكون الانتقال بين المرحلتين سهلًا.وهناك حقيقة تتعلق بالإعلان على وسائل التواصل الاجتماعي تجعلها أكثر تأثيرًا، وهي أن المستخدم يفتح مواقع التواصل لـ”يتلقى كل شيء”، فبناء على الخبرة المسبقة هو يعلم أنه سيتلقى إعلانات وصور وفيديوهات وكلمات، وبالتالي يكون احتمال تقبله للإعلانات أكبر.ولذلك ووفقًا لدورية “أويبنيون إن سيكولوجي” فإن احتمال تلقي نفس الشخص لإعلان عبر “سوشيال ميديا” تفوق 70% عن احتمال تلقيه للإعلان نفسه عن طريق التلفزيون، وتفوق الضعف عن احتمال تلقيه عبر الصحافة التقليدية، بينما يصعب قياس احتمال التلقي في إعلانات الشوارع لوجود عوامل كثيرة تحكمها.قرارات “غير مدروسة”وتكشف دراسة لـ”هارفارد” أن 59% من مستخدمي السوشيال ميديا يقومون بعمليات شراء “غير مخطط لها” بناء على ما يشاهدونه عليها، وبناء على ذلك يصبح “العرض” على شبكات التواصل الاجتماعي أهم بكثير بالنسبة للشركات عنه على باقي الوسائل الإعلانية.وتضيف الدراسة أن 61.5% من مستخدمي السوشيال ميديا يلجؤون للأصدقاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو لصفحات متخصصة من أجل معرفة تقييم سلعة يرغبون بشرائها، ويعتبرونها “مرجعية” لهم ويتقيدون باختيارات بعض الصفحات أو المشاهير.ولعل ذلك يوضح سبب اعتماد الشركات التي تقدم الأكل الصحي أو الملابس الرياضية مع لاعبي الرياضات المختلفة في الإعلان عبر صفحاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، تحقيقًا لفكرة “المرجعية” التي تجعل المتلقي أكثر “قابلية” لاتخاذ قرار الشراء بناء على ما يعرض له من إعلانات.وتشير دراسة لجامعة “كوسوفو” إلى أن السوشيال ميديا تتميز بقدرتها على توجيه قرار الشراء في مختلف مراحله، حيث يقول 37% من المستهلكين إنهم أدركوا وجود “حاجة” لشراء سلعة أو الحصول على خدمة من خلال تصفحهم للإنترنت، بل ويقر الثلثان أنهم كثيرًا ما يشعرون بالحاجة لشيء لا يحتاجونه فعليًا.هذا في المرحلة الأولى وهي إدراك الاحتياج، أما في المرحلة الثانية للعملية الشرائية والتي تشمل جمع المعلومات عن السلعة، يقول الثلثان إنهم يجمعون المعلومات عبر السوشيال ميديا، خاصة مع اعتقاد حوالي 90% من مستخدمي التواصل الاجتماعي إنها تحتوي على “معلومات أكثر” من الإعلام التقليدي.تناقضواللافت أن هناك تناقضًا في سلوك المستهلكين في التعامل مع السوشيال ميديا، ففي الوقت الذي يجمع فيه ثلثا المستخدمين معلوماتهم عن السلع من خلالها، ترى نسبة لا تتعدى 50% أن وسائل التواصل الاجتماعي تتمتع بمصداقية في معلوماتها.ويعكس هذا وجود نسبة من المستهلكين التي تعتمد على وسائل التواصل على الرغم من عدم اعتقادها بمصداقية المعلومات التي يحصلون عليها منها، ويؤكد وجود تأثير “نفسي” أكثر منه عقلي على الكثير من المستهلكين الذين يعتمدون في قراراتهم الشرائية على وسائل التواصل الاجتماعي.واللافت أن تأثير السوشيال ميديا على القرارات الشرائية للمستهلكين لا يختلف كثيرًا بالمدد التي يقضونها عليها، فنصف المستخدمين يقضون 1-3 ساعات يوميًا، و10% أكثر من 3 ساعات، والنصف أقل من ساعة، إلا أن الفروق في التأثير على القرارات الشرائية هامشية للغاية.ويرجع هذا إلى أن التعرض في كثير من الأحيان يبقى واحدا لأفراد الفئات الثلاث، فكلهم يرون كل ما هو متاح على شبكاتهم الاجتماعية، ولكن من يقضي وقتًا أطول غالبًا ما يمضيه في نقاشات أو متابعة فيديوهات أو حتى الدردشة.وفي كل الأحوال، تشير دورية “سيكولوجي توداي” إلى ضرورة “الانتباه” إلى المثيرات التي يتعرض لها المستخدمون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بتحديد الأولويات بوضوح قبل تصفح السوشيال ميديا، وبالتأكيد ستبقى مؤثرة بطبيعة الحال لكن لن يكون تأثيرها “آنيًا”.

مشاركة :