جريمتان متناقضتان في أسبابهما، لكنهما متشابهتان في طبيعة المجني عليهما، فالأول أب وفر لابنه كل أسباب الحياة الكريمة، وألحقه بأفضل المدارس والجامعات، لكن لم يعطه من وقته ورعايته، فانتهى به الأمر إلى تعرضه للسرقة من قبل ابنه، ومواجهة كل منهما الآخر أمام قاضي التحقيق في مشهد درامي. والقضية الثانية لأم، نسيها أبناؤها الستة في أحد المستشفيات، بعد إصابتها بمرض أدى إلى بتر رجليها، فعانت الإهمال والنكران سنوات طويلة، إلى أن تذكرها أحدهم فجأة، وظنت الممرضات أن قلبه رق، وعطف على أمه، لكن تبين أنه مدمن مخدرات، وجاء ليسرق أمه، في واقعة عرضتها النيابة العامة في دبي خلال إصدارها «جريمة وعبرة». في القضية الأولى، لم يتوقع «أبوسالم» أن يكون ابنه الذي وضع فيه ثقته، وبنى عليه آماله وأحلامه، سيجلس أمامه على كرسي الاتهام، بعد ارتكابه جريمة سرقة، والمصيبة الكبرى أنه لم يسرق إلا أقرب الناس إليه، والده، الذي نظر إليه بأسى، مستفسراً عن سبب قيامه بذلك، رغم أنه لم يحرمه من شيء. الأب المصدوم وفّر لابنه كل ما يحتاج إليه مالياً، وأدخله أفضل المدارس والجامعات، وصرف عليه قدر استطاعته حتى يضمن له مستقبلاً جيداً، ويتولى مسؤولية إخوته لاحقاً، لكنه صدمه بقسوة، وجعله في حيرة بعدما خيّب آماله وأحلامه. كرر عليه السؤال: لماذا فعلت ذلك؟ وكل ما أملكه هو ملك لك، لماذا لم تطلب مني بدلاً من أن تلجأ إلى هذا الخيار وتضعني في هذا الموقف الصعب؟! الإجابة كانت أقسى مما توقع الأب، فلم ينظر إليه ابنه، ولكنه وجه كلامه إلى المحقق، قائلاً: «نعم لقد أنفق علينا ببذخ، لكنه أحب تجارته وماله أكثر منا، وبخل علينا بوقته واهتمامه»، متابعاً: «نعم لقد درست في أفضل المدارس والجامعات، لكن والدي لم يكلف نفسه طوال تلك السنوات زيارة المدرسة ليسأل عن مستوانا أو يشاركنا نجاحنا». وأضاف الشاب: «نعم كنا نسافر ونجوب العالم أنا وإخوتي للاستجمام والتنزه، لكننا لم ننعم به، بسبب انشغال والدي في اجتماعاته التي لا تنتهي، وفي النهاية يلومني الآن على أنني ورثت منه حب المال». وفي القضية الثانية، عاشت الأم «أمينة» حياة كريمة طوال 80 عاماً، إلى أن أصيبت بالتهاب أدى إلى بتر رجليها، فعاشت لمدة سبع سنوات كاملة بغرفة صغير داخل أحد المستشفيات، بعد أن قرر أبناؤها الستة أن هذا هو أفضل حل لها، وكانوا يزورونها بانتظام في البداية، لكن قلت الزيارات، حتى انقطع عنها الأبناء والأحفاد في نهاية الأمر. وتقول ممرضة تولت رعايتها، إنها ظلت تتولى شؤون «أمينة»، ونادراً ما كانت ترى الأبناء الذين انقطعوا عنها نهائياً، على الرغم من أنها لم تكن تتوقف عن السؤال عنهم، وعن أحفادها، حتى في نوبات المرض التي كانت تداهمها من الحين إلى آخر، كانت تردد أسماءهم، لدرجة أن الممرضة اتصلت بأحد أبنائها تطلب منه أن يزورها لحاجتها إلى ذلك. وأضافت أنها فوجئت ذات يوم بابنها الأصغر يسأل عنها، ففرحت كثيراً، وظنت أن قلبه رق، رغم أنها لاحظت اضطراب سلوكه، حتى جاء اليوم الذي تلقت فيها اتصالاً من النيابة العامة لاستكمال التحقيقات في قضية سرقة ممتلكات، وكانت صدمتها الكبرى حين عرفت أن المتهم في القضية هو الابن الذي تذكر أمه فجأة، والأسوأ من ذلك أن المجني عليها هي الأم ذاتها المهملة منذ سبع سنوات في المستشفى، وتبين لاحقاً أن الابن مدمن مخدرات، وأنه زار أمه للحصول على بصمتها خلال الزيارة حتى يسرق ممتلكاتها.طباعةفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :